د. حسن الشقطي
استكمل مؤشر السوق هذا الأسبوع مساره الصاعد الذي بدأه خلال الأيام القليلة السابقة لعيد الفطر مباشرة، حيث صعد المؤشر من مستوى 7912.45 إلى مستوى 8209.23 ليربح نحو 297 نقطة. وعليه، يكون نطاق المؤشر منذ بداية العام هو ما بين 6862 إلى 8783 نقطة، ويعتبر هذا النطاق مهماً جداً للتعرف على الحدود التي تحرك فيها المؤشر منذ بداية العام، وبالتالي بناء تصورات منطقية وواقعية حول مساره في الأيام المقبلة.. فالكثير من المستثمرين يثيرون جدلاً واسعاً مع كل صعود، وبخاصة مع تلك المسارات التي تخترق مستوى الـ8000 نقطة، بأن المؤشر في طريقه إلى نقاط وقمم قد لا تكون منطقية بالمرة.. الأمر الذي يتسبب في التغرير بفئات وشرائح واسعة من المستثمرين، وبخاصة من صغارهم الذين يقعون فريسة في شباك هؤلاء المتعمدين إشاعة التفاؤل المفرط.. لذلك نسعى في هذا التقرير إلى دراسة حدود النطاق السنوي للمؤشر بهدف استقراء تحركاته في بقية عام 2007م تحت اعتبارين: الأول أن التاريخ يعيد نفسه في السوق (وهنا نتحدث عن التاريخ القريب)، والثاني أن تحركات المؤشر باتت تسلك مسارات اعتيادية وليست مسارات انفلاتية.
ومن جانب آخر، فقد لُوحظ أن المؤشر قد أبدى قوة في الصعود في ظل شائعات عن نتائج أعمال الشركات، وبخاصة القيادية منها (سابك تحديداً)، في حين خمد هذا الصعود وانعكس عند صدور أخبارها الفعلية، فهل في كل مرة يتأثر المتداولون بالشائعات؟ وهل يمكن أن يلدغ المرء من ذات المكان مرات ومرات؟
ومن جانب ثالث، فإن إطلاق النظام الجديد لتداول يعتبر من أكثر الأمور أهمية خلال هذا العام فيما يخصّ سوق الأسهم، وقد نال هذا الأمر القدر الكافي من الدعاية؛ نظراً إلى توقع أن يكون له تأثيرات واسعة على السوق وعملية التداول، ولكننا نتساءل: ما الإضافات التي قدّمها هذا النظام الجديد الآن فيما يخصّ المعلومات عن السوق؟ هل فعلاً يساعد على تطور التحليل المالي للشركات؟ هل فعلاً رفع من مستويات الشفافية المعلوماتية التي تعطي الصورة الجلية عن السوق وتعاملاته؟
السوق يربح 297 نقطة
أغلق المؤشر هذا الأسبوع عند 8209 نقاط رابحاً نحو 297 نقطة أو ما يعادل نسبة 3.75%، وهو مكسب جديد بإضافته إلى مكاسبه خلال الخمسة أيام السابقة مباشرةً لعيد الفطر يصبح المؤشر رابحاً نحو 512 نقطة أو نسبة 6.7%، وهي تمثل مستوى ربحية مرتفعاً على مستوى هذا العام. وهو الأمر الذي يشير إلى إيجابية السوق ووضعه الاستقراري الجيد.. ولكن هل سيستمر ذلك؟ وإلى متى؟
مقاومة (سابك) وأنفاس السوق
إن الضغوط الكبيرة التي تظهر على المؤشر من خلال الضغط على الأسهم القيادية الرئيسة أمر ليس خافياً على أحد، وربما يعتبر سهم سابك خير مثال على ذلك؛ فمتداولو السهم يصبحون كماسكي الجمر عندما يتداولونه؛ فالشائعات تحركه أكثر مما تحركه الأخبار المؤكدة، وكل متداول يسعى للبيع قبل الآخر، والجميع يعلم أنه لا أمل في تحريك سعر السهم إلا في ظل شائعات النتائج الربعية أو شائعات عن أخبار مصيرية للشركة، وأن بعد صدور المعلومات المؤكدة عنها فإن الاحتمال الأكبر أن يعود السهم إلى مستوى مقاومته السابقة.. لماذا كل ذلك؟ لماذا أصبح المتداولون في السهم مقتنعين بأن السهم غير حرّ، وأنه مهما حدث فالسهم سائر في طريق معين؟ فهل المقصود السهم أم المؤشر؟
جني أرباح أم مغادرة السوق؟
ليس من السهولة تفسير حالة الجني السريع للأرباح التي باتت تهدّد وتؤرّق جبين المتداولين عند كل صعود، لدرجة أن الصعود - على رغم الفرح به - فإن مخاوف السقوط السريع (ليس خلال أيام، ولكن خلال اليوم التالي) أصبحت هاجساً يخيف المتداولين ويفقدهم بهجة كل صعود.. فلماذا هذا التسارع على جني الأرباح ما دام الجميع متفقين وراغبين على مزيد من الصعود؟ بالطبع لأن أطرافاً أخرى لن تمهلهم كثيراً، والخارج من السوق أولاً هو الفائز.. ولكن هل هو جني أرباح فعلاً أم خروج ومغادرة للسوق لمحافظ استثمارية معينة باتت تحترف هذه العملية الخاطفة؟ ولسوء الحظ فإن هذه المحافظ ليست من ذوات الحجم الصغير غير المؤثر.
