أكثر من تغيير على المشهد النووي الإيراني والمواقف المرتبطة به، لكن لا شيء في الأفق يفيد أن هذه التغييرات ستحد من التوتر حول البرنامج النووي لطهران، فهناك أولاً استقالة المسؤول عن هذه الملف لاريجاني ليخلفه واحد من أقرب مؤيدي الرئيس الإيراني محمود خاتمي، ما حمل المراقبين إلى توقُّع نوع من التشدد في مواقف طهران من الجدل الدائر حول أنشطتها النووية..
التطورات المرتبطة بالبرنامج الإيراني تشمل أيضاً زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي يهودا أولمرت إلى موسكو نهاية الأسبوع المنصرم ولقاءه الرئيس الروسي بوتين حال عودته من إيران، ونعلم أن روسيا تشارك في الجانب الأعظم من بناء القدرات النووية الإيرانية أو على الأقل فيما يتصل بالبنيات الأساسية..
وفي الزيارة أكثر من معنى وأكثر من مغزى، لكنها تبرز بوضوح انشغال إسرائيل كثيراً بما يجري في إيران، ونذكر أن إسرائيل عرضت مسبقاً خدماتها على الولايات المتحدة مبدية الاستعداد (القيام بما يلزم) بمجرد إشارة من واشنطن، فإسرائيل هي من أكثر المتحمسين لتدمير البرنامج الإيراني، ولها خبرة في هذا المجال، فهي التي قصفت، قبل ما يقارب العقدين، مفاعل تموز العراقي لتجهض بذلك مشروعاً كان هو الأول من نوعه في المنطقة العربية للدخول للعصر النووي..
وعلى الرغم من التحفظات الكثيرة على ما تفعله إيران وما يجري على أراضيها من عمليات نووية والاحتمالات المفزعة لما يمكن أن يشكّله مثل هذا البرنامج في الجوار الخليجي، فإن التدخل الإسرائيلي في الموضوع لا يقل خطورة عن كل ما يحدث، فالمعالجات الإسرائيلية، في كل الأحوال، لن تراعي أية مصالح سوى تلك الخاصة بإسرائيل، وإسرائيل لا يهمها أصلاً سلامة الدول العربية، وهي بالتالي قد تقدم على خطوة من شأنها الإضرار كثيراً بالمحيط العربي حال إقدامها على أي فعل عسكري..
المخاوف بهذا الصدد يثيرها هذا التهافت الإسرائيلي تجاه فعل شيء بشأن البرنامج النووي الإيراني والحماس المنقطع النظير الذي تبديه حكومة أولمرت، خصوصاً، حول عملية عسكرية ما.. هذه المخاوف تتزايد في ظل التطورات داخل إيران ذاتها بعد استقالة لاريجاني وتولي خليلي المقرب جداً من نجاد الملف النووي، بكل ما يعنيه ذلك من تشدد، وفي مقابل هذا التشدد هناك هذا الحماس الإسرائيلي للتحرك عسكرياً، وكل ذلك ينذر بشرور لا بد من إجهاضها بتحرك وقائي.
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244