Al Jazirah NewsPaper Saturday  27/10/2007 G Issue 12812
الاقتصادية
السبت 16 شوال 1428   العدد  12812
رؤية إقتصادية
الاقتصاد (السمين)!
د. سالم القظيع

يقول الأطباء أن أولئك الذين يعانون من السمنة هم أكثر عرضة لأمراض ضغط الدم والكولسترول وأمراض القلب أكثر من غيرهم. والاقتصاد (كما الإنسان) يصبح عرضة (للأمراض الاقتصادية) عندما تنتابه عوارض (السمنة الاقتصادية)! وكون الإنسان بحاجة إلى أن يمارس نمط حياة أكثر (نشاطاً) عندما تزداد كميات الطعام التي يأكلها إضافة إلى أهمية تجنب الممارسات غير الصحية، فإن الأمر نفسه يسري على الاقتصاد!

بالرغم من أن الاقتصاد السعودي تظهر عليه آثار العافية، إلا أن هناك أمراضاً تستشري في الجسد الاقتصادي بصورة بطيئة، وهي أمراض ذات عواقب وخيمة في المدى المتوسط والبعيد. ومن أبرز أعراض (السمنة الاقتصادية) حالة الارتفاع المطرد في الأسعار (وبعبارة أخرى التضخم). فقد طاول الحديث عن ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية والإيجارات الحديث عن أحوال سوق الأسهم في المجالس السعودية. أما عن نشوء هذه الظاهرة فقد أتت نتيجة دخول كميات هائلة من الأموال إلى الجسد الاقتصادي خلال السنوات القليلة الماضية، دون أن يقابلها المستوى الكافي من (النشاط) الاقتصادي، في ظل وجود عدد من الممارسات غير الصحية (كحالة الجشع التي انتابت بعض التجار وأصحاب العقار).

إن المصدر الأبرز لهذه الأموال يأتي من ارتفاع إيرادات المملكة من مبيعات النفط، حيث ارتفعت هذه الإيرادات بحوالي 162% بين عامي 2003 و 2006 كما أنها مرجحة للزيادة خلال السنوات القليلة القادمة. حيث حققت المملكة حوالي 231 مليار ريال من مبيعات النفط في عام 2003م، بينما حققت حوالي 605 مليار ريال في عام 2006م. بينما لم يسجل النشاط الاقتصادي وخاصة (غير النفطي) زيادة توازي الزيادة في الأموال التي نفذت إلى الجسد الاقتصادي بالرغم من الفترة الكافية لذلك. وهذا بدوره قد يؤدي إلى تخمة اقتصادية كان من أبرز عوارضها حالة التضخم التي أصابت الأسعار لا سيما في ظل وجود بعض الممارسات غير الصحية كالغش التجاري وغيره.

بطبيعة الحال، فإن التصميم على توسيع دائرة النشاط الاقتصادي كان وما زال منهجاً لدى الدولة وهذا الأمر واضحٌ للعيان في منهج خادم الحرمين الشريفين، ولا أدل على ذلك من المدن الاقتصادية والمشاريع العملاقة الأخرى التي تواكبت مع تزايد وتيرة العوائد النفطية والهادفة إلى تحسين البنية الاقتصادية. فإذا كان المنهج موجوداً، فأين تكمن المعضلة إذاً؟

يبدو أن جوهر المشكلة يتمحور حول ضعف الإدارة (أو المنهج الإداري) في عدد من الوزارات والمؤسسات الحكومية (أو تباطئها) لمواكبة المنهج الطموح لخادم الحرمين الشريفين، إضافة إلى مبالغتها في التروي وإصرارها على الممارسات البيروقراطية البائدة. طبعاً هذه الإدارة كانت وما زالت محل نقد الجميع، غير أن الأمر الآن بدأ يأخذ منحىً خطيراً، فها هو الاقتصاد السعودي ومستوى معيشة المواطن يرزحان الآن تحت رحمة التضخم الذي من المتوقع أن يحقق أرقاماً أشد (إيذاءً) خلال السنوات القادمة. والخوف أن يتطور الأمر لأمراض أخطر لا سيما في ظل وجود شبح البطالة، وتدني معدلات المشاركة في سوق العمل. فهل آن لهذه الإدارة أن تسعى إلى تنشيط الاقتصاد قبل أن يصبح أثقل من أن يتحرك؟

استشاري اقتصادي


algudhea@yahoo.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد