تدافع واختناق، سوق سوداء ودخول مجاني، مشجعون يطلقون عنان ألسنتهم بالسباب والشتائم على مقاعد الصحافيين، قطع التيار الكهربائي في المدرج الاتفاقي، إلغاء المؤتمر الصحافي للمدربين، منع رئيس الاتفاق الذهبي ونائبه عميد المدربين السعوديين من الدخول، وتأخر السماح للصحافيين بالدخول للملعب لممارسة عملهم.. تلكم أبرز العناوين للفوضى الإدارية وسوء التنظيم للوضع العام قبل وخلال وبعد مباراة ذهاب نصف النهائي بين الاتفاق والهلال في بطولة الأندية الخليجية على استاد الأمير محمد بن فهد بالدمام.
«الجزيرة» تواجدت في عين المكان، ورصدت بعين الرقيب كل التفاصيل التي بدأت شرارتها مع تأخر فتح البوابات وتزاحم وتدافع الجماهير عند المداخل ليضطر عدد كبير من المشجعين بحسب رواية مصوِّر صحافي (تحتفظ الجزيرة باسمه) إلى قفز الأسوار قبل أن يتم فتح البوابات أمام المئات للدخول مجاناً بلا تذاكر للمباراة؛ مما أشعل سخونة النقاش بين مسؤولي الاتفاق مستضيف المباراة ومدير مكتب رعاية الشباب بالمنطقة الشرقية في المنصة وبصوت مسموع للإعلاميين.
وكانت الأنباء قد تواترت بين معشر الصحافيين عن وجود سوق سوداء لبيع تذاكر دخول المباراة وسط تأكيدات من بعض المشجعين أنهم اشتروا تذكرة الدرجة الثانية المقرّر سعرها بـ(20) ريالاً بمقابل الضعف (40) ريالاً، بينما يؤكد أحد مشجعي الاتفاق أنه حصل بالكاد على تذكرة دخول مقابل (120) ريالاً.
احتلال مقاعد
وفي مشهد آخر يكشف عنوان الفوضى التنظيمية يُفاجأ عدد من الزملاء الصحافيين بأن مجموعة من مشجعي الاتفاق والهلال قد استولت على المقاعد المخصصة لهم، ليتابع البعض منهم فترات من المباراة وقوفاً، في حين يضطر الآخرون إلى الاستماع إلى قاموس من الشتائم والسباب من المشجعين المحتلين لمقاعدهم مع كل صافرة للحكم أو انزلاقة للاعب ضد آخر، ناهيك عن التدخين بشراهة دون مراعاة للظروف الصحية والأجواء المشبعة بالرطوبة التي سيطرت على طقس المباراة وفاقمت من سوء الأجواء الصحية لمنطقة الصحافيين.
اختناق وإغماءة
وخلال مجريات الشوط الأول يُفاجأ الحضور في المنصة بمشهد أقلقهم عندما هرع جميع رجالات الإسعاف في الملعب نحو المدرج الهلالي الواقع عن يمين المنصة وبجانب الدرجة الممتازة ومعهم بعض مسؤولي الملعب. وطبقاً لراوية محمد العريني منسق مجلس الجمهور الهلالي فقد أدى التزاحم في مدرجات الدرجة الأولى المخصصة للجمهور الهلالي إلى اختناق مشجعين وسقوطهما بعد حدوث إغماءة لهما، لكن تدخُّل رجال الإسعاف جاء في التوقيت المناسب وعادت الأمور إلى طبيعتها.
ويرجع العريني تلك الاختناقات إلى التزاحم في المدرج؛ نظراً إلى قرار التوزيع المجحف في نسب الجماهير بحق الجمهور الهلالي ومنع مسؤولي الاتفاق السماح للجماهير الهلالية بالتواجد في المساحة الاتفاقية التي لم تُملأ جماهيرياً في المدرجات، وقال: لم نتوقع ذلك من بعض مسؤولي الاتفاق وإدارة الملعب، ولا سيما أن المسألة تتعلق بسلامة مشجعين من ناحية إنسانية بعيداً عن التعصب أو حسابات الفوز والخسارة، خصوصاً أننا نمثِّل الكرة السعودية.
