من المؤكد - بإذن الله - أن تنجح جولة خادم الحرمين الشريفين الأوروبية بكل المقاييس، وذلك لما عُرف عن الملك عبد الله من شفافية وصراحة في طرح الموضوعات، وهي من الصفات التي دفعت ساسة الدول إلى احترامه والحرص على دعوته لزيارة بلدانهم.
ومن هذه الدعوات دعوة الملكة البريطانية إليزابيث الثانية لخادم الحرمين الشريفين لزيارة بريطانيا التي تحمل في طياتها دلالات سياسية واضحة تؤكد عمق العلاقات السعودية البريطانية التي تعود إلى اللقاء التاريخي الذي عقد بين الملك عبد العزيز - رحمه الله - ورئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل في عام 1954م. ومنذ ذلك الوقت والعلاقات بين البلدين الصديقين في تطور مستمر.
وتحمل هذه الزيارة خصوصية؛ كونها الزيارة الأولى للملك عبد الله لبريطانيا بعد تنصيبه ملكاً. وكما ذكر آنفاً عُرف عن الملك عبد الله صراحته في طرح الموضوعات، وقدرته على الإقناع، خصوصاً فيما له صلة بالقضايا العربية والإسلامية. ولذلك أكد وبكل صراحة في لقائه مع هيئة الإذاعة البريطانية على عدة نقاط مهمة؛ فقد شدَّد على أن مؤتمر الخريف مصيره الفشل إذا لم يُخطَّط له جيداً ولم يتناول بجدية المسائل التي تهم الفلسطينيين والعرب والمسلمين.
وهنا يؤكد الملك دون مواربةٍ أو تردد الحقوق العربية والإسلامية، ولا سيما أن الملك أكد أننا نحن العرب والمسلمين لا نسمي ما يمكن أن تقدِّمه إسرائيل تنازلات منها، وإنما هي حقوقنا التي لن نتنازل عنها وسنطالب بها حتى الحصول عليها.
وفيما يتعلق بالإرهاب لم يهوِّن الملك من هذه الظاهرة، وقال: إن مكافحتها بحاجة إلى عشرين أو ثلاثين سنة. وعلى الرغم من موافقة الدول على اقتراحه بإنشاء مركز عالمي لمكافحة الإرهاب يتلقى المعلومات حول هذه الظاهرة إلا أنهم لم ينفذوا شيئاً، الأمر الذي يحتّم على جميع الدول التحرك من أجل تفعيل هذا المركز؛ لأن الإرهاب أصاب العالم أجمع ولم يقتصر على دولة بذاتها، ومنها بريطانيا التي قال عنها الملك: إنها تلقت رسالة من المملكة قبل أول حادث إرهاب، إلا أن بريطانيا لم تأخذ بها وحدث فيها ما حدث. ومما يؤكد صراحة الملك عبد الله عند مناقشته الموضوعات قوله في ختام اللقاء: (استبعدت بعض الموضوعات؛ لأنني لا أريد أن أتحدث إلا بالصدق والوضوح).