لجنة دوري المحترفين في آسيا التي تقوم بزيارة للمملكة طالبت بضرورة أن يكون للدوري الممتاز لكرة القدم لجنة مستقلة تابعة لاتحاد الكرة، وأن تكون للجنة شخصيتها المستقلة، وأن تكون للدوري ميزانية مستقلة، كما طالبت اللجنة بضرورة أن تكون للأندية السعودية شخصيتها الاعتبارية المستقلة وأن تدير شؤونها باستقلالية عن أية جهة حكومية استثمارياً ومالياً.
هذه الأمور، كان قد طرحها الرأي العام الرياضي من خلال الأطروحات الرياضية في الصحافة السعودية منذ ما يزيد على العقد من الزمان..! ولكن لم يلتفت إليها المسؤول الرياضي، ولم يعرها اهتمامه مع الأسف، فهو مشغول في أداء دوره الروتيني البيروقراطي في إجراءات إقامة الدوري أو تنظيم معسكرات المنتخب.
وبقي التخطيط والبرمجة للمستقبل والتجهيز والإعداد له.. قبل أن يأتي.. بقي كل ذلك بعيداً عن أي اهتمام.
وهذا الغياب مرده إلى غياب العقلية والوسيلة العلمية في إدارة الأمور، والتي جعلتنا إلى الآن نرضخ تحت إدارة العمل بالاجتهاد وبأسلوب (اللحظة الأخيرة).. مما يتسبب في إرباك وارتباك الأداء الإداري، وتفويت فرص العمل قبل الآخرين وتوفير كثير من الجهد والوقت والمال والحقوق.
لن أجلد الذات، ولن أكون مشرعاً لبوابة اللوم والملامة لمن لم يحترم قيمة وأهمية العمل الإداري العلمي وسيلة وأداة وبرامج.
ولكن، من حق الوطن عليَّ أن أنبه إلى مغبة استمرار الأمور على ما هي عليه، أقصد استمرار غياب العمل الإداري العلمي، التخصصي والمعرفي. وآن الأوان لتخليص الرياضة السعودية من اجتهاديات المشجعين وارتجاليات وعشوائية الهابطين بالبراشوت لميدان العمل الرياضي.
من حقي أن أخبر الرأي العام الرياضي، أن عقولاً وأقلاماً وطنية مستنيرة أدركت مغبة غياب العمل العلمي الإداري، وخطورة العمل الارتجالي المعتمد على الفراسة ورغبات وأهواء التشجيع.
هذه العقول الوطنية المستنيرة، كانت ومنذ عقد من الزمان وأكثر قد طرحت وطالبت كتابةً ورأياً وحواراً أن يكون - مثلاً - لدينا اتحاد كرة للمحترفين، وأن تمنح الأندية الاستقلالية من خلال فك ارتباطها بهيمنة الرئاسة مالياً واستثمارياً وأن تعطى حق اكتساب الصفة الحقوقية والاعتبارية، وغيرها من الآراء والأطروحات العلمية.. فيما (كان) أصحاب (الحظوة) والذين قربوا إلى مواقع صنع القرار، وولوا مسؤوليات لجان وإدارات مسؤولة عن كرة القدم.. (كان) هؤلاء.. أفق وغاية كتاباتهم وأطروحاتهم مجرد (نطنطة) استهلاكية تغذي شبق وجاهلية التشجيع الكروي للفانلة الصفراء، أو التحول إلى أبواق تنفخ المديح الممجوج.. أو مناصرة أنديتها بلغة وعقلية وأفق المشجع.. ولا غير المشجع.
يا سبحان الله، الزمن العادل - الآن - يخبر عن الصادقين، والعلميين، والمستنيرين.. الذين غايتهم الأولى والكبرى خدمة رياضة وطنهم الغالي.. ومدادهم نور العلم والمعرفة والإخلاص الصادق الصدوق مع راية وطن.. وليس لرضا ابتسامة صاحب المشلح اللماع وكسب حظوته!!