انقطاع الكهرباء
وفي عنوان آخر لحالة التنظيم السيئة يشتكي خليل الزياني نائب رئيس الاتفاق ل(الجزيرة) من غياب صوت رابطة مشجعي الاتفاق خلال المباراة على عكس صوت رابطة مشجعي الهلال كما يقول. ويضيف الزياني: (انقطع التيار الكهربائي عن المدرجات الخاصة بالجمهور الاتفاقي، وبالتالي غاب صوت الرابطة بعد أن فقدت التوصيل الكهربائي لأدوات التشجيع الخاصة بها).
ويؤكد عبد العزيز الدوسري رئيس نادي الاتفاق ل(الجزيرة) أنه لن يتحدث بإسهاب عن المواقف السلبية لإدارة ملعب الدمام، ولكنه يذكِّر بالمشكلات التي يواجهها جمهور ناديه مراراً بالتحديد في ثلاث مناسبات مهمة، أولاً في نهائي بطولة الأندية الخليجية الموسم الماضي في لقاء القادسية الكويتي حينما انقطع التيار الكهربائي فقط عن جمهور الاتفاق وغاب بسبب ذلك صوت الرابطة، ثم في افتتاحية مباريات الاتفاق في الدوري الممتاز لهذا الموسم أمام الوحدة عندما عانى الجمهور الاتفاقي الأمرّين من قرارات إدارة الملعب، والثالثة في لقاء الهلال عندما تكرّر مشهد انقطاع التيار الكهربائي فقط عن مدرجات الاتفاق، وتساءل الدوسري عن أسباب هذه المعاملة السيئة من إدارة الملعب لجماهير ناديه بالتحديد.
إلغاء ومنع
ونظراً لمنع رجال الصحافة والإعلام من الدخول في التوقيت المناسب لأرضية الملعب بقرار من إدارة الملعب فقد تم إلغاء المؤتمر الصحافي لمدربي الفريقين على الرغم من حضورهما، لكن غياب رجال الصحافة ألغى عقده. وشُوهد المدربان يعودان مع المترجمين، وبسؤال مترجم نادي الهلال عن السبب في خروجهما من الغرفة الخاصة بعقد المؤتمر أجابنا: (لقد تم إلغاؤه).
وكان المشهد المؤلم للرياضيين، خصوصاً عديد الصحافيين المتحلقين حول بوابة الدخول في مشهد مأساوي، منع رئيس الاتفاق عبد العزيز الدوسري وأعضاء مجلس إدارته بدءاً بعميد المدربين السعوديين خليل الزياني من الدخول، ليعبِّر الرئيس الاتفاقي عن انزعاجه بلغة انفعالية مبرَّرة وتتعالى أصوات بعض الصحافيين التي انتقدت سلبية إدارة الملعب في التعامل مع رجال الإعلام ومنع اثنين من أشهر الشخصيات الرياضية من الدخول، لتتردَّد كلمة (عيب) كثيراً في هذا المشهد الدرامي!.
ولولا فزعة أحد مسؤولي الملعب لما تمكَّن الرئيس الذهبي ونائبه وأعضاء الإدارة الاتفاقية ومن بعدهم الإعلاميون من الدخول الذي تحقق بعد أن كاد أحد رجال الحراسات الأمنية يشتبك مع نجل رئيس الاتفاق محمد الدوسري. وفيما يختصّ بمسألة منع الرئيس الاتفاقي من الدخول فإن الحادثة ليست الأولى التي تقع. وعلى اعتبار أن المباراة تقع في بطولة الأندية الخليجية فإنها تخضع للوائح وأنظمة الأمانة العامة للجنة التنظيمية الخليجية لكرة القدم التي تختلف كليةً عن اللوائح الداخلية للرئاسة العامة لرعاية الشباب فيما يتعلق بالتعامل مع رجال الصحافة والإعلام ورؤساء الأندية عقب المباريات.
