دعونا نتفق أولاً على أن الصحافة الرياضية السعودية أثبتت طوال مسيرتها تميّزاً ملحوظاً وأخرجت من رحمها قيادات إعلامية مرموقة على المستوى المحلي والعربي وهذا بلا شك يعكس القيمة الحقيقية للإعلامي الرياضي السعودي..
هناك إعلاميون رياضيون على مستوى عالٍ من الشجاعة والتميّز الصحفي ولديهم ذكاء في قراءة الأحداث وركوب المواضيع الساخنة بشكل يدعو للإعجاب..
في الفترة الأخيرة وأعني من عام 2000 تقريباً بدأ رتم الإعلاميين المتميزين يقل تدريجياً حتى باتت الساحة الإعلامية الرياضية تأخذ منحى جديداً في الطرح إذ أصبحت التصاريح وأخبار الأندية والتعاقدات والانفراد بها هي سمة الصحفي الرياضي المتميز وتلاشى بشكل خجول وجه الإعلام الرياضي الحقيقي وأعني هنا (النقد)..
النقاد السعوديون بعد أن كانوا أهم محور من محاور الارتقاء الرياضي باتوا اليوم معدومين بشكل لافت (إلا من رحم ربي) اختلطت المفاهيم والمصالح والاتجاهات وغرق الغالبية العظمى في مستنقع الأندية فغابت العين الناقدة للكرة السعودية وغاب وجه الارتقاء الحقيقي للإعلام ولم يتبق سوى حروف هنا وهناك يحاول أصحابها بشكل بسيط مداواة العلل وهنا أصبحت المقالات الناقدة الحقيقية يطلق عليها (مقالة الموسم) كما حصل مع مقالة الزميل محمد العبدي (إنهم يشربون)..!!
القيادة الرياضية ممثّلة بسلطان ونواف لا تقف أبداً أمام الانتقاد الصادق حتى لو كان قوياً لكنه مدعوم بحقيقة ورؤية واقعية لكن السؤال الذي يطرح نفسه وبقوه: ما الذي أخفى نقادنا الإعلاميين؟؟
من منظور شخصي أعتقد أن البعض منهم وأعني الهامات الإعلامية الكبيرة تواروا عن الأنظار بسبب عدم وجود بيئة خصبة تقبل النقد الهادف حتى لو كان قوياً على اعتبار أن الناقد دائماً ما يكون في آخر الطابور.. أما المطبل المبجل لسعادة الكرسي فيقف بكل كبرياء مزيف في أول الطابور متلحفاً (البشت) المطرز بالحرير مع أنه يدرك في قرارة نفسه أنه إعلامي مرائي لا قيمة له ولا تاريخ..
آخرون اختاروا الرحيل عن الوسط الإعلامي الرياضي بعد أن بدأت الصحافة الرياضية تنتج عينات سيئة ملوثة بالتعصب وقلة الحياء الإعلامي غير قادرة على خلق أبجديات التعامل بين الكيانات الإعلامية من مؤسسات وأفراد..!!
آخرون أيضاً قرروا الغياب بعد أن أصبح مفهوم (الناقد) متاحاً لكل من هبّ ودب فتجد العجزة ينتقدون من خلف (لي الشيشة) والمراهقين يكتبون عن خطط الوصول لكأس العالم والمرتزقة يتبادلون الأدوار لتلميع (اللي يدفع أكثر)..!!
قلة قليلة جداً اختارت مواجهة الواقع وظلت على ثبات تواجه رياح التخلف النقدي الرياضي في السعودية وما زالت تواجه أيضاً نظرات عدم القبول والمحاربة الإعلامية القذرة لأنها لا تقول إلا الحق والحق فقط..
أحداث رياضية عدة شهدتها الكرة السعودية قريباً كانت تحتاج إلى مواجهة نقدية مباشرة مع الاتحاد السعودي لكرة القدم أو لجنة المنتخبات (إقالة مدرب المنتخب الأولمبي السابق البرازيلي نونيز) أو (إيقاف اللاعب خالد عزيز عاماً كاملاً) كمثال لم يتم التعامل معهما بالشكل النقدي الإيجابي بل تطبيل للقرارات ومسح جوخ لأصحاب تلك القرارات لضمان تذاكر السفر والسكن (وفلة الحجاج) عند أقرب مناسبة خارجية..!!
لا أدري حتى الآن كيف ضاعت الهوية النقدية لدينا وأصبحنا دون نقاد (نسبة وتناسباً) مع أن هناك من النقاد لو نطقوا لتغيرت مفاهيم كثيرة جداً هي في الأخير لصالح الكرة السعودية..
كنت أتحدث مع أحد زعماء النقد الرياضي الحقيقي بالمملكة عن الوضع الحالي فكانت تنهيداته تسبق كلامه وكأنه يتحسر على بضاعته التي لا يجد لها زبوناً في ظل توافد (التقليد الصيني) الرخيص وإقبال الناس عليه..!!
كان يقول: كيف نتنفس وليس لنا هوية؟؟ إنهم يحاولون قتل هويتنا..!! قلت له كيف؟؟ قال: انظر إليهم يؤسسون للاعلام اتحاداً تحت إشرافهم مع أننا نحن الإعلاميين وليسوا هم؟؟
كان كلامه أشبه بترنيمات الحزن المبكية.. إنه يتحسر ويطالب من أجل صحافة حرة أبية لا يتدخل فيها أحد..
اليوم شاهد أعمدة الذين يصفون أنفسهم بالنقاد..!!
غث وكلام سمج وتعصب قبيح وعبارات غير متناسقة تملؤها التناقضات من أولها حتى آخر سطر فيها ومدح ممجوج للقيادة الرياضية بشكل مزرٍ..!!
إن مسؤولية إعادة النقاد الحقيقيين إلى الحياة مرة أخرى هي مسؤولية تقع على مديري التحرير ورؤساء الأقسام في الصفحات الرياضية فهم الذين فتحوا الباب على مصراعيه لحملة الابتدائية ومدمني المعسل وفرقة حسب الله وأدق لك حرفين تعطيني قرشين وهم المسؤولون عن المطالبة بتنظيف الإعلام الرياضي من هؤلاء البراغيث..!!
أغرقونا بهلال ونصر واتحاد وأهلي وبلوي وسمسمية وغيره وتركوا أساسيات النقد للكرة السعودية التي هي بحاجة إلى ذلك في هذا الوقت بالذات إذ إننا مقبلون على طفرة الاحتراف والاستثمار ولا مكان للارتجالية في العمل والسكوت عن السلبيات والمجاملات مدعاة لتكرار الأزمات والنكسات..
ولكي أكون منصفاً فإني أشيد كل الإشادة بمن يحاول من القيادات الصحفية جلب الأسماء الناقدة الرائعة الصادقة لأنه يعمل بضمير حي ووعي إعلامي مستنير ولذلك لن أجامل أو أتزلف وأنا أرفع القبعة لمحمد العبدي وخلف ملفي وعبد الله آل هتيلة ولن أزيد..
(التعاون).. الموت القادم
من المدرجات..!!
كالذهب البراق الأصلي شعلل اللون الأصفر في مدينة بريدة ليواصل مسيرة الأفراح في هذه المدينة التي بدأت تتنفس الإنجازات الكروية فبعد اللون الأحمر العام الماضي جاء لاعبو سكري القصيم ببطولة غالية يستحقونها بالتأكيد وعاشت الجماهير التعاونية لوناً آخر أعادت فيه ذكرى البطولات والإنجازات بقيادة الفلتة حماد الحماد ورفاقه..
قلتها في السابق وأحمد الله أن الواقع أثبت صدق نظريتي فابتعاد الرائد عن التعاون العام الماضي جلب بطولتين للأول وهذا الموسم خيم الهدوء على الطرفين فانسل التعاون بنجومه الصغار وحقق بطولة غالية تُضاف لإنجازاته..
طالبت وما زلت أطالب بأن يقتل الطرفان تنافسهما السلبي ويفكرا بالمستقبل بطريقة مختلفة فكل الفرق منافسة ولا تعدو مباراة الطرفين عن جمع حصيلة ست نقاط لا أكثر ولا أقل..
التنافس مطلوب لكن ليس على حساب المستقبل فالرائد يبني والتعاون كذلك ومن هذا المنطلق يجب أن يتم خلق بيئة مناسبة لإخراج نتيجة البناء دون رتوش أو انزلاقات..
لقد ابتلى الرائد والتعاون بإعلاميين ضيقي الأفق يمسكون القلم بفكر ضارب (الطار) في المدرجات فتعفنت الأخلاق وساد البغض والكره بين الطرفين والنتيجة (طالعة نازلة) ناهيك عن التندر وضحك الآخرين على همجية ذلك التنافس..
مراسلون كانوا يتلذذون بالوجه القبيح للمنافسة بل يسوقون الكلام (الشوارعي) وكأنهم أبطال دون اعتبار لمكانة بريدة وأهلها حتى غدت موطن الشماتة الكروية..!!
الآن هناك عبد العزيز التويجري ومحمد السراح وكوكبة من المراسلين المثقفين الشباب الذين يحملون تأهيلاً أكاديميا مميزاً أتمنى أن يواصلوا مسيرة الإصلاح لتنظيف التركة الثقيلة لأنصاف المراسلين وأملي أن يقود هذا الجيل كرة بريدة إلى الأمام بشرط عدم المسيار على ضاربي (الطار) الصحفي..!!
تصويبات
** المدرب ناصر الجوهر أجرى أكثر من عملية جراحية في قلبه وتمَّ ادخاله المستشفى أثناء نهائيات كأس آسيا الأخيرة فهل كان من المنطقي أن يتم اختياره لتدريب المنتخب الأولمبي..؟؟
** على الاتحاد السعودي لكرة القدم أن يحاسب كل مسؤول داخل الأندية على أحاديثه الإعلامية المتلفزة أو المقروءة فهو يعكس وضع الكرة السعودية على الصعيد الإداري ومن غير المعقول أن تخرج كلمات (البلطجة) من مسؤول دون أدنى تحقيق معه..!!
* مبروك لجميع التعاونيين بطولتهم المستحقة وتهنئة خاصة لرجل الإنجاز الوجيه الشيخ فهد المحيميد ولنائبه الخلوق ياسر الحبيب والصديق الغالي علي التويجري وكافة محبي التعاون..
قبل الطبع
كل عام وأنتم بخير.
msultan444@hotmail.com