فترة الاختبار الحقيقي للسوق
ينبغي معرفة أن فترات التداول في كامل شهر رمضان، وأيضاً خلال الأسبوع الأول بعد عيد الفطر، تعتبر فترات استثنائية وذات طبيعة خاصة، ولا يعوَّل عليها كثيراً في تحديد مسار مؤشر السوق؛ أي أنها لا تمثِّل معياراً واقعياً لتحديد مساره الحقيقي.. وعليه، فإن فترة الاختبار الحقيقي للمؤشر هي الأيام المقبلة، وبخاصة مع بدء مسار الاكتتابات في السوق.. إن تماسكت السيولة وانتظمت حركة التداول بدون ضعف أو وهن ربما تكون إشارة حقيقية لتماسك مسار صاعد، حتى وإن كان أفقياً إلى حدّ ما.
سياسة تبادل الأدوار في القياديات.. عشوائية أم مفتعلة؟
من الجميل أن تقود الأسهم الاستثمارية السوق، ومن المحبّذ أن تلعب هذه الأسهم الأدوار المنوطة بها في قيادة المؤشر والتعبير عن كامل سوق الأسهم المحلي.. إلا أن الأمر المستغرب هو عدم معرفة أو إيجاد مبررات منطقية لتحركات هذه الأسهم سواء أكانت هبوطاً أم صعوداً.. فيوم السبت صعدت سابك بنسبة 3.7%، وأربحت المؤشر 2.55%.. ثم يوم الأحد قاد سهم الاتصالات المسيرة ليحفظ المؤشر من جني أرباح كان يمكن أن يكون قاسياً.. تلاه يوم الاثنين سهم كيان الذي ساهم في تحريك وإنعاش حركة التداول عندما ربح السهم 5.9%.. ثم يوم الثلاثاء بدأت مجموعة من القياديات في مساندة السوق، ولكن بشكل كان من الواضح أنه ليس صعودياً بالكامل، وتمثلت هذه القياديات في الكهرباء والاتصالات وبعض البنوك (الهولندي والعربي)... فكيف ولماذا تحرّكت هذه القياديات؟ وما دافع صعودها؟ وهل هذا التبادل في تولِّي الأسهم الكبيرة لقيادة السوق يحدث على نحو عشوائي أم أنه مفتعل؟
إن مساندة القياديات للمؤشر أمر مرغوب وإيجابي، ولكنها قد تتسبب في تضليل عوام المستثمرين عندما تكون مفتعلة من قبل صنّاع السوق وكبار المضاربين.. وعليه، فهذه الحركة الدؤوبة من القياديات هذا الأسبوع ربما تنذر بأمر ليس طيباً في الأيام المقبلة؛ مما يوجب الحذر في التعامل معها، وبخاصة مع كون السيولة الأسبوعية لم تتجاوز 32 مليار ريال، وهو مستوى ضعيف مقارنةً بمستويات التداول المعتادة التي يمكن أن تحفظ الاستقرار في السوق المحلي.
