«الجزيرة» - حازم الشرقاوي
عقب الاضطرابات التي شهدتها أسواق المال العالمية في شهر أغسطس، اتبع المستثمرون الإقليميون مساراً حذراً بشكل عام في النصف الأول من شهر سبتمبر فيما انتظر المستثمرون في كافة أنحاء العالم القرار المهم الذي اتخذته لجنة تحديد السياسة الائتمانية للبنك الفدرالي FOMC في الولايات المتحدة الأميركية. لقي هذا القرار المتخذ لتخفيض معدل الفائدة القصيرة الأجل في الولايات المتحدة الأميركية بنصف نقطة مئوية ترحيباً كبيراً وأدى إلى تحسن ملموس في ثقة المستثمرين في كافة أسواق المال العالمية كما اعتبر أحد العوامل وراء الأداء الصلب الذي شهدته أسواق المال في معظم دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا علماً أن أسواق المملكة وتونس كانتا الوحيدتين اللتين سجلتا أداء سلبياً خلال هذا الشهر.
وتراوح أداء الأسواق الإقليمية خلال هذا الشهر ما بين +12.4% و -4.8% الذي أعاد التأكيد على المفارقات في أداء أسواق المنطقة.
وشهدت منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وخصوصاً دول مجلس التعاون الخليجي في الأشهر القليلة الماضية اهتماماً غير مسبوق في دوائر الإعلام المالي والاستثمار العالمي نظراً لتقييماتها المغرية ونمو الاقتصاد وأرباح الشركات الذي يعد من الأقوى عالمياً.
وتمثل أسواق المال في دول مجلس التعاون الخليجي -طبقا لتقرير رسملة- أدنى مستوى مشاركة من قبل المستثمرين الغربيين مقارنة باستثماراتهم في الأسواق العالمية الأخرى كما وهي غير ممثلة في مؤشرات الرئيسة للأسواق الناشئة، الأمر الذي يرشحها لاستقطاب المزيد من المستثمرين الأجانب الذي يسعون إلى تنويع محافظهم في الأسواق غير المكتشفة خصوصاً أن أسواق دول مجلس التعاون الخليجي تظهر ارتباطاً ضعيفاً بالأسواق المالية الأخرى.
تعد المؤشرات الاقتصادية في دول مجلس التعاون الخليجي في أفضل حالاتها حيث تمتلك هذه المنطقة 37% من احتياطي النفط المثبت في العالم. وبناء على هذه الأسعار الحالية، يتوقع أن تتجاوز الإيرادات المستقبلية الـ 32 تريليون دولار أمريكي.
وقد أغلقت الأسهم السعودية للشهر المنصرم على انخفاض نسبته 5% بعد شهرين من الارتفاعات حيث قام المستثمرون بجني للأرباح بعد المكاسب القوية مؤخراً. هذا التراجع أعاد السوق السعودي إلى خسائر في أدائه خلال هذا العام وإلى المركز الأخير ضمن الأسواق الإقليمية. وكما هو متوقع، خفت حركة التداول خلال شهر رمضان المبارك. ويتوقع أن تستأنف نشاطها الاعتيادي بعد عيد الفطر الذي سيتزامن مع إعلانات نتائج الشركات للربع الثالث. ويعتبر السوق جذاباً إذ وصلت التقييمات إلى حوالي 16 ضعف كأرباح ونتوقع أن يكون موسم إعلانات الأرباح محفزاً لانطلاقة قوية للربع الأخير من العام الجاري.
خلال هذا الشهر، أعلنت الهيئة التنظيمية للسوق أنه سيتم اعتماد المساواة في التعامل ما بين المستثمرين في دول مجلس التعاون الخليجي والمستثمرين المحليين. هذه الخطوة تسير في الاتجاه الصحيح إذ تجعل من أكبر سوق في المنطقة وأكثرها سيولة أكثر انفتاحاً أمام المستثمرين الإقليميين.
وشهد سوق دبي المالي تراجعاً طفيفاً عند نهاية هذا الشهر، مسجلاً خسائر للشهر الرابع على التوالي. وكانت أحجام التداول قوية وسجلت ارتفاعاً نسبته أكثر من 65% حيث شهد 6.8 مليار سهم حركة تداولات خلال هذا الشهر. وكانت نفسية المستثمرين سلبية في أوائل الشهر المنصرم ولكنها تحسنت إذ عاد المستثمرون المحليون والأجانب مجدداً إلى السوق بعد تخفيض الولايات المتحدة الأميركية لمعدل الفائدة.
وعلى عكس مثيله المحلي، سجل سوق أبو ظبي أرباحاً جيدة بلغت نسبتها 3.52% للشهرالمنصرم. شهد السوق تداولات ضيقة النطاق خلال النصف الأول من هذا الشهر واستعاد رويداً رويداً عافيته خلال النصف الثاني. أما أحجام التداول فقد سجلت تراجعاً نسبته 46% مقارنة بالشهر المنصرم وأقفل الشهر بتداولات 2 مليار سهم.
واستقطب سوق أبو ظبي للأوراق المالية عدداً متزايداً من المستثمرين الأجانب مؤخراً بعد قيامه بجولة عالمية ساهمت في تحسين صورة السوق في أوساط الاستثمار الدولي. كما وقّع سوق أبو ظبي للأوراق المالية اتفاقية مع مؤشر (فوتسي FTSE) الرائد وذلك لإنشاء المؤشرات ل ETF ووقّع كذلك معاهدة تفاهم مع بورصات سنغافورة وهونغ كونغ وباكستان.
واستمر سوق الكويت بأدائه المتميز في هذا العام إذ كان أداء شهر سبتمبر الذي شكل ارتفاعاً نسبته 1.28% إيجابياً للشهر الثامن على التوالي من حيث أداء السوق. واسترجع سوق الكويت موقعه كأفضل أداء في أسواق منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا متخطياً المغرب إذ وصلت نسبة ارتفاعه إلى 28% في هذا العام. ويراقب المستثمرون عن كثب نتائج الربع الثالث لتقييم مسار السوق المقبل إذ ارتفعت بعض التقييمات إلى مستويات عالية بعد هذا الأداء القوي للسوق.
كذلك فقد استمر السوق القطري في انتعاشه القوي إذ سجل عند نهاية الشهر أرباحاً نسبتها حوالي 8% وبالتالي وصلت نسبة عائدات السوق للعام 2007 إلى 13.5%. شهد حجم التداولات ارتفاعاً نسبته فاقت الـ40% فيما تم التداول بحوالي 30.49 مليون سهم خلال هذا الشهر إلى جانب تسجيل المستثمرين الإقليميين والأجانب زيادة في وجودهم في هذا السوق الواعد.
وبعد أن خسر السوق المصري حوالي 6% خلال شهر أغسطس على خلفية تخفيض المستثمرين الأجانب لتواجدهم في كافة الأسواق الناشئة عاد السوق ليسجل إرتفاعاً نسبته تخطت 12% في شهر سبتمبر وبالتالي وصلت أرباح السوق في العام 2007 إلى 25%. وكان السوق إيجابي طوال الشهر مع ظهور إقبال قوي من المؤسسات. هذا وانخفض إجمالي أحجام التداولات بنسبة 35% نظرا لعزوف الكثير من المستثمرين المحليين خلال شهر رمضان المبارك.