Al Jazirah NewsPaper Monday  15/10/2007 G Issue 12800
رأي الجزيرة
الأثنين 04 شوال 1428   العدد  12800
جيوش على أبواب العراق

لا تكف الأزمة المتعددة المشارب في العراق تنتج المزيد من الأزمات، وبسبب وضعية العراق الشاذة وافتقاره للمقومات الطبيعية في الدفاع والتصدي للمهددات الخارجية، فإن أكثر من جيش يتربص به ويتحين الفرصة المناسبة للدخول إلى أرضه.. والآن فإن المدفعية التركية بدأت بالفعل في قصف قرى بإقليم كردستان بينما يقف الجنود الأتراك على أهبة الاستعداد للتقدم خطوات إلى الأمام عبر الحدود.

وليست المدفعية التركية هي وحدها التي تقصف أراض عراقية فالمدفعية الإيرانية تفعل ذلك أيضا فيما يليها من أراض تقع على الحدود الإيرانية العراقية، والأكراد هم المستهدفون في الحالتين..

وبدت الأمور ومنذ بضعة أيام تتشكل إلى طور الأزمة الكبرى، وربما زادت من نيرانها المصاعب الحالية التي تمر بها العلاقات التركية الامريكية بسبب اعتبار لجنة في الكونجرس الأمريكي المجازر التي تعرض لها الأرمن على يد السلطة العثمانية بمثابة تصفية عرقية، وذلك على الرغم من عدم موافقة البيت الأبيض على تلك النتيجة، ومع ذلك فإن أنقرة لم تعد تأبه كثيرا لمناشدات واشنطن لها بشأن الوضع في كردستان العراق الذي تهدد حاليا باجتياحه تحت دعوى وقف نشاطات حزب العمال الكردستاني.

حالة التمزق التي يعيشها العراق هي التي تجعل منه ساحة مثلى لتصفية الخلافات بين مختلف الخصوم، فهذا التمزق هو الذي يحجب كافة مقومات السيادة عن العراق الذي يفتقر حقيقة إلى جيش قوي يمكنه التعامل مع التحديات الداخلية، مما أتاح للعديد من الجهات والعناصر التي لها أهدافها وطموحاتها أن تغتنم فرص هذا الغياب وتنفذ ما بدا لها، وحزب العمال الكردستاني من هؤلاء الذي استفادوا من الغياب القوي للدولة العراقية.

التقدم التركي العسكري نحو العراق يتم على الرغم من تفاهمات أمنية بين البلدين تناولت خاصة وضع المقاتلين الأكراد في الأرض العراقية، ومع ذلك فإن التهديدات الحالية بغزو شمال العراق يبدو انها تتجاهل تلك التفاهمات، لكن يعتقد بشكل عام أن الوضع الهش في العراق يشجع على التجاوزات من أي طرف كان..

وفي كل مرة وفي كل أزمة جديدة يواجهها العراق تبدو الحاجة ماسة إلى ضرورة ترسيخ واقامة الكيان الوطني القوي الذي يستطيع التصدي بكفاءة لتحديات الداخل والخارج، ولن يحتاج العراقيون كلما تجددت مثل تلك الازمات إلى التذكير بمثل هذه الأولوية التي تتمثل بشكل خاص في توافق وطني يعيد السيادة إلى العراقيين، ولن يتحقق ذلك سوى بإرادة عراقية تدرك بعمق المدى البعيد لتردي الأوضاع والحاجة الماسة لترتيب البيت العراقي بأيد عراقية، وليس بتصورات أو وفقا لرؤى الآخرين التي حتما لن تأخذ المصلحة العراقية في الاعتبار.

*****

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244








 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد