Al Jazirah NewsPaper Friday  26/10/2007 G Issue 12811
محليــات
الجمعة 15 شوال 1428   العدد  12811
لما هو آتٍ
ورشة إنقاذ
د. خيرية إبراهيم السقاف

كلّ الذي نسمع ونرى لما وفيما حولنا أن الناس مشغولون في ورش عمل: ورشة تطوير، ورشة تدريب، ورشة إنجاز، ورشة تحديث، ووو...

وكما نشاهد فإن الناس تركض... تركض...

حتى أصبحنا لا نصل مواقع اتجاهنا إلا بعد الموعد لازدحام الطرق... وبات علينا أن نسبق الوقت بزمن كي لا نتأخر...

تشغلنا مستجدات ما حولنا ومتغيرات ما نحن فيه... ووراء كل ذلك ورش عمل... واجتماعات نقاش...

الجميل في الأمر أن الناس في سعادة يبذلون جهودهم وأوقاتهم من أجل مواكبة التطوير والتحديث الشامل على المستوى الفردي والجمعي...

ولأن البيوت داخلتها متغيرات كثيرة في أبنيتها الأساس، وتحديداً في نظام علاقات أفرادها بين بعضهم... وتحديداً مع الطفرات المادية وتداخل المستجدات الخارجية على نمط تفكير الفرد، ومن ثم معاشه... وهما اللذان مسّا نظام الأسر فذهبت تتفكك العلائق في داخلها... حيث داهمها من الخدوش ما صدع نمط هذه العلاقات...

ولم يعُدْ أفراد الأسرة يلتقون على طبق إلا بعد موعد... ولا على فكرة إلا بعد جهد... وذهب الرجل في منأى عن والديه وزوجه وإخوته...

واستعاضت المرأة بزميلاتها عن أفراد بيتها...

وتشتت الأبناء بين المربيات والصحب...

والآن امتزج بكل فرد (أخطبوط) الوسائل الحديثة...

مما أثر كثيراً... بل بالغاً في العلاقات الداخلية للأسرة...

وكأن السقف الذي يظلهم نياماً ليس غير بيت عنكبوت يتلاشى مع ريح الحركة والشتات الأسري المخيف...

ولأن هذا هو حال الأسر فمن يقترح إقامة ورشات داخل بيته ليُعاد ترتيب الأوليات فيه ووضعها في ميزان الرعاية والمسؤولية؟

وتمتد هذه الورشة لتضع الأهل والأقرباء والجيران في قائمة العمل...

إذ أخشى أن تتحول الفرحة بالنجاحات في الأعمال خارج قوام الأسرة وتعاضد أفرادها وحميمية قربهم من بعضهم إلى حزن كبير حين يتحقق ذلك النجاح على رفات الأسرة حين يفيق المرء وقد انهار بيته وذهب كلّ إلى غايته:

تموت الأم وهي في كمد وحزن، ويضعف الأب وهو في توحُّد وغربة... ويضيع الزوج وهو في انشغال ووهم، وتغيب الزوجة في قهر وكمد، ويتشتت الأبناء في فراغ وتيه... ويتحسر القريب حين ينفرط العقد بين يدي الجميع...

إن الحرية الشخصية في الانغماس الكلي في حياة يستقلّ فيها أفراد الأسر عن بعضهم ليست حرية، ولن تكون لها نتائج إيجابية... وتبعد تماماً عما أوصى به الشرع في أمر: (كلُّكم راعٍ...)...

بل هي تفريط في نعم الله تعالى لن يدركها المرء إلا بعد زوالها...

فهل يضيف الناجحون خارج بيوتهم والراكضون للنجاح هناك ورش عمل داخل بيوتهم لاستعادة الأواصر ورعاية النعم قبل زوالها بأي شكل يكون عليه الزوال...؟



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5852 ثم إلى الكود 82244

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد