د. حسن الشقطي (*)
أغلق مؤشر السوق يوم الأربعاء الماضي عند مستوى 7912.45 نقطة رابحاً حوالي 147.28 نقطة أو ما يعادل 1.9%، وهو إغلاق إيجابي يأتي في آخر أسبوع للتداول قبل عيد الفطر المبارك .. وقد أشاع هذا الإغلاق جواً من الانتعاش والرضا بين المتداولين بعد عدة أسابيع من المسار التذبذبي الضيق الذي يميل للهبوط. وقد زادت حالة التفاؤل لدى المتداولين نتيجة أن هذا الصعود جاء نتيجة المسار الصعودي الذي اتخذته العديد من الأسهم في القطاع الصناعي بقيادة سابك ... ويأمل غالبية المتداولين الآن أن يكون هذا المسار هو بداية لمسار صاعد جديد ينمو بعد العيد مباشرة، وبخاصة في ظل المستجدات التي ينتظرها السوق آنذاك، والتي من أهمها اكتمال نتائج أعمال الشركات للربع الثالث، وإطلاق النظام الجديد لتداول، والإعلان عن اكتتابات جديدة ومتوالية، فضلاً عن ترقب دخول الخليجيون للسوق ... فأيٌّ من هذه المؤثرات هي التي ستقود السوق؟ وكيف وما هو شكل مساره في إطارها؟
المؤشر يربح 147 نقطة
باستثناء يوم السبت الماضي الذي خسر فيه المؤشر حوالي 68 نقطة، فقد أحرز مؤشر السوق صعوداً على مدى أربعة أيام متتالية من الأحد حتى الأربعاء ربح خلالها حوالي 215 نقطة. وبإغلاق المؤشر عند 7912.45 نقطة يكون قد ربح خلال كامل الأسبوع حوالي 147 نقطة.
التفاؤل بصعود استثماري
رغم أن مكاسب المؤشر خلال كامل الأسبوع لا تعتبر كبيرة، إلاّ أن مكاسبه خلال يوم التداول الأخير تعد غير عادية وتنبئ عن (ربما) مسار جديد في ضوء حالة الرضا عن نتائج العديد من الشركات .. وقد اعتدنا أن تأتي وتتكون حالة الرضا والانتعاش قبل صدور هذه النتائج .. فشركات القطاع الصناعي والأسمنت وبعض الخدمات تتعلق بها آمال آلاف المتداولين في أن يحققوا نتائج إيجابية .. ليس لتحسين أوضاع أسهمهم في السوق فقط، ولكن ليتولوا دور القيادة للمؤشر ويحافظوا على مساره الصاعد أو على الأقل يصونوه ضد أي مسار هابط في ضوء المستجدات خلال فترة ما بعد العيد.
تحرك صاعد من الصناعي
واضطراب في البنوك
تباين التوقعات حول نتائج أعمال الشركات يبدو صريحاً في ملاحظة القطاع الصناعي وقطاع البنوك ... بل إنها الآن لم تعد توقعات فقط، فقد صدرت بالفعل بعض نتائج أعمال هذين القطاعين ... وسواء حسب النتائج الواقعية أو حسب التوقعات، فإن الأمل يبدو كبيراً على القطاع الصناعي، ويبدو سليباً بالنسبة للبنوك ... وتحركات العديد من أسهم الصناعي يوم الأربعاء الماضي لتؤكد على صحة هذه الفرضية ... فقد صعدت سابك والمتطورة وسدافكو والمصافي والخزف والتصنيع وزجاج وأنابيب وكيان بنسب معنوية بلغت على التوالي 2.66% و9.73% و5.26% و3.95% و3.29% و3.08% و4.48% و3.79% و2.08%. أما بالنسبة للاتصالات ورغم ما حققته من صعود نهاية هذا الأسبوع أيضا، إلا أنه قد يكون من الصعب التنبؤ بمسار صاعد قوي أو حقيقي لها في المستقبل القريب ...
المؤثرات الجوهرية للسوق
خلال فترة ما بعد العيد
خلال فترة ما بعد العيد من المتوقع أن تستجد كثير من الأمور والمعطيات داخل السوق من أبرزها ثلاثة، هي إطلاق النظام الجديد لتداول، والإعلان عن اكتتابات جديدة ومتوالية، وترقب دخول الخليجيون للسوق. هذه المؤثرات من المتوقع أن يكون لها تأثيرات واسعة على السوق والمتداولين، ولكن هل تكون هذه التأثيرات إيجابية أم سلبية؟
مخاوف المضاربين من إطلاق
النظام الجديد لتداول
على الرغم من المزايا والإيجابيات الكبيرة لنظام تداول الجديد، إلا أن عنصر القلق الرئيسي بات منحصراً في مقدرة هذا النظام على غربلة العمليات المضاربين وتقصي عمليات كل مضارب، وربما تتبع عمليات المجموعات (غير مؤكدة) ... هذه العمليات رغم أنها صحية ومطلوبة لتحسين وصحة التداولات في السوق، إلا إنها قد تضيف عبئا على السيولة المتداولة نتيجة انحسار هؤلاء المضاربين وعدم مقدرتهم على التحرك في السوق كما تعودوا سابقاً ... إن الاختبار الحقيقي سيكون حول مدى مقدرة هؤلاء المضاربين على التحول من مضاربين إلى مستثمرين في السوق؟ فهل يستطيعون؟.. بل هل يقبلون؟
قطار الاكتتابات
بدء الاكتتابات وعودتها ليس أمراً جديداً، بل إن الجميع يعلمون أن توقفها كان مؤقتاً، وبالتالي عودتها ليست مستغربة .. ولكن كم عدد الشركات المنتظرة؟ وكم حجم السيولة المطلوبة للاكتتاب فيها؟ وما هي الفترة الزمنية المخطط استكمال هذه الأطروحات فيها؟ وهل حجم السيولة المتاحة يكفي للوفاء بهذه السيولة خلال الفترة الزمنية المخططة؟ وحتى إن كانت هذه السيولة تكفي .. فهل فعلاً السوق والمتداولون قادرون على استيعاب الصدمات التي تنجم عن هذه الأطروحات نتيجة مخاوف انحسار حركة التداول مع كل اكتتاب؟ إن مخاوف الأطروحات الجديدة ليست حقيقية وإنما تدخل في سياق العامل النفسي، حيث إن حجم السيولة المتاحة في السوق (حتى رغم خسائر المتداولين) لا يزال كبيراً وقادراً على استيعاب كل اكتتاب جديد، ولكن المشكلة في هاجس الخوف من الانحسار المؤقت للسيولة.
انفتاح الخليجيين على السوق
صدر قرار انفتاح السوق على الخليجيين، وننتظر الآن انفتاح الخليجيين على السوق، فهل يقبلون؟ وماذا ينتظرون؟ بالطبع إن هؤلاء الخليجيين المرتقبين إنما هم الشريحة الرئيسية التي تتعامل في الأسواق الدولية .. أي أنهم مستثمرون محترفون .. هؤلاء المستثمرون يمكن الاعتماد عليهم خلال فترة ما بعد العيد في تقييم حال ووضعية السوق المحلي .. فإن هم أقبلوا فإن تقييم السوق يعني استقراراً واستثماراً .. وإن لم يقبلوا الآن فإن تقييم السوق لا يعني رفضاً للسوق، ولكن يشير إلى احتياجه لبعض الوقت لينال ويصبح سوقا مستقرا في نظرهم .. ومن ثم يكون قد وصل إلى نقطة قطف الثمرة .
إشكالية البقاء أو تصفية المحفظة
البعض عندما يتحدث عن استثماره في السوق لا يتكلم سوى بمفهومين: إما أن يبقى بكامل سيولته في السوق أو أن يصفي ويخرج ... وكلاهما يشير إلى بعض الجمود في فهم الاستثمار في الأسهم ... فالاستثمار في السوق بمثابة تيار داخل وتيار خارج .. لا يمكن أن يتم هذا التيار في مسار ذي اتجاه واحد وبحجم كلي وخلال فترة زمنية معينة تعادل النقطة ... يعني لا يمكن أن نقول لمستثمر يتعامل بمحفظة خلال فترة معينة قد تصل إلى سنوات، صفي هذه المحفظة الآن أو اليوم .. كذلك الحال لا يمكن أن نقول لمستثمر يمتلك سيولة نقدية اشتر بها أو كون محفظة الآن أو خلال يوم ... فالاستثمار بالشراء أو البيع يتم على فترة زمنية معينة تتناسب مع طبيعة القرار المطلوب اتخاذه .. ومن ثم فإننا نرفض كل من يتقولون بالتصفية خلال فترات الخوف أو القلق من عنصر حالي أو عنصر قادم .. كما أننا نرفض تماما كل من يتقولون بمفهوم الدخول بكامل السيولة في السوق .. لأن ذلك يمثل وضعاً لا يتسم بالحذر في التعامل ليس مع واقع السوق المحلي، ولكن مع واقع أي سوق آخر مهما كانت درجة استقراره.
المحللون العاملون
والمحللون غير المتفرغون
يوجد في السوق نوعان من المحللين في السوق، محللون عاملون ولكنهم غير باحثين وهم من نالوا صفة التحليل من خلال الخبرة العملية أو دورات تدريبية أو غيرها، إلا أنهم لم يحصلوا على درجات علمية ولا يكتسبون صفة البحث العلمي ولا يمتلكون القدرة على إعداد تقرير علمي عن السوق أو الشركات. أما الصنف الثاني، فهم الباحثون غير العاملين، وهم أعضاء هيئة تدريس أو موظفون حكوميون أو موظفون قطاع خاص، ويمثلون أولئك الذين حصلوا على درجات علمية ويمتلكون القدرة على البحث العلمي، إلا إنهم غير عاملين أو متفرغين للتحليل المالي في السوق. ولسوء الحظ أن كلا الصنفين لا يخدم السوق بالشكل كما ينبغي. فالمحللون العاملون الذين لا يمتلكون القدرة على البحث وكتابة التقارير العلمية لا يستطيعون ترجمة خبرتهم العملية في تقديم تقارير مفيدة للمتداولين عن الشركات أو عن السوق. كما أن المحللين غير المتفرغين أو غير العاملين لا يتمكنون أيضا من ترجمة خبراتهم البحثية في تقارير مفيدة نظراً لعدم تفرغهم أو ارتباطهم عملياً بالسوق.
* محلل اقتصادي
Hassan14369@hotmail.com