في علم الإدارة هناك شيء اسمه إدارة الأزمات، بمعنى أن الإدارة العليا لا تتجه إليه إلا عند الأزمات التي تفرض ذلك، كون السياسات العادية لم تعد مجدية أو كافية لصنع قرار مثالي أو تحقيق النتائج المتوخاة، في نادٍ كبير مثل نادي الهلال السعودي يفترض أن يكون قدوة لغيره من الأندية، ومنذ زمن طويل، وعبر إدارات متلاحقة، تدار الأمور غالباً بأسلوب إدارة الأزمات، وهو ما كبد النادي الكثير وأفقده جملة من المكتسبات التي كانت أقرب إليه من غيره في كثير من الأوقات لو أن إدارته المتعاقبة اتخذت التخطيط بعيد المدى وهو جوهر الإدارة وسر النابغين بها منهجاً تسير عليه في قيادتها للنادي، وكنت قد كتبت وغيري ومنذ سنوات أن أسلوب علاج الأمور بالمسكنات الوقتية لم يعد مجدياً، وأن واقع الهلال يفرض علاجاً حاسماً، لكن ما يحققه الفريق الكروي وبعض الألعاب المختلفة كانت تصور للهلاليين أن أمور ناديهم على أحسن ما يرام، وأنها أقرب إلى الصواب منه إلى الخطأ، وأن مخاوف البعض لا مكان لها، وهنا ربما كان هذا التصور مقنعاً لو أن طموحات الهلاليين محدودة وتتوقف عند الفوز ببطولة كل موسم، لكن إذا كانت الطموحات كباراً فلا بد أن تتعب من أجل ذلك العقول التي تفكر والأبدان التي تنفذ.
ما تعرض له فريق الهلال الكروي من هزتين شديدتين خلال خمسة أيام بالخروج من دوري أبطال آسيا والخسارة من فريق نجران كان متوقعاً للمراقبين جيداً للشأن الهلالي، وهؤلاء يدركون أيضاً أن الهلال بحاجة للكثير حتى يعود سيرته الأولى وأن أي محاولات حالية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه لن تحقق الهدف المنشود بكفاءة، ولا أقول ما سبق تشاؤماً ولكن الأمر واقع وحري بالهلاليين الإيمان به، وهنا فإن أول خطوات علاج الخلل تكمن في الاعتراف بوجوده وعدم محاولة حجب الشمس بغربال.
إن قراءة سريعة للأحداث التي مر بها الهلال هذا الموسم ومنذ انطلاق فترة الاستعداد تكشف الكثير بداية من إقامة معسكر التحضير في تونس - رغم فشل معسكر الموسم الذي سبقه - والأسماء التي اختارها الهلاليون للمعسكر، مروراً باعتزال الأسطورة سامي الجابر على نحو مفاجئ لم يكن متوقعاً على الأقل أن يحدث قبل فراغ الفريق من مشاركته الآسيوية، ثم الأسماء التي شملتها قرارات التنسيق من القائمة والأسماء التي فازت بالبقاء فيها وهي الأسماء التي اختلف الهلاليون عليها كثيراً ورأى أغلبهم أنها انتهت إلى غير مصلحة فريقهم، ثم التعاقد مع لاعب برازيلي مغمور (برونو) للاحتراف مع الفريق في مركز يوجد من يشغله وبشكل أفضل من البرازيلي الشاب بمراحل، وهو القرار الذي يرى كثيرون أنه قد ضرب حظوظ الهلال الآسيوية وقد تجلى الأمر أمام الوحدة الإماراتي لا سيما بعد إصابة التايب وظروف الشلهوب.
إن على الهلاليين الإيمان بأن ناديهم يحتاج للكثير وأن الأمر لا يتوقف عند إبعاد لاعب أو آخر من التشكيلة، أو اللعب كل مباراة بقائمة أساسية جديدة كما يفعل مدرب فريقهم كوزمين أولاريو، الهلال يحتاج إلى عمل جبار حتى يعود إلى إبداعه وحضوره وتألقه السابق، وأول ما يحتاجه ترك القناعات القديمة وفتح صفحة عمل جديدة وفق خطط علمية سليمة وحسب أطر منهجية واضحة، وترك الاجتهاد جانباً، فالاجتهاد قد يصيب مرة، لكنه لا يسمن ولا يغني من جوع في النهاية لا سيما عندما يتعلق العمل بالمدى الطويل.
إن من المناسب أيضاً أن يعمل الهلاليون خلال الفترة الحالية بخطتي عمل في آن واحد من أجل حاضر ناديهم ومستقبله - وهو أسلوب إداري مطبق ومعروف في بعض المنشآت خلال مواجهة الأزمات أو تحت ظروف معينة -:
- الأولى قصيرة المدى وذلك لمواجهة متطلبات فريقهم هذا الموسم والعمل على عودته إلى ما ينشدونه منه، مثل التعاقد مع بديل للمقلب برونو والعمل على تجديد عقد تفاريس والسعي لدعم الفريق بعدد من اللاعبين المحليين خلال فترة الانتقالات الشتوية المقبلة.
