تعد الرياضة وبالذات كرة القدم أرضية خصبة للاستثمار وتحقيق مكاسب مادية جيدة - قد تصل إلى حد تغطية النفقات وتحقيق هامش ربح جيد - لكل الأطراف المشتركة بها وأهمها المستثمر (بكسر الميم) والمستثمر فيه (بفتح الميم).
وقد نصيغ العبارة السابقة بطريقة أخرى ونقول: إن الاستثمار غدا أحد أهم روافد الرياضة في هذا الزمن.. وأنه أصبح خياراً ملحاً بعد أن أثبتت مصادر الإيرادات التقليدية للأندية عجزها عن تغطية ولو جزءاً بسيطاً من احتياجاتها ومصروفاتها المالية، لا سيما بعد الاحتراف وتعاظم المصروفات من موسم لآخر.. ومصادر الإيرادات التقليدية للإيضاح هي مثل (دخل المباريات - مقابل النقل التلفزيوني - عائد الإعلانات على القمصان - دعم أعضاء الشرف - بيع تذكارات تحمل شعار النادي - الإعانة السنوية - إعانة الاحتراف - اشتراكات العضوية - تأجير مواقع في النادي لبعض المستثمرين الصغار.. إلخ).
لقد توجه العالم بأسره للاستثمار في الرياضة منذ وقت طويل.. وفي أوروبا مثلاً فإن الأندية تسعى للمنافسة على البطولات وتحقيق أرباح مجزية لملاَّكها والمساهمين فيها.. لم تعد الرياضة حالياً مجرد تنافس داخل الميدان فقط.. بل خارجه أيضاً.. لم تعد البطولات هي الهدف الأوحد.. إن مبالغ عقود اللاعبين المرتفعة في أوروبا ما هي إلا ضرب من ضروب الاستثمار يعد اللاعب أحد أدواته.. في أوروبا يصل مبلغ التعاقد مع اللاعب إلى مائة مليون دولار في بعض الأحيان لكنه في الحقيقة يستطيع تحقيق عوائد تفوق هذا الرقم بكثير لناديه.. وهنا يكمن السر!!
** لدينا هنا في المملكة توجه حقيقي نحو الاستثمار في الرياضة.. الشركات الكبرى بدأت تدرك أن بإمكانها تحقيق الكثير عندما تستثمر في الرياضة، وأجزم هنا أن هناك شركات تراقب الوضع من بعيد قبل أن تتخذ قراراً بالدخول في مجال الاستثمار في الرياضة.. إن ما يعده البعض أرقاماً مهولة وكبيرة في الوقت الحاضر ربما يصبح رقماً عادياً في قادم الأيام.. يقول الأستاذ خالد الكاف الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لشركة اتحاد اتصالات (موبايلي) التي وقَّعت عقداً استثمارياً مع الهلال: (نقولها بصراحة إننا نحمد الله أن الاستثمار الرياضي يعد وليداً في السعودية، وإلا لكانت الطيور كما يُقال طارت بأرزاقها، ولم نجد مكاناً لنا فيه، هذا من ناحية، أما فيما يتعلّق بالمحفزات فهي كثيرة، وتتركّز حقيقة في هذا المجال فكما يعلم الجميع أن أكثر من 65% من سكان المملكة من فئة الشباب أقل من 30 عاماً وغالبيتهم لديهم اهتمامات واسعة بالرياضة عموماً التي تحظى بشعبية واهتمام خاص في هذه البلاد هذا بالتأكيد أمر مشجع لجميع الشركات والقطاع الخاص عموماً) (الاقتصادية 5094).
حديث الأستاذ الخبير خالد الكاف يجب أن يكون محفزاً لأنديتنا من أجل تحقيق المزيد من الأعمال الاستثمارية.. فالمجال رحب بالتأكيد لكنها تحتاج إلى المزيد من العمل حتى تحقق الكثير من المكاسب.
** لقد صدر قرار صاحب السمو الملكي الرئيس العام لرعاية الشباب رقم 583 وتاريخ 9-2-1425هـ القاضي بإنشاء إدارة خاصة في الرئاسة العامة لرعاية الشباب تحت مسمى (إدارة الاستثمار وخصخصة الأندية).. وقد حدّد القرار مسؤولياتها والمهام المناطة بها.. والسؤال أي من أنديتنا حاكى هذا القرار وجعل إدارة مستقلة في النادي (وأعني هنا الاستقلال التام) تعنى بالخصخصة والاستثمار.. الإجابة حسب علمي لا أحد.. والأمور تدار كلها بالاجتهاد والاجتهاد فقط شأنها شأن بقية الأمور في أنديتنا التي تفتقد للكثير من أساسيات الإدارة مثل توزيع المسؤوليات وتحديد الصلاحيات، والتدرج في الهيكل التنظيمي للنادي.. في أنديتنا - ولن أقول جميعها - هناك مسؤول أعلى هو الرئيس، ثم يأتي البقية على مستوى واحد من المسؤولية بمن فيهم نائب الرئيس والأمين العام.
** باب الاستثمار مفتوح الآن على مصراعيه.. وأعتقد أن المسؤولية الآن تقع على إدارات الأندية من أجل زيادة إيراداتها - حسب النظام ودون إخلال أو مساس به - لا سيما في مجال الرعاية الشاملة أو الجزئية.. وفي مجال الشراكة الإستراتيجية كما في الهلال وموبايلي.. وأن أول ما يجب أن تقوم به الأندية هو إنشاء إدارات خاصة بالاستثمار والخاصة (وحبذا لو ربطت مباشرة بالإدارة المعنية برعاية الشباب).. وأن تضم هذه الإدارات كوادر مؤهلة ومتعلّمة ومتخصصة في مجالها.. ومحترفة فيه أيضاً.. أعتقد أن هذه هي الخطوة الأهم.. إذا تحركت الأندية.. ستصل بإذن الله، وستحقق المزيد والمزيد من النجاح والأرباح، وستكون قادرة تماماً على الاعتماد على نفسها في تسيير أمورها.
أخيراً شكراً لكل الشركات التي راهنت على الرياضة وعلى أنديتنا وبدأت فعلياً الاستثمار فيها.. ودخلت كشريك فعلي ومهم في صياغة الرياضة السعودية.
قبل الختام
بمناسبة عيد الفطر المبارك أهنئ الجميع داعياً الله أن يتقبل منهم صيامهم وقيامهم وصالح أعمالهم.. وكل عام وأنتم بخير.
SA656AS@yahoo.com