«الجزيرة» - عبد الرحمن السهلي، عبد الله البديوي، ثامر السعيد
نصبت الصفحات الاقتصادية بالصحف اليومية ومعها غرفة أخبار السوق المالية السعودية (تداول) الخيام لاستقبال جموع النتائج المالية للشركات السعودية للربع الثالث للعالم الحالي 2007م التي كان أولها شركة سبكيم والبنك العربي الوطني حيث أعلنا نتائجهما مبكراً.
شركات الأسمنت والبنوك التي تُعد من أوائل الشركات التي تفصح عن نتائجها المالية، فيما ستفصح الاتصالات السعودية وسابك والشركة السعودية للكهرباء منتصف الشهر الحالي.. وحيث إن السوق المالية مرآة تعكس القوة الاقتصادية وليست عربة تجر الاقتصاد، فقد قامت (الجزيرة) باستعراض الأوضاع الاقتصادية المحلية والعالمية كما أنها شرعت في عرض توقعات نتائج الربع الثالث.
المتعاملون يعلقون آمالهم على سابك والصناعيات الأخرى للوصول بالسوق إلى أرباح قياسية والمحافظة على نسبة النمو الخفيفة التي احتفظ بها السوق خلال النصف الأول في ظل تراجع أرباح البنوك المتأثرة من انخفاض أعمال الوساطة التي يتوقع تحسن نتائجها نسبياً خلال الربع الأخير، فيما تشتد حدة المنافسة في قطاع الاتصالات، وتوقعات بمواصلة شركات الأسمنت مسيرة التميز.
ويتوقع أن تصل أرباح الشركات المدرجة في السوق خلال الـ 9 شهور الأولى من هذا العام لأكثر من 60 مليار ريال، ومتى ما حدث ذلك سينخفض مكرر السوق ليصل إلى 14.5 وهو رقم يقل كثيراً عن المتوسط التاريخي لمكررات السوق البالغ 17 مرة إذا ما استثنينا عاما 2005 و2006 اللذان تجاوزت المكررات فيهما الـ40 مرة.
الوضع الاقتصادي.. هل سيكون له تأثير على النتائج؟
وعوداً إلى استعراض الأوضاع الاقتصادية المحلية والعالمية فتضح أن أسعار النفط واصلت مؤخراً تحقيق معدلات قياسية جديدة وبالخصوص خلال الأسبوعين الماضيين حيث تجاوزت الأسعار مستوى 80 دولاراً وذلك على خلفية تراجع مخزونات النفط الخام الأمريكي إلى مستويات متدنية، مدعومة بمخاوف من عدم قدرة المنتجين على تلبية الزيادة في الطلب على النفط مع دخول فصل الشتاء على الرغم من قيام منظمة الدول العالمية المصدرة للنفط (أوبك) بالموافقة على زيادة إنتاجها بواقع 500 ألف برميل يومياً، ويتوقع خبراء الطاقة زيادة أسعار النفط في المدى المنظور وذلك لزيادة الطلب العالمي وخصوصاً من الصين والاقتصاديات الناشئة آخذين في الاعتبار تقادم أنظمة الإنتاج ومصافي التكرير في كثير من الدول المنتجة ووصولها إلى أقصى طاقتها الإنتاجية.
وفي أسواق العملات قام مجلس الاحتياطي الفدرالي الأمريكي مؤخراً بخفض سعر الفائدة على الدولار بمعدل نصف نقطة مئوية ليصل إلى 4.75% وذلك في أول خفض منذ يونيو الماضي في محاولة لتحفيز الاقتصاد الأمريكي وانتشاله من حالة الركود التي يعيشها وخصوصاً بعد أزمة الائتمان في قطاع الإسكان الأمريكي الذي امتد أثره إلى النظام المصرفي حيث قام البنك المركزي بضخ الأموال داخل النظام المصرفي وذلك في محاولة لتطويق الأزمة مما انعكس سلباً على أداء الأسواق المالية الأمريكية.
