في نقلة نوعية في مسيرة التعليم العالي بالمملكة يتفضل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز هذا اليوم بافتتاح جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية على شاطئ البحر الأحمر، وتأتي هذه الجامعة ترجمة لرؤية عبدالله بن عبدالعزيز الداعمة للبحث العلمي والتطوير التقني..
من خلال استقطاب المتميز من الطلبة والعلماء من ذوي الكفاءات العلمية العالية من شتى أنحاء المعمورة، لقد أراد عبدالله بن عبدالعزيز من هذه الجامعة أن تكون جاذبة للمبدعين إدراكاً منه - حفظه الله - بأن العنصر البشري المتميز هو منطلق التنمية الصحيحة.
وتأتي رغبة عبدالله بن عبدالعزيز بأن تكون هذه الجامعة أحد أفضل المراكز العلمية البحثية العالمية في مختلف القضايا الاستراتيجية والتنموية الداعمة لاقتصادنا الوطني، ولتأكيد ذلك وجه - حفظه الله - بأن تقتصر البرامج العلمية التي تقدمها الجامعة على الدراسات العليا والبحوث التطبيقية، وعدم إدراج برامج البكالوريوس إلا في أضيق الحدود.
إن أحد الأبعاد الاقتصادية المهمة التي انطلق منها عبدالله بن عبدالعزيز في إنشاء تلك الجامعة إنما يتمثل في الموقع الاستراتيجي الذي ستنشأ فيه الجامعة، حيث سيكون ذلك على مساحة تقارب العشرة ملايين متر في مدينة الملك عبدالله الاقتصادية وذلك بالقرب من أحد أكبر المناطق الصناعية بالمملكة التي ستنشأ داخل المدينة الاقتصادية وما من شك أن وجود تلك الجامعة التطبيقية بالقرب من المشروعات الصناعية سيكون له انعكاساته الاقتصادية الإيجابية سواء من خلال رعاية الطلبة المبدعين في المجالات الصناعية القائمة على المعرفة أو من خلال تقديم برامج دراسات عليا مرتبطة بأحدث التقنيات التي تخدم صناعتنا الوطنية أو من خلال تنمية روح الإبداع والابتكار وذلك بإنشاء مراكز للابتكار وحاضنات للتقنية بالقرب من تلك المنطقة الصناعية.
إن تميز وعالمية هذه الجامعة ستنطلق من توجيه عبدالله بن عبدالعزيز بالسماح للمتميزين كافة من طلبة وباحثين وعلماء ومبدعين من مختلف الأجناس والجنسيات والأديان بالالتحاق بالجامعة وذلك بناء على معيار التنافس الأكاديمي والبحثي، وقد قصد خادم الحرمين الشريفين من هذا التوجيه تسخير المتميز من العقول لخدمة تنمية واقتصاد المملكة العربية السعودية، حيث إن رؤية عبدالله بن عبدالعزيز في هذا الجانب قد انطلقت من إدراكه - حفظه الله - للمنافسة القوية بين الدول المتنافسة صناعياً على استقطاب تلك العقليات والكفاءات الأكاديمية والبحثية وتهيئة المحفزات المادية والمعنوية كافة لهم.
وانطلاقاً من حرص خادم الحرمين الشريفين على تحقيق المكتسبات التنموية والاقتصادية والاستراتيجية من خلال إنشاء تلك الجامعة التطبيقية، نجد بأن أحد أهم المبادئ الأساسية التي ستنطلق منها الجامعة تتمثل في إيجاد نظم تعليمية وبحثية ومالية وإدارية متطورة ومرنة وخالية من البيروقراطية المعيقة لمسيرة البحث العلمي، وهذا يدفعنا للتأكيد على أهمية تطوير الأنظمة واللوائح المنظمة لبقية الجامعات الأخرى في مملكتنا الغالية والتي تجاوز عددها العشرين جامعة، وفي هذا الخصوص فإنني أدعو إخواني أعضاء مجلس الشورى والذين يناقشون خلال الأيام الحالية النظام الجديد للمجلس الأعلى للتعليم بأن تنطلق رؤاهم في مناقشة النظام من رؤية عبدالله بن عبدالعزيز وذلك بتطبيق المرونة اللازمة للجامعات في المناحي الأكاديمية والبحثية والمالية والإدارية كافة، هذا إذا ما أردنا لجامعاتنا السعودية أن تنطلق وتنافس وذلك على غرار ما أريد لجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية أن تكون.
Dralsaleh@yahoo.com