Al Jazirah NewsPaper Tuesday  02/10/2007 G Issue 12787
رأي الجزيرة
الثلاثاء 20 رمضان 1428   العدد  12787
العراق.. التقسيم بعد التدمير

صاحبت الغزو الأمريكي للعراق حركة دمار واسعة شملت المنشآت والبنيات التحتية والمؤسسية ولم توفر حتى الإنسان، والآن بعد أكثر بقليل من أربع سنوات يفصح سياسيو أمريكا عن نواياهم لتقسيمه، وفيهم من يزعم أن ذلك أفضل السبل لسلامة العراق، لكن من الواضح أن ذلك هو ما يتفق مع مخططاتهم ومرئياتهم، وإذا كنا وصلنا إلى مرحلة التقسيم بعد بضع سنوات فقط على الغزو فكيف سيكون الحال ان استمر الوجود الأجنبي في العراق سنوات أخرى وإلى العام 2020م حسبما يتصور بعض الساسة الأمريكيين..

في الولايات المتحدة هناك من ينظر إلى العراق كمشروع لتحقيق الهيمنة، وبدلاً من الأهداف التي صاحبت الغزو والتي تحدثت عن تحويل العراق إلى واحة للديموقراطية والحكم الرشيد نرى أن ما يتحقق، وما هو طي الكتمان، وربما ما هو في طور التخطيط لايمت بأية صلة لآمال وطموحات العراقيين بل إنه يناقض بالكامل ما يتطلعون إليه من وحدة واستقرار وقدرة على الإمساك بدفة أمورهم..

قرار مجلس الشيوخ الأمريكي الأخير الذي يقضي بتقسيم العراق إلى ثلاثة كيانات طائفية ربما كان فقط قمة جبل الجليد، فالاستراتيجيات الأجنبية المتعلقة بالعراق تنظر إليه كغرفة عمليات في منطقة مهمة اقتصادياً وسياسياً، إذ إن الجيوش الأمريكية توجد في واحدة من أكبر مناطق إنتاج النفط في العالم، كما أن هذا الوجود قريب من إيران ألد أعداء الولايات المتحدة، ومن فلسطين وهي أحد أهم مناطق الصراعات السياسية في العالم بكل ما يعنيه ذلك من دعم للحليف الإسرائيلي سلماً أم حرباً..

بالطبع لا يمكن إعفاء العراقيين من مسؤولية مما يفعل بوطنهم والعبث به بل ومحاولات تكريسه لخدمة أهداف الآخرين، لكن ماذا لو اتحد العراقيون وقرروا السمو فوق خلافاتهم واستطاعوا كسر الحواجز المنصوبة بين مختلف طوائفهم لينخرطوا في صف وطني واحد؟

ان تحقق ذلك على أرض الواقع يستوجب انقلاباً كاملاً في المفاهيم كما يتطلب انتصار العراقيين على نوازع الفرقة والتشتت، والانعتاق من التبعية للآخر أينما كان هذا الآخر داخل بلدهم أو خارجه..

وكما نرى فإن حدوث ذلك يتطلب ثمناً باهظاً مطلوباً من أجل وحدة العراق، إذ يتعين تغيير استراتيجيات كبرى، وهو أمر ليس بالأمر الهين، وتفضل القوى الأجنبية أن يتخلى الآخرون عن أهدافهم وطموحاتهم بدلاً من أن تتغير خططها، ولهذا فإن النواب الأمريكيين لا يجدون مشكلة في تقسيم العراق إلى ثلاث مناطق طالما أن ذلك يساعد في تحقيق أهدافهم حتى لو أدى إلى تدمير العراق وذهاب ريحه..

***

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244








 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد