« الجزيرة » - بندر العنزي/ الأحساء - زهير الغزال
يشهد عدد من مدن المملكة هذه الأيام مهرجانات التمور، وهي فعاليات تستمد أهميتها من بعدين؛ الأول ترويجي لسلعة ضرورية تعتبر موردا اقتصاديا رئيسيا للمزارعين، والثاني سياحي يعمل على جذب كل فئات المجتمع لقضاء أيام في المدن التي تقام فيها، تلك المهرجانات.
وقد أوضح مدير قسم الثقافة والتراث بالإدارة العامة للبرامج والمنتجات السياحية بهيئة السياحة الدكتور علي صالح العنبر أن اهتمام الهيئة بهذه المهرجانات الزراعية يأتي من كونها ذات تأثير مباشر في دعم السياحة الداخلية من خلال تنظيم الأسواق والقيام برحلات سياحية لحضورها حيث تنعكس إيجابا على المزارع ويتمثل ذلك في زيادة إيراداته المالية وبالتالي رفع مستوى معيشته.. ومن جانب آخر فهي وسيلة هامة لحفظ التراث الضارب بجذوره في أعماق تاريخ المملكة، سيما وأن العمل بالزراعة ظل نشاطا متوارثا من الأجداد إلى الأبناء. من هذا المنطلق يأتي اهتمام هيئة السياحة بمهرجانات التمور في إطار برامجها وأهدافها للترويج وهو دور وإن كان قد أخذ زخما أكثر هذا العام إلا أنه لم ينقطع أبداً بل يأتي خلاصة لجهود الهيئة لوضع إستراتيجية عامة لسياحة تراعي خصوصية المملكة وترتكز على جملة من الأسس والمبادئ والموارد السياحية المتوفرة والقابلة للاستغلال إضافة إلى استدامتها وجدواها الاقتصادية والاجتماعية، ولذلك فقد ظل دور الهيئة قائما وتجسد في تنسيق وتواصل مستمر بين الهيئة ومناطق السياحة على امتداد المملكة.
ويتابع د. العنبر (في هذا الصدد قمنا بتسجيل العديد من الزيارات لأسواق التمور، ولدينا الآن تصور لآليات تنفيذ مهرجانات خاصة بالتمور والخروج بها إلى فضاءات أوسع بجعل عمليات البيع والشراء فعالية من منظومة الفعاليات التي تقام في المهرجانات). ويضيف د. عنبر قائلا (منطلقنا في هذا المخطط هو التركيز على المناطق المشهورة بإنتاج التمور في المملكة كالمدينة المنورة وسكاكا الجوف والرياض والخرج والأحساء والقصيم، وذلك عبر التعاون المثمر بين القطاعين العام والخاص بمشاركة إمارات المناطق والغرف التجارية وأمانات البلديات وغيرهم. ولضمان نجاح هذه المهرجانات فإن البحث جار عن شركات متخصصة وبالفعل اتصلنا بشركات وطنية فضلا عن الاتصال بكافة المسؤولين والمنظمين في هذه المناطق. ويتابع العنبر قائلا (هذا العام لدينا تصور وخطط تنفيذية لبعض هذه المناطق. ويضيف: العنبر بأن المهرجان لايتعلق فقط ببيع وشراء التمور؛ فالعملية أوسع وتتعلق بكل المنتجات الغذائية وغير الغذائية المرتبطة بشجرة النخيل والتمور. كما أن أحد أهم عناصر هذا المهرجان هو توظيفه للاستفادة من كل منتجات هذه الشجرة من الصناعات الحرفية اليدوية والتراثية لتقوم بدورها كاملا في دعم السياحة في المملكة، لاسيما وأن هذه الحرف تعكس الخصائص الثقافية والاجتماعية والاقتصادية للمكان الموجودة فيه وتعد المحافظة عليها أداة لاستمرارية التراث المحلي وتميزه. وعندما تجد الحرف اليدوية الاحترام والتقدير فإنها تستمر حرفة لكسب العيش مما يؤكد بأن هذا المجال المهم من مجالات التراث الوطني يمكن أن يبقى جزءا من الحياة العصرية. وعليه فللحرف اليدوية بعد اقتصادي.. وقد أثبتت التجارب إمكانية إسهامها بقدر وافر في تنمية صناعة السياحة وبالتالي فتح نافذة لمصادر إضافية للرزق وفرص عمل جديدة للشباب السعودي ومساهمة فعالة في علاج مشكلة البطالة.