وفي السياق نفسه أعلنت مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) عن تثبيت معدل الفائدة عند مستوى 4% دون تغيير، وذلك لمحاصرة الضغوط التضخمية كما انعكس قرار ساما على سعر صرف الريال الذي ارتفع مقابل الدولار في حين سجل الدولار أدنى مستوى له مقابل اليورو فيما سجل الذهب أعلى مستوى له منذ 27 سنة مع استمرار تراجع الدولار إلى مستويات قياسية مقابل العملات الرئيسة.
الصناعة وأرقام سابك القياسية
لا شك أن القطاع الصناعي هو الفرس الذي يراهن الجميع عليه في قيادة السوق للوصول إلى أرباح قياسية في الربع الحالي والتكفل بتعويض نقصان أرباح القطاع البنكي خصوصاً مع تميز قائدة السوق (سابك) التي حققت خلال الربعين الماضيين أفضل النتائج في تاريخها فحققت خلال الربع الأول 6.3 مليار، بينما بلغت أرباح الربع الثاني 6.5 مليار، ولو استمرت بنفس النمو لبلغت أرباح الربع الثالث 6.8 مليار وهو ما سيوصل أرباحها لل9 أشهر 19.1 مليار وهو رقم مقارب لأرباح العام الماضي كاملة ونمو يزيد عن ال33% من أرباح نفس الفترة من العام الماضي، وسابك مهيأة لتحقيق هذه الأرقام خصوصاً مع استمرار صعود أسعار المنتجات البتروكيماوية والحديد مع التوقع باستمرار النمو المستقبلي مع ظهور نتائج شراء سابك لوحدة البلاستيك في جنرال بدءاً من الموسم القادم، بالإضافة إلى بدء الإنتاج في بعض شركاتها الزميلة كينساب وكيان ومعادن خلال الفترة القادمة وهذا الأمر يعني استمرار سابك في التوسع والمحافظة على النمو حتى لو انخفضت أسعار المنتجات البتروكيماوية في المستقبل.. وبشكل عام فإن أسعار المواد البتروكيماوية في الأسواق متماسكة ومدعومة بالاستهلاك الكبير من الاقتصاد الصيني الذي لا يزال يحقق معدلات نمو عالية، في حين أن غالبية المصانع البتروكيماوية الوطنية تعمل بكامل طاقتها الإنتاجية لمواجهة الطلب العالمي مما يعطيها ميزة تنافسية في انخفاض تكاليف الإنتاج.
وفيما لو حققت سابك في الربع الحالي أرباحاً تقدر ب6.8 مليار ريال (كما هو متوقع) فإن الأرباح الصافية المتوقعة للشركة نهاية العام ستبلغ 26.1 مليار ريال، وهو رقم يفوق رأس مال الشركة مما يصل بعائد السهم إلى 10.4 ريال وهو ما يعني أن الشركة تتداول حالياً بمكرر ربح يقل عن ال12.
قطاع البنوك والتأثر
بهبوط السوق
كان التأثير السلبي لانهيار سوق الأسهم السعودي جلياً على نتائج الفصل الأول للقطاع البنكي، خصوصاً أن البنوك هي الوسيط الوحيد للتعامل في سوق الأسهم حتى الآن، وكان التراجع الذي حصل في مدخولات أعمال الوساطة نظراً للهبوط الملحوظ في قيم التداولات في السوق خلال النصف الأول هو السبب الرئيس لانخفاض أرباح البنوك بشكل حاد، حيث حققت البنوك خلال النصف الأول أرباحاً بلغت 12.77 مليار ريال مسجلة انخفاضاً نسبته 20% تقريباً مقارنة بأرباحها في النصف الأول من العام الماضي، وعلى الرغم من ذلك فقد سجلت بعض البنوك نمواً طفيفاً في الأرباح، لكن يبدو أن البنوك بدأت بامتصاص تأثير السوق على أرباحها وحققت في الربع الثاني نمواً بنسبة 3% عن الربع الأول ولو استمرت بنفس معدل النمو الربعي لحققت أرباحاً تقترب من الـ19.4 مليار ريال في الوقت الذي حققت فيه العام الماضي أرباحاً بلغت 22.8 وهو ما يعني انخفاضها بنسبة 13%، ويبدو أن البنوك بقيادة الراجحي (يتوقع أن تصل أرباحها لهذه الفترة إلى 4.9 مليار) ستسمر بالنمو الربعي المعقول بعيداً عن نسب النمو الهائلة في الفترة ما بين 2003 و2006 وهي الفترة المدعومة بنشاط هائل في سوق الأسهم السعودي خصوصاً مع قيام بعض البنوك كالراجحي وسامبا بالقيام بخطوة جديدة تتمثل بالتوسع الخارجي.
