في المحيط العربي الواسع، تزداد الحاجة لتنشيط آليات التلاقي والتواصل لجملة من الأسباب، يتقدّمها بلا أدنى شك الأمن، في وقت باتت فيه معظم أنحاء الوطن العربي نهباً للصراعات والاستهدافات، سواء بسبب الحروب أو عمليات الإرهاب أو الصراعات الداخلية، وفي منطقتنا الخليجية تحديداً، فإنّ الأحداث في العراق وإفرازاتها العديدة، تستوجب قدراً كبيراً من اليقظة التي لن تتأتّي إلاّ في ظلِّ متابعة لصيقة ومشاورات مستمرة ...
بالطّبع هناك الأمور الأخرى ذات الصلة بحاضر ومستقبل الوجود العربي في عالم سريع التغيير، وفي ظلِّ تطوُّرات تطول كافة المجالات من اقتصادية وعلمية وثقافية؛ وحضارية بشكل عام، وغني عن القول التباعد الكبير بين الأهداف والطموحات من جانب، وما هو حادث على أرض الواقع في المنطقة العربية التي تتأخر كثيراً في سلَّم التطوُّر والتنمية عن الكتل الدولية الأخرى ..
كانت صيغة مجلس التعاون الخليجي، وستظل، هي الصيغة الأقرب والأجدى للتعامل مع شؤون منطقة تتشابه دولها من جهة البناء السياسي والاقتصادي والتركيبة الاجتماعية، وتشكِّل ضمن المحيط العربي خصوصية متفرّدة، وفقاً لتلك التماثلات في كافة البنى، لكن دون أن تتباعد بهذه الصيغة عن هويّتها ومحيطها العربي، بل هي الأكثر فاعلية ضمن هذا الفضاء العربي الواسع بمبادراتها وتحرُّكاتها في شؤون المنطقة، بما حقق لها دوراً قيادياً في الكثير من الأحيان..
وضمن هذه الصيغة، تتوفّر معطيات الحركة والتعاون والتعاطي مع مختلف الشؤون الخاصة وتلك العامة العربية ومع الشأن الدولي بشكل عام..
ضمن هذه الصيغة أيضاً تنفتح وباستمرار، مجالات التلاقي بين الأشقاء لمناقشة مختلف الشؤون، وهي في منطقتنا الخليجية والعربية شؤون تستوجب استنفاراً طوال الوقت، بسبب المشاكل المستفحلة والتوقُّعات غير المحسوبة المرتقبة من تلك المشاكل والمصاعب..
إزاء ذلك، ولما للمملكة والكويت من دور قيادي، فإنّ هذه الزيارة التي يقوم بها سمو ولي العهد إلى الكويت هي ترسيخ لمبدأ التواصل والتنسيق، حيث تستهدف الزيارة تبادل الرؤى بما يجنب المنطقة الأخطار المحيطة بها..
فالبلدان يتوفران على كلِّ مقومات العلاقة الوطيدة التي تزداد ثراءً ونماءً مع مرور الوقت، فهي تستمد قوّتها من تاريخ حافل بالعمل المشترك والتعاون والتعاضد. وعن هذه العلاقات قال سمو ولي العهد وهو يستهل زيارته للكويت، إنّ البلدين تجمع بينهما علاقات وثيقة وصلات راسخة وتاريخ مشترك صنعه الآباء والأجداد وحافظ عليه الأبناء فيما بعد..
وتمثِّل هذه العلاقة بشكل عام نموذجاً ينبغي أن يحتذى في العالم العربي، حيث أثبتت وقائع التاريخ البعيد والقريب كيف استفاد البلدان من هكذا علاقة نموذجية، استطاعا من خلالها تجاوز مختلف المصاعب بروح الأخوة والعمل المشترك ونكران الذات، والوقوف الصلب مع بعضهما البعض متى تطلّب الأمر ذلك..
هذه العلاقة تتغذّى وتتقوّى على الدوام بهذا الحرص الشديد من قِبل قيادتي البلدين على المضي بها قُدُماً بما يحقق أماني وتطلُّعات القيادتين والشعبين، وهي كما أثبتت دائماً حيويتها وقوّتها، فإنّها سوف تكون باستمرار خير عون للمملكة والكويت، وهما يستشرفان مستقبلاً مشرقاً بإذن الله..
*****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244