أيُّهما الأفضل للسوق:
عام 2007 أم 2006م؟
على رغم أن عام 2007م لم ينتهِ بعدُ إلا أنه من المتوقع أن يسير مؤشر السوق في بقية العام مثل مساره منذ بدايته.. هذا وعلى الرغم من اعتقاد البعض أن السوق خسر في عام 2007م أكثر من خسارته في 2006م إلا أن الأمر المؤكد أن السوق بدأ أكثر تماسكاً واستقراراً في 2007م بشكل يفوق حالته الاضطرابية في العام الماضي. وفي هذا الشأن نحن لا نذكر تاريخاً، ولكننا نودّ التذكير بأهم نقطتين في عام 2007م حتى الآن، وهما نقطتا الدعم والمقاومة، حتى يمكن تقييم الوضع الحالي للمؤشر بشكل دقيق وبعيد عن الجزافيات؛ حيث إن نقطة الدعم الرئيسة كانت عند 6862 نقطة، في حين أن نقطة المقاومة جاءت عند 8783 نقطة؛ أي أن نطاق تحرُّك المؤشر هو النطاق ما بين هاتين النقطتين: لم يستطع المؤشر تجاوز مستوى 8783، ولم يكسر مستوى 6862. وعليه، فإن المستوى الحالي للمؤشر هو فوق المتوسط 7823 نقطة، ومن ثم يمكن تقرير أن المسار الحالي هو مسار صاعد إيجابي من أفضل سماته هو التماسك.. كما أن من أفضل سمات المؤشر خلال عام 2007م عموماً هو تغلُّبه على ظاهرة الانفلات التي كانت إحدى أهم صفاته في عام 2006م.. ولكن مع ذلك، فإن المسار الحالي ينبغي عدم الانخداع بإمكانية تجاوزه مستوى نقطة المقاومة عند 8783؛ لأن المؤشر انكسر سريعاً عند ملامستها وفي ظل ظروف ربما أفضل من الحالية... فالمسار الحالي هو مجرد مسار صاعد، وأنه يمكن أن ينكسر في أي لحظة، ولكن حتى مع انكساره فإن الشيء المطمئن هو أن أي هبوط في المؤشر ليس غير المتوقع أن يصبح قاسياً مثلما كان يحدث في الماضي.
ماذا قدّم نظام التداول الجديد
لمعلومات التحليل في السوق؟
شركة تداول تعرض على موقعها على الإنترنت عدد (8) تقارير عن سوق الأسهم بشكل دوري تختلف فيما بينها حسب الفترة الزمنية التي تغطيها من تقرير يومي وحتى تقارير سنوية.. وتعتبر هذه التقارير أساسية لكافة المتابعين للسوق في تحليل السوق في الوقت الحاضر وبناء التصورات عن عملية التداول في المستقبل.. وعلى رغم ما يقدِّمه موقع تداول من خدمات جليلة إلا أن بعض أوجه النقص المعلوماتي قد باتت تتضح مؤخراً، وبخاصة مع اتساع وانفتاح السوق، سواء على المستثمرين الخليجيين أو المقيمين أو زيادة عدد الشركات المدرجة أو تزايد عدد الوسطاء واختلاف نوعيتهم وغيرها من الأمور التي طرأت على السوق منذ فبراير 2006م.
وقد استبشر الجميع بإعلان شركة تداول عن إطلاق نظامها الجديد تحت اعتبار أنه سيغطي أوجه النقص، وبخاصة القصور المعلوماتي عن السوق والمتداولين وغيرهم. إلا أن الكثيرين فوجئوا بحالة اللاتغيير التي انتابت موقع تداول على الإنترنت، بل حالة اللاتغيير التي انتابت تقارير تداول القديمة، حيث إنه حتى كتابة هذا التقرير لم نشهد أي تغيير يُذكر في تقارير تداول، لا من حيث البيانات التي تتضمنها ولا من حيث قدر التفاصيل بها.. فقد يكون تطوير هذه التقارير لا يزال يسري العمل عليه، وقد يكون إطلاقها خلال أيام، ولكن حتى الآن لا تغيير.. وإن كان الأمر يرتبط بالوقت فقد يكون مقبولاً.. ولكن ماذا إن كانت هذه هي النهاية، وكانت عملية التطوير في الشركة الجديدة ترتبط جميعها بالأوامر والسعة والحيز والحجم، وأنه لا جديد في تقديم معلومات جديدة؟! نعم، هناك حاجة لمزيد من المعلومات عن المستثمرين وأعدادهم وجنسياتهم وربط الصفقات بشرائح المستثمرين وأحجام محافظهم... إن معلومة عدد المستثمرين في السوق بقيت خافية وغير معلنة لسنوات في السوق حتى تم الإفصاح عنها مؤخراً.. إن مثل هذه المعلومات تبدو مصيرية في السوق للقضاء على الشائعات والتضليلات.
محلل اقتصادي
Hassan14369@hotmail.com