- الثانية طويلة المدى للتخطيط للمواسم المقبلة ومتطلباتها وما يضمن نجاح النادي في كل ألعابه ومناشطه، ومثالها التخطيط لأسلوب الاستعداد للموسم الرياضي المقبل ودراسة إمكانية فتح أكاديمية أو مدرسة كروية تكون عوناً على تقديم ما يحتاجه الفريق من لاعبين في كافة المراكز وتعزز سياسة الاستثمار في هذا الجانب الحيوي الهام أيضاً إضافة لدراسة واقع الألعاب المختلفة في النادي وأبرز احتياجاتها.
وغني عن القول أنه ينبغي أن يكون لكل خطة فريق عمل بذاته مع وجود ما يضمن عدم الازدواجية المضرة في التنفيذ.
أخيراً لن أتحدث عن أبرز ما يحتاجه الهلال خلال المرحلة المقبلة فقد سبقني عدد من الزملاء لذلك، كما أن جماهير الهلال قد عبرت عن مطالبها وكشفت من واقع حبها لفريقها وغيرتها عليه أبرز ما يحتاجه، وبقي الدور على التنفيذيين في النادي لبدء العمل في تأمين ما يحتاجه النادي عامة والفريق الكروي خاصة قبل أن تطير الطيور بأرزاقها ويصبح الحديث مجرد عبث محاك تماماً لمن يبكي على لبن مسكوب.
مراحل.. مراحل:
* بعد تصريح الحارس البديل، الخطير والغريب، ردد مشجعو الفريق مقولة (حشفاً وسوء كيلة).
* هل يكون أحمد العجلاني قادراً على إصلاح الأوضاع القدساوية وإيجاد العلاج الناجع للوهن الشديد الذي يعاني منه الفريق القدساوي؟ أشك في ذلك حتى وإن استند القدساويون على نجاحاته السابقة واللافتة أيضاً مع فريقهم.
* ثلاثة في مرمى الأهلي لا تكفي للقول بأن النصر عاد إلى وضعه الطبيعي كفريق منافس.. الحقيقة أن النصر يحتاج للكثير من العمل.
* مر زمن طويل لم يفز فيه النصر على الأهلي في جدة.. بل إنه نادراً ما يحقق الفوز عليه حتى في الرياض.. لكن ظروف الأهلي الحالية جعلت الرد الأصفر قاسياً.
* هذا هو بوكير الذي بذلت إدارة الأهلي الكثير لكي تفوز بالتعاقد معه يقود القلعة إلى أسوأ النتائج.
* نجاح المدرب أي مدرب مع فريق ما لا يكفي لضمان نجاحه مع فريق آخر فلكل فريق منهاج خاص به، وهذا ما فات على الأهلاويين بالتأكيد.
* نجاحات نيوبوشا مع الأهلي ستجعل جماهير الفريق تطالب به بعد كل مباراة فيما لو حضر مدرب آخر سواه بعد إقالة بوكير.
* إنجاز التعاون الأخير جدد المطالبة بالمسارعة في إنشاء مقر نموذجي للنادي العريق ولجاره أيضاً نادي الرائد لا سيما وأنهما يمثلان ثقلاً كبيراً في القصيم ويحظيان بشعبية كبيرة تتجاوز شعبية عدد من أندية الممتاز.
* محمد السراح يملك الكثير من الأدوات والقدرات الإدارية المميزة التي تؤهله للنجاح، وقد كشف عن ذلك قبل أن يكون رئيساً للتعاون من خلال عمله السابق سواء في ناديه أو في نادي الحمادة.
* لا جديد في أخطاء علي المطلق في مباراة الهلال ونجران، فقد تعود الهلاليون مثل هذه الأخطاء، حتى أنهم أصبحوا لا يحتجون عليها.
* يبدو أن فوز الشباب على البنزرتي في لقاء الذهاب جعل الفريق يضمن التأهل للدور الثاني من دوري أبطال العرب.. ليأتي لقاء الإياب ليؤكد للشبابيين خطأ حساباتهم هذه المرة!!
* الفرق السعودية واصلت إخفاقاتها خارجياً ومن موسمين فشل الاتحاد والهلال والشباب والنصر ولم ينجح إلا الاتفاق في بطولة الخليج!
* في الهلال لم يعد يوجد اللاعب الذي يلغي كل الظروف والأخطاء خارج الميدان.. ويعزل الفريق عن أي مؤثرات ويقوده من نصر إلى نصر.. كما كان يفعل سامي الجابر مثلاً.
للتواصل:sa656as@yahoo.com