«الجزيرة» - منيرة المشخص
مستوى دعم القطاع الخاص للمشاريع الوطنية هل يعتبر في مستوى الإمكانيات والتطور الذي تعيشه المملكة والمشاريع التنموية التي تقام تواكباً مع هذا التطور. وهل بالفعل رجال الأعمال اقتصر حضور أغلبهم على عضوية الجمعيات الخيرية فقط؟
العديد من الأسئلة قابلها العديد من الإجابات والتفنيدات من قبل عدد من رجال الأعمال وخرجنا منهم بهذه الآراء.
بداية تحدث لنا عبد الله بن سليمان المقيرن مستشار مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بالرياض والمشرف العام على إدارة خدمة المجتمع بالغرفة، حيث أبدى ملاحظة على عنوان التحقيق بقولة: بداية وقبل أن أبدأ بالرد على أسئلتكم أود أن أبدي ملاحظة على اختياركم لعنوان التحقيق الذي أنتم بصدده ألا وهو (غياب دعم القطاع الخاص للمشاريع الوطنية..
قصري أم اختياري؟)، حيث إن الواقع يشهد بأن القطاع الخاص لم يتخلف عن أداء دوره الوطني، بل أسهم إسهامات في مختلف مناطق المملكة، وفي قطاعات عديدة تخدم المواطنين. ويشهد بذلك العديد من المشاريع التي تصدى لها رجال الأعمال وشركات القطاع الخاص لبنائها، لتقدم خدمة للمجتمع والوطن، إيماناً من رجال الأعمال والقطاع الخاص بالواجب الوطني الذي يتوجب عليهم القيام به عرفاناً للمجتمع واعترافاً بفضله عليهم، وإيماناً بالقيم الدينية التي يتمسك بها رجال الأعمال وتأكيداً لمفهوم التكافل والتراحم الاجتماعي الذي حثّ عليها ديننا الإسلامي الحنيف، وكان من أهم السمات التي ميزت مجتمعنا السعودي العربي المسلم.
ويضيف المقيرن قائلاً: ولعلنا نشير في هذا المقام إلى أن رجال الأعمال مطالبون ببذل المزيد والمزيد من البرامج والمشاريع التي تخدم المجتمع وترعى الفئات المحتاجة، وهذا قول نقبل به ونشجعه، ولكن ليس من الإنصاف أبداً أن نتحدث عن غياب دعم القطاع الخاص على الرغم من وجود الدعم الحكومي والواضح للقطاع الخاص والمتمثل في رجال وسيدات الأعمال، إلا أن الأخير لا توجد له أي بصمة واضحة من خلال المشاركة الفعّالة في دعم المشاريع الوطنية وخاصة المرافق والخدمات العامة.
الدعم والتشجيع الحكومي للقطاع الخاص قائم وملموس فالقطاع الخاص هو قطاع وطني وجزء من الاقتصاد الوطني ونهوضه وقوته نهوض وقوة للمجتمع، هذا لا خلاف عليه، ولكن ما أختلف معكم فيه هو قولكم بغياب بصمة القطاع الخاص عن المشاركة الفعّالة في دعم المشاريع الوطنية فهناك العديد من المشاريع الخدمية والخيرية التي أنشأها رجال أعمال على نفقتهم الخاصة كأعمال خيرية وصدقة جارية أرادوا بها وجه الله سبحانه ورضاه ولتكون رصيداً لهم في الآخرة، وهناك مشاريع عديدة لا يعلن عنها أصحابها ورفضوا الإفصاح عن أسمائهم لأنهم أرادوا أن تكون حسنة مخفية يبتغون بها وجه الله سبحانه وحده.
ولعلني استشهد بجائزة خدمة المجتمع التي تمنحها الغرفة التجارية الصناعية بالرياض لرجال الأعمال ومؤسسات القطاع الخاص نظير تميزهم في الأعمال الإنسانية والاجتماعية في العديد من المجالات وكوني نائب رئيس لجنة الجائزة وعلى علم تام بالمشاريع التي تنافست على الفوز بالجائزة خلال الدورة الأولى وفي خمسة فروع فقط تجاوزت الملياري ريال, ولعلنا نرى يومياً مساهمات القطاع الخاص في المشاريع الوطنية والتنموية.
وينفي المقيرن من يظن أن دور أغلب رجال الأعمال لا وجود له سوى في عضوية الجمعيات الخيري فقط وذلك بقوله: أؤكد لك أن رجال الأعمال لم تقتصر مشاركتهم الخيرية على عضوية الجمعيات الخيرية، وحتى هذه العضوية يترتب عليها المساهمة المادية التي تعين الجمعيات على القيام بواجباتها وتنمية مواردها التي تنفق منها على برامجها ومشاريعها الخيرية وهذه مساهمات ومشاركات رجال الأعمال في البرامج الخيرية الواسعة في المجتمع، ولا مانع من أن نطالب بالمزيد ونشجع رجال الأعمال على القيام بمشاريع خيرة لخدمة المجتمع. وحول الموضوع ذاته فقد اتفق رجل الأعمال خالد بن عبد الله أبو نيان مع ما جاء به المقيرن بأن للقطاع الخاص حضوراً فعّالاً وقوياً في دعم المشاريع الوطنية وذلك بقوله: إنني أختلف مع وجهة النظر التي تقول إن القطاع الخاص غائب أو مغيب. وإنما الواقع هو أن القطاع الخاص له حضور قوي في دعم البرامج الوطنية وخاصة الخيرية منها.