ستنطلق منتصف شهر شوال المقبل فعاليات مهرجان التمور والنخيل بالأحساء الذي تنظمه جمعية النخلة التعاونية بالمحافظة، بالتعاون مع الهيئة، وذلك في مقر سوق التمور المركزي في مخطط عين نجم بمدينة الهفوف التابعة للأحساء، تحت شعار (تمر الأحساء.. أطيب)، وذلك في بادرة تعتبر الأولى من نوعها في المنطقة الشرقية. وكان محافظ الأحساء الأمير بدر بن محمد بن جلوي آل سعود، قد وافق على إقامة المهرجان.
وفي هذا الصدد ذكر مستشار نائب أمين عام التسويق والإعلام بهيئة السياحة الدكتور علي بن صالح العنبر بأن سمو أمين عام الهيئة الأمير سلطان بن سلمان وضع جزءا من اهتمام السياحة بتشجيع مهرجانات النخيل والتمور في السعودية، موضحاً بأن الأحساء من المحافظات السعودية الأكثر زراعة للنخيل وأكثر إنتاجاً للتمور، حيث بلغ عدد أشجار النخيل فيها 1.7 مليون نخلة في مساحة زراعية إجمالية تقدر بـ 12 ألف هكتار. مبيناً أن مشكلة تسويق التمور، تؤرق المزارعين والمنتجين لصناعة التمور، بحكم وجود العديد من العوائق التي تقف حاجزا أمام تسويق منتج النخيل الفائض على معدل الاستهلاك أو الاستفادة من صناعاته التحويلية بدلا من إهداره وتضرر العديد من المزارعين، لافتاً إلى أن هيئة السياحة سعت للتعاون ورعاية المهرجان لتشجيع هذه الصناعة. وأشار المدير التنفيذي للمهرجان عادل الذكر الله إلى أن المهرجان يشمل العديد من الفعاليات المصاحبة، مع التركيز على عرض تراث المجتمع الأحسائي المرتبط بالنخيل والتمور، وبمنتجاتها بما يسهم في تفاعل أفراد المجتمع مع الزوار والسياح وتحقيق الأهداف المعرفية والاقتصادية والثقافية والسياحية للمهرجان، وذلك عن طريق إقامة فعاليات وأنشطة تراثية واجتماعية وتسويقية واستعراضية، كما سيقام عدد من المحاضرات والندوات المتخصصة على هامش المهرجان، موضحاً بأن هناك عدة جهات حكومية مشاركة، منها: بلدية الأحساء، مكتب العمل، فرع وزارة التجارة والصناعة، الغرفة التجارية الصناعية، فرع وزارة الإعلام، إدارة التربية والتعليم، هيئة الري والصرف بالأحساء، جامعة الملك فيصل، مركز أبحاث النخيل، مديرية الشؤون الصحية، بجانب بعض الشركات والمؤسسات المتخصصة بالتمور، وعدد من مزارعي النخيل بالمنطقة، إضافة إلى الحرفيين وأصحاب الصناعات التقليدية المعتمدة على النخلة ومنتجاتها، مثل : القفاص، والخوص والخباز.
من جانبه، أوضح رئيس جمعية النخلة التعاونية بالأحساء وليد العفالق أن المهرجان جاء لتعزيز موقف نتاج النخيل والمحافظة على عوائدها المالية. وغرس مفاهيم تسويقية لدى المزارع والمواطن، إضافة إلى توفير مناخ خصب اقتصادي لتشجيع المستثمرين على تسويق واستثمار منتجات النخيل والتمور، كذلك تنمية المنتجات الغذائية القائمة على التمور وتسويقها في الداخل والخارج من خلال الأكلات الشعبية والصناعات التحويلية، موضحاً بأن المهرجان يهدف إلى إبراز أهمية الأحساء في إنتاج التمور كمنتج زراعي وطني وتبصير المزارع بالطرق المثلى لزراعة النخيل وتفادي الآفات الزراعية.