الجزيرة - عبدالله البديوي
انخفضت الأرباح الصافية لقطاع الاتصالات في المملكة العربية السعودية أكثر من 7% خلال التسعة أشهر الأولى من العام الحالي 2007، وأفصحت شركة الاتصالات السعودية وموبايلي عن نتائجها المالية للربع الثالث التي أعلنت فيها الشركتان عن تحقيق أرباح صافية بلغت 9.6 مليار ريال مقارنة بأرباح الفترة نفسها من العام الماضي والبالغة 10.4 مليار ريال، ليقف قطاع الاتصالات متكاتفا مع القطاع البنكي في مخالفة نمو أرباح السوق السعودي الذي انخفضت وتيرته هذا العام لتصل إلى 7% فقط مقارنة بنسب نمو سنوية تجاوز معدلها الـ25% خلال الأعوام الأربعة الماضية بسبب ضغط نتائج هذين القطاعين، فيما تكفل بالمحافظة على نمو أرباح السوق هذا العام قطاع الصناعة مع مساعدة واضحة من القطاع الأسمنتي.
انخفاض أرباح قطاع الاتصالات جاء على الرغم من النمو القوي في أرباح شركة اتحاد الاتصالات (موبايلي) التي قفزت أرباحها إلى 865 مليون ريال (1.73 ريال للسهم)، خلال التسعة أشهر الأولى من عام 2007م، بنسبة ارتفاع قدرها 133% عن ما تم تحقيقه لنفس الفترة من عام 2006م واستمرت الشركة في تحقيق نمو في إيراداتها وأرباحها خلال الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2007 وإن انخفضت وتيرة النمو بشكل حاد مقارنة بالعام الماضي عندما كانت الشركة لا تزال في طور النمو الكبير، وسجلت خلال الربع الثالث نموا في الإيرادات والأرباح بنسبة 5% و 2 % على التوالي مقارنة بالربع الثاني.
السبب الرئيسي في انخفاض أرباح القطاع يعود بشكل مباشر لانخفاض الأرباح الصافية لشركة الاتصالات السعودية التي تعد أكبر الشركات في المنطقة وحققت الشركة أرباحا صافية ل9 أشهر الأولى من العام الحالي بلغت 8.96 مليار ريال منخفضة بنسبة 11% عن ما تم تحقيقه في الفترة نفسها من العام الماضي والبالغة 10.1 مليار ريال ووصل العائد على سهم الشركة 4.5 ريال وإن كانت نتائج الشركة قد شهدت تحسنا طفيفا خلال الربع الثالث مقارنة بالأرباح الفصلية حيث عادت الشركة لتحقيق أرباح صافية تفوق ال 3000 مليون ريال بعد أن سجلت أرباحا دونها في الربعين الماضيين. كما سجلت الإيرادات خلال الربع الثالث تحسنا طفيفا مقارنة بالربعين السابقين.وإذا ما أردنا دراسة المسببات التي خلفت انخفاض أرباح هذا القطاع سنجد العديد من النقاط التي برزت في إفصاحات الشركتين وقوائمهما المالية، ولكن الواقع يؤكد أن جميع هذه النقاط ترجع إلى السبب الرئيسي في هذا التراجع وهو (المنافسة الحادة) التي تكفلت بانخفاض أرباح الشركة الكبرى (السعودية) وتراجع نسب النمو القوية في الشركة الحديثة نسبيا (اتحاد الاتصالات) وهو أمر ملاحظ من خلال النتائج المنخفضة على الرغم من ارتفاع الإيرادات وزيادة عدد العملاء، فعملاء شركة الاتصالات السعودية ارتفعوا هذا العام بنسبة 25% وارتفعت إيرادات الشركة بنسبة 1%، وهذا دافع رئيسي لزيادة أرباح الشركة، ولكن النتائج جاءت بشكل مغاير نظرا لزيادة المصروفات التي تضمنت المصاريف التسويقية وعروض التخفيضات التي تقدمها الشركة للمحافظة على زبائنها واستقطاب الزبائن، وهو الأمر نفسه الذي ينطبق على الشركة الثانية (موبايلي) التي انخفضت حدة وتيرة النمو في أرباحها لنفس السبب.شركات الاتصالات في السعودية بدأت بشكل جدي في البحث عن حلول لخطر المنافسة والبحث عن الإيرادات الأخرى التي تضمن حفظ وزيادة حقوق مساهميها خصوصا أن المنافسة ستزيد من اشتعالها بدءا من الموسم القادم الذي سيشهد في مطلعه دخول المشغل الجديد لخدمة الهاتف النقال (زين) وهو منافس محنك له خبرته في الأسواق العالمية بالإضافة إلى أن الشركة الجديدة مدعومة برأس مال كبير وخطط مستقبلية رصدت لها مصاريف ضخمة لوحظت من خلال البرامج التسويقية التي سبقت انضمام الشركة لهذا القطاع.
