تعتمد العلاقة الصحيحة بين الحاكم والمحكوم على مفهوم الشراكة في إدارة شؤون الدولة وتطويرها والحفاظ عليها، فالجميع مطالبون بالمساهمة كل حسب موقعه في التطوير والتنمية.. وهذه المساهمة لا يُمكن أن تتحقق إلا عبر مؤسسات مختلفة تستوعب مختلف نواحي الحياة.. وهذا مما يُمكن استخلاصه من حديث سمو ولي العهد الأمير سلطان في حديثه لصحيفة كويتية الثلاثاء الماضي.
ففيما يتعلق بمسألة اتخاذ القرارات، وتشكيل الأنظمة والقوانين، يقوم مجلس الشورى كمؤسسة تتضمن نخبة من المفكرين ورجال الأعمال وذوي الخبرة بدراسة مشاريع القرارات والأنظمة دراسة وافية عبر لجانه المتخصصة والتوصية بها، ومن ثم طرحها للتصويت فإما أن يُقبل بها أو تُعاد لمزيد من الدراسة أو تُرفض لعدم كفايتها.
ويُمكن قياس ذلك على المجالس البلدية والقروية.. وهذه المؤسسات ما أنشئت إلا من أجل رفع مستوى مشاركة المواطنين في اتخاذ القرارات وجعلهم فاعلين أكثر ومواطنين إيجابيين. وفي الشؤون الاقتصادية تحدث الأمير سلطان عن خصخصة بعض المؤسسات العامة، وأكد أنها تأتي ضمن (الإستراتيجية الاقتصادية الوطنية التي تبناها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله في إشراك المواطنين للاستفادة من المشروعات العامة القائمة أو عند طرح المشروعات الجديدة).. وهذا الأمر كما أوضح سمو ولي العهد (يعزز الشراكة الحقيقية بين المواطن ومؤسسات الدولة).. ومما يُفعّل مفهوم الشراكة في هذا الجانب حرص الدولة على إحلال السعوديين ذوي الكفاءة في الوظائف المختلفة فيما يُسمى بالسعودة، وذلك حتى ينخرطوا أكثر وأكثر في العملية التنموية بما يعود عليهم وعلى وطنهم بالخير.. ولذلك اهتمت الدولة بتعليم المواطنين وتدريبهم بما يتوافق مع حاجة سوق العمل، وقامت بمضاعفة عدد الجامعات والمؤسسات المهنية والتدريبية.
وعند الحديث عن الجوانب الأمنية فإن المجتمع كله جبهة واحدة ضد المخاطر، ومنها الإرهاب، وبالتالي فإن واجب مكافحته لا يقتصر على رجال الأمن وحدهم، وإنما أيضاً على المفكرين والتربويين وغيرهم ممن يمكنهم توضيح المفاهيم الإسلامية الحقيقية لتجفيف منابع هذه الظاهرة الدولية المريعة. هذه الأمثلة وغيرها توضح أن المواطنة الحقيقية هي إحساس بالمسؤولية تجاه الوطن، وهذا الإحساس لا يمكن تنميته إلا عبر السماح له بالمشاركة فيما يتعلق بشؤون وطنه، لأن ذلك سيُعمق فهمه لها، وإدراكه لأهميتها، والعمل على الحفاظ عليها.
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244