كل ما يرتبط بجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية هو مبهر وراقٍ ومتطور، وقد أكسبت كلمات الملك عبد الله عن هذه المؤسسة المزيد من البهاء وأضفت عليها بُعداً إنسانياً عميقاً عندما أعرب عن الأمل في أن تكون (منارة للإشعاع العلمي من أرض الرسالات وأن تكون قناة حضارية يستمد منها جميع أبناء البشرية قيم العلم والتسامح وتبادل المنافع الحضارية التي تعود بنفعها على خير البشرية جمعاء).
هذه المؤسسة هي تصور طموح للمستقبل، ضمن معطيات أخرى تصب في ذات السياق الذي يستهدف إحداث نقلة تتواءم مع حقائق العصر ومع مستلزمات الدولة الحديثة، ونقصد بذلك المدن الاقتصادية والصناعية والتقنية التي تم الإعلان عنها، والتي بدأ العمل بالفعل في بعضها، حيث تنتشر في جميع أنحاء المملكة والتي تستهدف التطوير في مختلف المجالات وأن تكون حاضنات للتقنية والعلوم والأبحاث ذات الصلة الوثيقة بالتطبيقات العملية لرفد الاقتصاد بكل ما هو جديد ونافع وقابل للتطبيق.
والآن مع انطلاقة هذه الجامعة اليوم نحو الإجراءات العلمية فإننا نكون قد خطونا إلى مرحلة واعدة وحبلى بالكثير من التطلعات التي ستحيلها هذه المؤسسة العملاقة، التي تتكلف عشرة مليارات ريال، إلى واقع زاهٍ بكل معنى الكلمة.
هذه الخطوة تعتبر انطلاقة حقيقية لأنها تنطوي على صيغ جديدة في التعليم والبحث، فجامعة الملك عبد الله، كما يقول القائمون عليها، ليست لنقل التعليم بتلك الطريقة التقليدية، وإنما هي لإنتاج العلم والمعرفة، وذلك يتأتي بالطبع من كونها جامعة للبحث العلمي بامتياز، وهي في هذا المجال خصوصاً تبدأ من حيث انتهى الآخرون، إذ إن الطريقة الجديدة للأبحاث العلمية تعتمد على أسلوب البحث المشترك الذي يضم في البحث الواحد مجموعة من العلوم، ولعل التطبيق العملي والأوضح على ذلك هو ما يعرف بتقنية النانو (النانو تكنولوجي)، وهي التي تقود التقنية المتطورة في عالم اليوم.
إشارة خادم الحرمين الشريفين إلى الوجه العالمي لهذه الجامعة، كونها تستعين بكفاءات بشرية متميزة من مختلف أنحاء العالم، مع تأكيده إلى إفادة البشرية جمعاء منها، هو تأكيد آخر على نمط التفكير السائد لدى القادة الكبار في عالم اليوم الذين ينظرون إلى البشرية كأسرة واحدة تتبادل المنافع فيما بينها وتسعى معاً لتجاوز المعضلات التي تقض مضاجع البشر أجمعين.
ويرتبط قدر كبير من التوقعات بمثل هذا الانجاز، فهو غير عادي في محتواه ومضامينه، وهو لذلك سيقف كمثال يرسم واقعاً جديداً لمسيرتنا التعليمية من جهة الاستفادة من النموذج المتحقق، لتكون هناك أكثر من منارة إشعاع تضيء كافة أنحاء المملكة والعالم.
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244