كانت هناك بداية واقعية لجولة وزيرة الخارجية الأمريكية في المنطقة، إذ قالت الوزيرة رايس إنها لا تتوقع اختراقاً في المباحثات الفلسطينية - الإسرائيلية، وهي محور هذه الجولة للوزيرة الأمريكية في المنطقة.
الواقعية الأمريكية هذه المرة تتواءم مع واقع الأحوال على الأرض، وستكون هذه الواقعية أكثر فاعلية عندما تنبني عليها خطوات حقيقية تستقرئ الدوافع التي تجعل كياناً مغتصباً مثل إسرائيل لا يتورع عن وضع العراقيل على طريق السلام، فإسرائيل وهي تفعل ذلك تستحضر صورة الولايات المتحدة بكل هيمنتها الدولية وجبروتها وهي تربت على كتف حليفتها المنغمسة في ارتكاب أكثر الاعتداءات حماقة، فقد تعودت إسرائيل على هذه المعاملة الاستثنائية في كل الأحوال ومهما بالغت في مذابحها ضد أبناء الشعب الفلسطيني.
وتدرك الوزيرة الأمريكية وكل أركان إدارتها أنهم يتعاملون مع طفل أفسده التدليل خلال تعاطيهم مع الحالة الإسرائيلية، ومع ذلك فإنهم لا يفعلون سوى القليل من أجل إصلاح هذا الوضع الذي خرج عن السيطرة، فإسرائيل لم تعد تحتمل إلا كلمات التشجيع من واشنطن حتى وهي ترتكب تلك الحماقات، ولهذا فإن أقصى ما يُمكن أن يصدر من مسؤول أمريكي هو الإعراب عن خيبة الأمل مما يجري بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لكن دون أن يحدد ذلك المسؤول الأمريكي مسؤولية إسرائيل عما يحدث من فشل ومن تهديد حقيقي لأمن واستقرار المنطقة.
وفي إسرائيل هناك من يتوعد بوضع العصي في دواليب التسوية إذا تجرأ من يعملون من أجل التسوية على إعداد إطار للمفاوضات يُمكن أن يستوعب قضايا الحل النهائية، وهذه تتناول وضع القدس ومصير أكثر من خمسة ملايين لاجئ فلسطيني في أنحاء الدنيا.. وبدلاً من ذلك فإن الإسرائيليين يتجاوزون حقائق إقامة السلام متطلعين إلى التطبيع مع الجوار العربي بكل دوله الفاعلة، دون أن يقدموا عربوناً لهذا التطبيع، وهكذا هي إسرائيل تعودت على الدوام أن تأخذ، بل أن تنتزع، دون أن تعطي.
ويتطلع الناس في المنطقة أن تختتم رايس جولتها التي بدأتها بتصريح واقعي بعمل واقعي أيضاً ينبه إسرائيل إلى أن ما تفعله ليس من السلام في شيء وأنها الطرف الذي يعقّد الأمور في المنطقة بأفعالها على الأرض من اعتداءات ومصادرات متواصلة للأراضي الفلسطينية وغارات عبر الحدود، وأن يلازم ذلك عمل حقيقي من الولايات المتحدة يمكن أن يشكّل ضغطاً على إسرائيل، ولا نقول عقوبات بل مجرد ضغوط يمكن أن تنبه إسرائيل إلى المدى البعيد من الأذى الذي ألحقته بصورة وصدقية حليفتها الكبرى في المنطقة.
****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244