جاءت المناسبات الاجتماعية والدينية متعاقبة هذا العام؛ ما أثقل كاهل المواطنين، وخصوصاً مقترضي البنوك الذين يمثلون النسبة العظمى من شريحة الموظفين في القطاعين الحكومي والخاص. الإجازة الصيفية، وموسم العودة إلى المدارس، وشهر رمضان، ثم عيدا الفطر والأضحى القادمان... كلها مواسم خير وبركة، إلا أنها أتت بمتطلباتها الخاصة وميزانياتها الثقيلة التي تفوق في حجمها مقدرة شريحة واسعة من المواطنين.
ميزانيات المناسبات والمواسم المطلوبة لهذا العام تختلف في حجمها عن ميزانيات الأعوام الماضية؛ فما يتبقى من أجور الموظفين بعد دفع فواتير الكهرباء، والهاتف، والأقساط الشهرية لا يمكن أن يوفر نصف الاحتياجات الضرورية مقارنة بالعام الماضي، وما ذاك إلا بسبب الغلاء الذي طال جميع السلع والخدمات الضرورية.
إيجارات الشقق السكنية، ومصاريف العلاج، وأسعار بعض المواد الغذائية الأساسية تضاعفت خلال الأشهر التسعة الماضية، وهي مرشحة للارتفاع خلال الأشهر القادمة؛ ما ينذر بحدوث مشكلات اجتماعية لا حصر لها، كما أن الكثير من الأسر لا يمكنها التعايش مع موجة الغلاء الحالية؛ ما يدفعها إلى الاقتراض، أو جدولة القرض من خلال إصدار قرض آخر وتوفير النزر اليسير من الريالات لمواجهة متطلبات الحياة. يبدو أن المجتمع بأسره أصبح رهينة القروض الاستهلاكية.
أحد عملاء البنوك السعودية أبدى انزعاجه الشديد بسبب اقتطاع البنك قسطين من مرتب شهر شعبان، وبعد أن طالب البنك بإرجاع القسط المخصوم دون وجه حق تحجّج البنك بوجود مشكلات فنية في نظام الكومبيوتر تحول دون إعادة القسط، المخصوم بطريق الخطأ، إلى حسابه بصورة فورية!! اضطر العميل إلى مخاطبة الجهات المسؤولة، بعد أن أعياه الانتظار الطويل وأضعفته الحاجة، إلا أنها أحجمت عن إنصافه ونصحته بنشر قضيته عبر الصحافة إذا ما أراد التعجيل باسترجاع حقه المسلوب!! من المحزن حقاً أن يستجدي الإنسان البنك لإعادة قسطه الذي لا يتجاوز 1700 ريال بعد أن خُصم من حسابه دون وجه حق، ومن المبكي أن يكون ذلك المبلغ المحتجز هو كل ما تبقى له من مرتبه الشهري البسيط، بل هو قوت أبنائه لشهر رمضان المبارك!! يمكن أن نقيس على هذا الموظف الشريحة الواسعة التي تحدثت عنها بداية المقالة.
من أجل هؤلاء أناشد أولاً الجهات الرسمية التدخل بثقلها لإيجاد الحلول الناجعة لكبح موجة الغلاء الحالية، وتوفير البدائل المناسبة للمحتاجين، والفقراء والمساكين، ومحدودي الدخل، والنظر في إمكانية دفع معونة مباشرة، أو مرتب شهر لأصحاب الأجور المتدنية كي تساعدهم على مواجهة موجة الغلاء الحالية التي أحرقت أجورهم الشهرية قبل أن يؤمنوا الجزء اليسير من حاجاتهم الضرورية.
كما أنني أطالب البنوك السعودية، وبخاصة الإسلامية، باتخاذ قرار جماعي ينص على تأجيل أقساط المقترضين لشهري رمضان وذي القعدة من كل عام بدءاً من الشهر الحالي؛ مساهمة منهم في التخفيف عن كاهل المقترضين ولإعطائهم فرصة استغلال الأقساط المؤجلة في شراء بعض مستلزمات العيدين، وإعفائهم من فوائد الشهرين المؤجلين، واعتبارها عيدية تعايد بها عملاءها المدينين، والوطن في يومه السعيد. أتمنى أن يكون برنامج تأجيل أقساط القروض الشخصية في الأشهر التي تسبق الأعياد الدينية منهاجاً ثابتاً تتبناه البنوك السعودية عن طيب خاطر؛ أسوة بالبنوك الخليجية التي تعجز عن تحقيق 30 في المائة من أرباح بنوكنا السعودية. قال تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}.
f.albuainain@hotmail.com