خمس وسبعون عاما هي عمر العلاقات السعودية الإيطالية التي شهدت أمس دفعة جديدة بزيارة خادم الحرمين الشريفين لهذه الدولة التي تقع على الشاطئ الآخر للبحر المتوسط الذي يفصلها عن عالمنا العربي، وبسبب هذه العلاقة القديمة وهذا الجوار بين ضفتي المتوسط بما ينطوي عليه من حقائق تاريخية، فإن الزيارة تكتسب أهمية متزايدة يعززها الواقع الحالي للعلاقات بين دولتين تمثلان مركز أهم ديانتين في عالم اليوم..

كل تلك الاعتبارات وغيرها هي في أذهان القيادتين، وهناك حرص شديد من الجانبين على استشراف مراحل أكثر وعدا وأكثر منفعة للبلدين، ويقف حجم التبادل التجاري الكبير بين المملكة وإيطاليا دليلا على عمق التبادلات فضلا عن أنه يمثل أساسا متينا لبلوغ مراحل أعلى من التبادلات التجارية والاستثمارية، وهذا جانب يهتم به كثيرا رجال الأعمال حيث يتزامن مع الزيارة انعقاد مجلس الأعمال السعودي الإيطالي الذي تم تشكيله العام المنصرم ومن بين أهدافه البارزة إقامة شركة سعودية إيطالية تضطلع بدفع الاستثمارات في البلدين ومن شأن ذلك إحداث نقلة نوعية في هذا المجال إلى جانب الإسهام في تعميق هذه العلاقة المزدهرة..

وإلى جانب العلاقات الاقتصادية والسياسية والعسكرية والأمنية التي تحظى بقدر وافر من الاهتمام خلال الزيارة، فإن زيارة خادم الحرمين الشريفين للفاتيكان مركز الديانة المسيحية في العالم تعتبر هامة بكل المقاييس فهي الأولى لملك سعودي إلى الفاتيكان، وتأتي الزيارة في ظل ظروف عالمية بالغة الدقة فيما يتصل بالعلاقات بين الأديان، حيث تدعم المملكة بشدة الحوار بين الحضارات وتشجع على ذلك، خصوصا في ظل التطورات الدولية التي أفرزت حساسيات بين المنتمين إلى مختلف الديانات، وفي وقت تعرض فيه ديننا الإسلامي إلى هجمات جائرة بل هناك من تجرأ على شخص نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ويعبر ذلك عن أفكار مغلوطة وتصورات مبهمة لدى الجانب الآخر عن ديننا وحضاراتنا الإسلامية..

وبشكل عام فإن التواصل يفيد كثيرا في دفع مكونات هذه العلاقات إلى الأمام بالطريقة التي تؤدي إلى انتفاع الأطراف منها من خلال التفهم المتحقق من اللقاءات المباشرة فضلا عن الإرادة السياسية التي تهيئ الأرضية لانطلاقة طموحة في مختلف المجالات.