* قدمت حقبة الثمانينيات الهجرية من القرن الفارط نجوماً عمالقة وحراساً كبارا كان يشار لهم بالبنان في تلك الأيام الخوالي ومن بينهم حارس أهلي الرياض (الرياض حالياً) جوهر السعيد (يرحمه الله).
* تألق مع المدرسة.. ثم رشح لتمثيل منتخب الوسطى في دورة كأس المصيف لموسم عام 86-1387هـ، ثم تلا ذلك اختياره لمنتخب المملكة الأول ومثله في لقاءات حبية باعتبار أن مشاركات الأخضر آنذاك كانت مقتصرة على هذه اللقاءات الودية.
* يعتبر السعيد (جوهر) أول حارس يمثل ثلاثة أندية شهيرة بالمنطقة الوسطى في لقاءات ودية ضد بعض الفرق الزائرة بالمملكة.. كما يعد أول حارس سعودي يحظى بشرف السلام على الملكين.. (سعود وفيصل)!
* «الجزيرة» تكشف جانباً من حياة حارس المدرسة (جوهر السعيد) الذي وافته المنية قبل أيام قلائل نتناولها عبر الأحداث التالية:
البداية بالعطايف
* بدأت علاقته بكرة القدم في الحواري وتحديداً في حي العطايف أحد الأحياء الشعبية بوسط العاصمة الرياض.. ومع فريق الحي في منتصف السبعينيات الهجرية من القرن الفائت وضم عدداً من نجوم الوسطى ومنهم فهد بن بريك وفهد بن منيف (سعدا) وصالح سليم وميرزامان.. ثم انتقل (رحمه الله) لفريق شباب الناصرية الذي ضم أبناء جلالة الملك سعود (طيب الله ثراه) وقد تزعم الفريق الأمير الراحل ماجد بن سعود حيث كان وراء انضمام (السعيد) لشباب الناصرية بعدما أقنعه بذلك مقابل مواصلة دراسته في معهد الأنجال (العاصمة حالياً).. وجاء تألقه مع شباب الناصرية ليتم اختياره كأفضل حارس على مستوى دوري المدارس خصوصاً وأن المعهد اشتهر بتقديم النجوم والمواهب أمثال مبارك الناصر وطارق التميمي وعبد الله الزرقان (كندا) ومبروك الدبلي وميرزامان وناصر بن سيف ونادر العيد وصالح العميل.
الصائغ قاده للمدرسة
* أما قصة انضمامه لفريق أهلي الرياض -الرياض حالياً- كما رواها لنا الفقيد في اللقاء التاريخي الذي نشر معه بالجزيرة بالعدد رقم 10095 الصادر في 15-2-1428هـ كانت عن طريق رائد الرياضة الأول بالمنطقة الوسطى الشيخ محمد الصائغ (رحمه الله) وبتأثير مباشر من شقيق الصائغ (أحمد) الذي كان ضمن طلاب معهد الأنجال آنذاك.. وكان أبو عبدالله يحضر للمعهد لمشاهدة دوري المدارس ولفت أنظاره بتألقه وبروزه ونجح في إقناعه بالتسجيل في الأهلي أوائل الثمانينيات الهجرية مقابل هدية قدمها الرئيس الراحل لجوهر السعيد عبارة عن ثوبين تم تفصيلها كهدية له.
الصدفة قادته للحراسة
* يقول (جوهر السعيد).. إنه لا يعرف سر عشقه للحراسة فقد لعب في بدايته الرياضية مدافعاً ثم تحول لخط الوسط.. غير أن الصدفة قادته للوقوف بين الخشبات الثلاث ووجد نفسه حارساً لمعهد الأنجال ثم لأهلي الرياض الذي نجح في تمثيله بصورة مبكرة من عمره الرياضي رغم وجود الحارس العملاق آنذاك حامد نقادي.
الهلال صنع نجوميته
* بعد انضمامه لأهلي الرياض في النصف الأول من عقد الثمانينيات الهجرية.. كانت أول مباراة مثل بها (المدرسة) ضد الهلال.. بعد إصابة حارس الفريق الأساسي (حامد نقادي) قبل المباراة ثم استدعاه للعب أمام الهلال المرصع بالنجوم آنذاك حيث شكلت تلك المباراة نقطة تحول إيجابية في حياته الرياضية واستطاع أن يفرض وجوده ويثبت أحقيته بحماية عرين المدرسة رغم وجود حارسها الكبير حامد نقادي وأصبح يتناوب معه في حماية هذا العرين وكان مدرب الفريق آنذاك السر سالم يعتمد عليه كثيراً رغم صغر سنه وكان وراء بروزه المبكر.