سنظل خدام مصلحة الوطن الطاهر.. ونحمد الله كثيراً أن لم يجعلنا من ضمن المحرجين والمتعرين.. (الآن) أولئك الذين ساهموا في تضليل وتسطيح الطرح الرياضي، وغيَّبوا مصلحة الوطن والعلم على حساب مصلحة ونزق ونعرة التشجيع.
العجيب، المحزن أن هذه النوعية.. تتكاثر بنهم، كأنما تُسّرع في زوال حقبتها.. قريباً.. قريباً بمشيئة من يتنفس الصبح بأمره.
منير رفه..
أفرح كثيراً، عندما أنصت للعقل المنير، ذلك الذي يضيف إلى معارفك ومداركك فكرة ورأياً واستنارة.
وهذا بالضبط، ما خالجني وأنا أتابع إحدى حلقات برنامج (فوانيس)، حيث كان الأستاذ المحترم (منير رفه) الشخصية الرياضية التي يفاخر نادي الاتحاد بأمثالها.. فقد أضاف الرجل كثيراً في المساحة الشحيحة من الضوء في عالمنا الرياضي السعودي.
الأستاذ منير تحدث عن انتخابات الأندية والاتحادات المقبلة.. فكان منظم الفكرة، واضح الرؤية، وعلمي التناول والطرح.
لم يكن الأستاذ المستنير، رهين شحذ الإلهام اللحظي - الآني، كما هو ديدن الكثيرين من ضيوف (فوانيس)، الذين لا علاقة لهم برسالة الرياضة، إنما هم في الغالب تسللوا أو هبطوا بالبراشوت إلى ميدان الرياضة..إما لغايات ومغانم مال وشهرة وملء فراغ وهم قلة، أو هم من صنف المشجعين أو المنتمين إلى كتائب (أداء الواجب) التشجيعي.. فأصبح ذلك كاتباً والآخر صحفياً، والعاشر عضو إدارة، أو لجنة، أو عيناً وأذناً للزوم ما يلزمه اللزوم!!
متى تمتلئ الساحة الرياضية بأمثال الأستاذ (رفه) ومتى ما حدث ذلك، فإنه مؤشر إلى نهضة رياضية تأخر مجيئها وانبثاقها..
الأستاذ منير، تحدث عن الانتخابات.. وطرح أفكاراً في غاية الأهمية، من بينها توسيع نطاق الانتخابات بحيث لا يشمل فقط مقر النادي الرئيسي، إنما إتاحة الفرص للجميع وفي جميع المناطق للتصويت.. وأضيف أن المكاتب الفرعية والرئيسية قادرة على أداء هذه المهمة، وكذلك أهمية أن يقدم أي مرشح (برنامج عمل) في ضوئه يتم انتخابه، وعلى أساسه يتم تقييم ما أنجزه من هذا البرنامج.
الأستاذ منير، نبَّه إلى أن الحالة مقلوبة عندنا، فالمفترض إجراء انتخابات الأندية أولاً، وليس انتخابات الاتحادات، لأن الأخيرة تنتخب على ضوء الأولى..!
إنه غياب العقل العلمي.. يا منير، هو ما يجعل العمل الارتجالي يقع في أخطاء.. وثغرات.. يتم تصحيحها.. عسف ما يمكن عسفه.. حتى ولو كان مصلحة مباشرة.. قاتل الله العزة عندما تجبر صاحبها على إثم.. لا يريد التراجع عنه أو تصحيحه.. فذلك (هزيمة).. هكذا تحاكيه عقلية التشجيع لديه!
أختم.. أمثال الأستاذ منير رفه.. لماذا لا يتواجدون في المشهد الرياضي إعلامياً مثلاً، لماذا نصرُّ على تشويه الرياضي السعودي من خلال كادر الأميين الرياضيين ممن نالوا مسمى الصحفي والإداري.. في العقل المستنير غائب، ومغيَّب.
أخشى أن تكون مؤامرة يرتكبها دعاة التشجيع الجدد في حق سمعة ومكانة رياضة وطنهم الغالي.. أكثر بكثير من فانلة فريقهم.