في زمن التبست فيه الأمور يتعين على الجميع التوقف والتأمل فيما يحدث في منطقتنا وبين ظهرانينا، فهناك الافتئات على أمور شرعية خضعت لتفسيرات ذاتية خاطئة وعلى هذا الخطأ تم بناء ما يسوغ الجهاد تحت دعاوى زائفة، وانساق الكثيرون من الشباب وراء هذه الدعاوى الواهية لينخرطوا فيما ظنوا أنه جهاد ومن بين هؤلاء بعض من شبابنا الذين استهوتهم تلك الأمور فسيقوا وحداناً وزرافات تحت رايات متعددة ليلقوا حتفهم فيما ظنوا أنه قتال في سبيل الله.
لقد أصبح العديدون وقوداً لحروب يخوضها البعض في الجوار، ونشير تحديداً إلى ما يحدث في العراق وما حدث في لبنان وفي غيرها، فقد وجد نفر من السعوديين الشبان أنفسهم يخوضون قتالاً ضارياً باسم الجهاد في مخيم نهر البارد في لبنان تحت امرة فئة مارقة باغية حولت المخيم إلى انقاض وشردت أهله، وللأسف فقد كان أبناؤنا المغرر بهم بين هؤلاء القتلة، وبعضهم اعتقد أنه سيتوجه إلى العراق لكنه وجد نفسه في مواجهة أبناء جلدته من بني الإسلام وفي مواجهة الجيش اللبناني فيما قالوا إنه سيقاتل الأمريكيين أو غيرهم ممن يحارب على أرض العراق.
تحذير سماحة المفتى الأخير فيه تذكير مهم بكل ما يتصل بالجهاد، ولعل من أهم ذلك أن الجهاد أمر معقود إلى ولي الأمر فهو الذي يأمر به وهو الذي يعد عدته، ومن ثم فإن خروج هؤلاء الشباب بالطريقة التي يفعلونها واستجابة لنداءات من آخرين لا علاقة لهم بهؤلاء الشباب من جهة المسؤولية عليهم إنما يعد عصياناً واضحاً لولاتهم وعلمائهم وفي ذلك إخلال كبير بالتشريعات وافتئات على أمر هو من مقومات ديننا الحنيف، كما أنه لا يحتمل الاجتهادات السياسية المرتجلة أو التي تنبني على الحاجات الآنية والتي لا تعتمد على أساس قوي.
ولا شك أن خروج شبابنا استجابة لنداءات واهية والقتال تحت رايات غير واضحة يجلب كل أنواع الشرور للمملكة، ويشوه صورتها أمام الآخرين، في الوقت الذي تجهد فيه بلادنا على حلحلة مشاكل المنطقة وقد كان ولا يزال لها القدح المعلى في التقدم بمبادرات فاعلة في تسوية المصاعب القائمة سواء كان ذلك في فلسطين أو لبنان أو العراق.
ويسوء هذه البلاد كثيراً أن تتحمل هذه الأخطاء التي يقدم عليها شباب لم يبلغوا بعد درجة من العلم يميزون به بين الحق والباطل ويأتي آخرون ليستغلونهم ويتخذونهم وقوداً لحروبهم وأغراضهم تحت دعاوى الجهاد وتحت مختلف المسوغات التي يتعمدون خلطها بكل ما هو إسلامي ليسهل عليهم التغرير بهؤلاء الشباب.
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244