شرف تاريخي
* وجاء تألقه مع مدرسة الوسطى فتم استدعاؤه لتمثيل منتخب الوسطى في دورة كأس المصيف لمنتخبات المناطق بالطائف عام 86-1387هـ وبعد بروزه القوي اختير لتمثيل منتخب المملكة الأول حيث كانت مشاركات الأخضر مقتصرة على إقامة لقاءات ودية وحبية لكنه نجم في حمل الصفة الرسمية ثلاثة أعوام متتالية.
* فبعد فوز المنتخب الوطني على شقيقه المنتخب التونسي في اللقاء الودي عام 1387هـ في ملعب الصائغ بالرياض 4-صفر وكان (جوهر) أحد نجوم تلك المباراة وتشرفت بعثة المنتخب بالسلام على جلالة الملك فيصل (رحمه الله) ليصبح أول حارس دولي يحظى بالسلام على الفيصل.
* تلقى السعيد عدداً من العروض بعد تفوقه أمام تونس من أندية الهلال والنصر وأهلي جدة حيث عرض عليه رائد الرياض مبلغاً كبيراً مقابل ضمه للقلعة لكنه فضل البقاء في المدرسة لما قدمه له أبو عبدالله الصائغ من مواقف كثيرة ودعمه كثيراً في مسيرته الرياضية.
حقبة النجوم
* لم يكن السعيد (جوهر).. حارساً عادياً بل كان نجماً ينتمي إلى فصائل الحراس العمالقة في تلك الحقبة التي أطلق عليها لقب (حقبة النجوم).. وتحديداً في مركز حراسة المرمى حيث قدمت حراس عمالقة أمثال ياسين صالح وتركي بافرط وأحمد عيد وطارق التميمي وحامد نقادي وسوا وجوهر السعيد بالطبع.. الذي اشتهر بقدراته الفنية العالية وإمكاناته البارعة فضلاً عن سلوكه الرياضي الحميد وأمام ذلك رشحه الأمير خالد الفيصل (مدير رعاية الشباب آنذاك) لتمثيل أندية الهلال والنصر والشباب ضد بعض الفرق الزائرة للمملكة في لقاءات حبية وودية وكان (يرحمه الله) كعادته نجماً لامعاً في تلك المواجهات الحبية.
جوهر الطائر
* وجاء يزوره في تلك الحقبة لينال عدة ألقاب ولعل أشهرها (جوهر الطائر) والحارس المثالي.. واللقب الأخير تميز به لأخلاقه العالية وسلوكه الرياضي الرفيع.. وكان رائد الحركة الرياضية بالمنطقة الوسطى الشيخ محمد الصائغ.. والذي تزعم المدرسة آنذاك كان يقدره كثيراً ويضرب به المثل في انضباطه وإخلاصه وعشقه الكبير لمدرسة الوسطى ويكفي أنه مثل ناديه قرابة عشرة أعوام دون أن ينال أي بطاقة ملونة مدركاً في هذا الجانب أن السلوك الرياضي الحميد هو نجومية اللاعب الحقيقية قبل كل شيء.
الملك سعود
* من الأشياء الجميلة في حياته الرياضية يقول عندما تسلمت شهادة الكفاءة المتوسطة عام 78-1379هـ من يدي جلالة الملك سعود (رحمه الله) في معهد الأنجال حيث أسدى إليه جلالته توجيهاته الأبوية وحثه على مواصلة العلم والمعرفة ويضيف (يرحمه الله) أن تلك الكلمات يعتز بها كثيراً وتمثل مصدر فخر واعتزاز كونها جاءت من الوالد الراحل الملك سعود (طيب الله ثراه).
10 أعوام كفاية
* استمر في الملاعب حتى عام 1392هـ حيث ترك الكرة بعد عشرة أعوام ونيف من الركض المتواصل وعقب اعتزاله خاض تجربة جديدة في مضمار التحكيم وذلك بتأثير قوي ومباشر من حكم دولي سابق واستمر في ميدانه ثلاثة أعوام بيد أن ظروفه العملية المتمثلة في انتقال وظيفته بوزارة الداخلية إلى القصيم كان سبباً مباشراً في توقف عطاءه في هذا المجال.
وأخيراً بقي حب جوهر السعيد لمدرسة الوسطى تزداد يوماً بعد يوم حتى بعد اعتزاله.. فتواصله المستمر ومتابعته أحوال ناديه يؤكد مدى العشق الأزلي لمدرسة الوسطى التي قضى فيها أحلى أيامه وأسعد لحظاته أن تلك الأيام الخوالي التي قدمت لنا جيلاً ذهبياً لأهل الرياض لا يمكن أن يتكرر يتقدمهم الأسطورة مبارك الناصر وناصر بن سيف وطارق التميمي وحامد نقادي وأبناء المطرف وعبود الرويجح وعلي حمزة وبقية الأسماء الرنانة التي كانت تعج بهم الخارطة الحمراء في تلك الحقبة.