الاتصالات السعودية اتخذت من التوسع الخارجي خطة مستقبلية لنمو إيرادات الشركة في المستقبل وحلا للمنافسة المحلية التي بدأت منذ عام 2005 وستزيد خطورتها في العام القادم، وقامت الشركة باستغلال السيولة الكبيرة الموجودة لديها بإبرام صفقة تجاوزت قيمتها الـ11 مليار ريال مع شركة (ماكسيس) بموجبها تمتلك شركة الاتصالات السعودية حصة تبلغ (25%) في شركة ماكسيس (Maxis) الأم التي تعمل في أسواق ماليزيا وإندونيسيا والهند. بالإضافة إلى تملك شركة الاتصالات السعودية حصة مباشرة تبلغ (51%) في شركة إن تي سي (NTS) PT Natrindo Telepon Seluler وهي شركة الاتصالات المتنقلة في إندونيسيا، ويتوقع أن تتضح إيجابيات هذه الصفقة على نتائج الشركة المالية بدءا من الربع الأول من العام المقبل.
الشركة لم تكتفي بذلك بل قامت بخطوة أخرى نحو التوسع خارج السوق المحلي وفقا لخططها الإستراتيجية التوسعية المعلنة، وأعلنت أنها تنوي المشاركة في المزايدة العالمية لشراء حصة تبلغ 26% من رخصة الجوال الثالثة في الكويت.أما (موبايلي) فلم تقف مكتوفة الأيدي، ولم ترَ أنها بعيدة عن الخطر القادم، ولكنها لم تسلك نفس الخطة ولم تدرس فكرة التوسع الخارجي، بل إنها كرست استعداداتها للحرب القادمة بالتسلح الداخلي وقامت بخطوات لتوسعة قاعدتها في السوق المحلي وأعلنت (موبايلي) عن توقيعها مذكرة تفاهم للاستحواذ على شركة بيانات الأولى لخدمات الشبكات المحدودة (بيانات)، والمرخص لها بتقديم خدمات المعطيات في المملكة العربية السعودية بموجب قرار هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، وذلك بقيمة مليار و خمسمائة مليون ريال سعودي. وبهذا الاستحواذ الاستراتيجي تستطيع (موبايلي) تحقيق حصة سوقية أكبر وتقديم الأفضل لمشتركيها ولقطاع الأعمال في المملكة.
بالإضافة لذلك كثفت الشركة من حملاتها التسويقية التي كان آخرها إبرام الشركة عقدا تسويقيا مع نادي الهلال بلغت قيمته 200 مليون ريال إضافة إلى عدد آخر من العقود التسويقية.أما عن وضع الشركتين في سوق الأسهم السعودي فأنها تعد من الشركات الاستثمارية بطيئة الحركة وبعيدة عن عمليات المضاربة، وإن كانت شركة (الاتحاد) أكثر تذبذبا من (السعودية) وخسر مؤشر القطاع 7.5% من النقطة التي بدأ بها تداولات العام على الرغم من المكاسب التي حققها مؤشر السوق لنفس الفترة والبالغة 8.4%. وشهدت تعاملات القطاع هدوءا في السيولة المتداولة التي لم تستطع تجاوز أكثر من نسبة ال 1% من السيولة المتداولة في السوق.سهم الاتصالات السعودية يتداول اليوم عند سعر 69.75 ريال بمكرر ربح يبلغ 11.6 مرة وهو مكرر منخفض مقارنة بمكرر أرباح السوق البالغ 15.3، ويتميز سهم الشركة بالتوزيعات النقدية العالية التي يتوقع أن يصل مجموعها هذا العام ل5 ريالات.
بينما يتداول سهم شركة موبايلي عند سعر 75.5 ريالا بمكرر ربح يبلغ 29 مرة، وحقق سهم الشركة سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخه عندما استطاع في نهاية رمضان الماضي أن يتجاوز سعريا سهم الاتصالات السعودية، ولا يزال يتداول حتى اليوم فوق هذا المستوى.