قطاع الأسمنت والنمو المتواصل
يُعد القطاع الأسمنتي نجم القطاعات في نتائج النصف الأول بلا منازع، والسبب في ذلك هو أن جميع شركات القطاع قد حققت نمواً في الأرباح بلا استثناء، وحافظ القطاع الأسمنتي على نسب النمو السنوية التي بدأها منذ أكثر من 5 سنوات، ويبدو أنه سيستمر في النمو مع استمرار الطفرة العمرانية في البلاد بالإضافة إلى توجه شركات القطاع إلى التوسع في الإنتاج وبلغت أرباحها في النصف الأول أكثر من 2.3 مليار ريال بزيادة فاقت الـ25%.. تلك الأرباح التي حققتها في النصف الأول من العام الماضي، وإذا استمر القطاع بنفس نسب النمو فسيحقق أرباحاً لهذا الربع تبلغ 3.5 مليار ريال.
قطاع الاتصالات
وآثار المنافسة
انخفضت أرباح قطاع الاتصالات في النصف الأول حوالي الـ10% مقارنة بالعام الماضي على الرغم من تحقيق شركة اتحاد الاتصالات (موبايلي) لنمو كبير في أرباحها تجاوزت نسبته الـ260%، والسبب الرئيس في هذا الانخفاض يعود لأرباح الاتصالات السعودية المنخفضة بأكثر من 15% والتي يبدو أنها بدأت نتائجها بالتأثر من المنافسة التي ستزيد حدتها في العام المقبل مع دخول المشغل الثالث للجوال، ومن يتابع إفصاحات شركة الاتصالات السعودية الربعية يلاحظ أنها منذ الربع الثالث من العام الماضي تسير بخط تنازلي بعد مسيرة النمو القوية التي بدأت عام 2003، ومن الممكن لنتائج الاتصالات أن تتحسن بدءاً من العام القادم بعد قيامها بخطوة التوسع الخارجي وهي خطوة كانت الشركة بحاجتها بعد دخول المنافس المحلي.
قطاع الاتصالات حقق في النصف الأول من هذا العام أرباحاً بلغت 6.37 مليار، ويتوقع أن تصل إلى 9.6 مليار ريال للأشهر ال9 من هذا العام، بعد أن كانت 10.4 مليار في نفس الفترة من العام الماضي.
القطاعات الأخرى
أثرت الأرباح غير التشغيلية في العام الماضي لبعض الشركات في القطاعين الخدمي والزراعي على أرباحه في النصف الأول من هذا العام، وانخفضت أرباح شركات القطاع الخدمي للنصف الأول أكثر من 18% محققة حوالي 1.07 مليار بينما حققت الشركات الزراعية أرباحاً بلغت 49 مليون ريال بانخفاض بلغ 55% ويتوقع أن تتخلص شركات القطاعين من الخسائر غير التشغيلية بسبب تحسن وضع السوق وأن تصل أرباح القطاعين ل1.6 مليار ريال.
وبالنسبة لقطاع التأمين فقد زادت أرباح الشركة الوطنية للتأمين التعاوني في النصف الأول بنسبة 49% لتصل إلى 390 مليوناً محققة نمواً للقطاع الذي يضم 11 شركة حديثة التأسيس بنفس النسبة، ويتوقع أن يستمر نمو الأرباح لهذا الربع لكن بنسبة أقل نظراً لأن أرباح النصف الأول تضمنت أرباحاً (غير مكررة).
ومن جهة أخرى نمت أرباح الشركة السعودية للكهرباء بنسبة 20% محققة أرباحاً بلغت 315 مليون ريال في النصف الأول من هذا العام ويتوقع أن تحقق الشركة ربحاً جيداً في هذا الربع (الصيفي) قبل أن تخسر في الربعين المقبلين.