ويرى أبو نيان أن هناك افتقاداً لدى السعوديين لآلية العمل الجماعي، حيث قال: ولكن أعتقد أن المشكلة الكبرى تكمن في أننا كسعوديين نفتقد لآلية العمل الجماعي المشترك في مجالات كثيرة وهذا يعود إلى ثقافتنا الاجتماعية وإلى غياب إرساء ثقافة المؤسسات في المجتمع. لذا هناك ميول كبيرة إلى المبادرة الفردية والجهود الذاتية والتي للأسف الشديد تؤدي إلى تشتيت الجهود والموارد البشرية والمالية وبالتالي تدني المحصلة النهائية.
ويوضح خالد هنا سبب ذلك بأن قال: وقد يتراءى لبعض فئات المجتمع أن ذلك يعود إلى عدم الثقة أو العزوف عن المساهمة الاجتماعية والوطنية ولكن في الواقع أن المجتمع السعودي سواءً على مستوى الأفراد أو رجال الأعمال في القطاع الخاص من أكثر المجتمعات في العالم استعداداً للمساهمة المادية والمعنوية ولكن للأسف فإننا نفتقد إلى الآلية والتنظيم بما في ذلك الأنظمة والتشريعات على مستوى الحكومة.
وحول ما إذا كان بالفعل اقتصار حضور رجال الأعمال على عضوية الجمعيات الخيرية أوضح أبو نيان عدم صحة ذلك، حيث قال: القطاع الخاص يزخر بمبادرات وجهود خيرية مباركة كثيرة منها ما يعلن ومنها ما يتم في الخفاء، وأكبر مثال على ذلك صندوق عبد اللطيف جميل للأعمال الخيرية ومبادرات كثيرة من رجال أعمال لا أستطيع لضيق الوقت حصرهم ولدي اطلاع شخصي على مبادرات كثيرة يقوم بها كثيرون من رجال الأعمال تشمل حفر آبار المياه وتأمين التعليم والرعاية الصحية لكثير من المواطنين السعوديين وغير السعوديين الذي يقعون في دائرة الفقر. وشملت هذه المبادرات جميع القرى والمدن السعودية.
وعلى الرغم من أن رجل الأعمال تركي بن فيصل الرشيد يرفض وكما رفض من سبقه الحديث بأن هناك غياباً لدعم القطاع الخاص للمشاريع إلا أنه يرى أنه مغيب إعلامياً إلى حد كبير، حيث وجه اللوم إلى وسائل الإعلام بأنها المسؤول الأول في تغييب دور القطاع الخاص إعلامياً, عن دعم أي مشروع في البلد. وأضاف قائلاً: من وجهة نظري أن رجال الأعمال السعوديين يعتبرون داعمين رئيسيين للمشاريع التنموية في البلد ولكنها تغيب عمداً بحجج غير مقنعه فمثلاً كثير ما نسمع أو نشاهد من خلال وسائل الإعلام أنه تم التوقيع مع مؤسسة أو شركة قطاع خاص سعودية استطاعت الحصول على مناقصة إنشاء مشروع وطني قد رسا عليها ولكن نفاجأ بعدم الإشارة إلى اسمها بحجة أنها غير معلنة مع أنهم في الوقت ذاته نجدهم يذكرون اسم شركة أجنبية خاصة غير العربية حتى لو لم تكن معلنه وقد لا يكون الخبر له علاقة باقتصادنا داخل البلد أي أن التطرق لذكر اسمها لا يعني كثير من المتابعين بعكس فيما لو كانت منشأة وطنية ستساهم في النمو الاقتصادي الوطني. ويضيف قائلاً: وحول اقتصار حضورهم كرجال أعمال على عضوية الجمعيات الخيرية أشار الرشيد خلال حديثه إلى عدم صحة ذلك، حيث قال: لا أحد ينكر حرص الكثير من رجال الأعمال على دعم تلك الجمعيات بدافع حب الخير ومرضاة الله ولكن وللأسف الشديد أنه حتى في دعم تلك الجمعيات نحن مغيبون، فمثلاً إذا تبرع رجل أعمال بمبلغ ضخم قد يصل إلى الملايين نجد اسمه في آخر القائمة عندما تقوم صحيفة ما بنشر أسماء المتبرعين ولكن في الوقت ذاته إنه في حالة كان أحد المقربين لها وأعني الجريدة أو أنه أحد وجهاء البلد ولا أبالغ إذا قلت قد يكون غير سعودي ويتبرع بمبلغ يقل بكثير عنه نجد أن تلك الصحيفة تطبل له وتمتدحه خاصة إذا كان للإعلامي علاقة به أو يرجو من ورائه مصلحة.