«الجزيرة» - حازم الشرقاوي
ارتفعت معدلات رواتب القطاع الخاص في دول مجلس التعاون الخليجي الست بنحو 9% في العام الماضي، حسب نتائج دراسة متخصصة أجرتها جلف تالنت دوت كوم المتخصصة في التوظيف الإلكتروني من خلال شبكة الإنترنت.
وفي الدراسة السنوية الثالثة من نوعها حول حركة الرواتب والبدلات في الخليج 2007، أوضحت جلف تالنت دوت كوم النسبة المئوية للزيادة في الراتب الأساسي بدول المجلس الست خلال فترة سنة واحدة حتى شهر أغسطس 2007:
السعودية 7.7%
عمان 11.0%
الإمارات 10.7%
قطر 10.6%
البحرين 8.1%
الكويت 7.9%
وقد ارتفعت الرواتب في القطاع الخاص في المملكة بنحو 7.7% مقارنة بـ 6.5% العام الماضي. ولا يزال أرباب الأعمال يواجهون منافسة محلية شديدة للاستحواذ على المواهب السعودية، ومنافسة إقليمية أيضاً للحصول على الكوادر الوافدة.
ولا يزال مستوى التضخم في المملكة منخفضاً بالمعايير الإقليمية بفضل الدعم الحكومي السخي. ولكن الأسعار بدأت بالارتفاع مع زيادة الرواتب وانخفاض قيمة الريال السعودي المرتبط بالدولار الأمريكي؛ مما يزيد من أسعار السلع المستوردة. ومع الزيادة السكانية السريعة، تقع إيجارات العقارات السكنية تحت ضغوطات جديدة، وارتفعت تلك الإيجارات بمعدل 10% خلال الاثني عشر شهراً الماضية.
ويبدو أن مشاركة المرأة السعودية في سوق العمل في نمو مستمر ويزداد عدد النساء السعوديات الراغبات في العمل وعدد الشركات التي تؤسس تسهيلات لتوظيفهن. ومن المتوقع أن يساهم ذلك في تخفيف الضغط على الشركات لتلبية متطلبات «السعْودة» وتحقيق أهدافها.
عمان
فيما سجلت سلطنة عمان أعلى نسبة زيادة من 5.6% العام الماضي إلى 11.0% العام الحالي، وتعود تلك الزيادة جزئياً إلى زيادة رواتب موظفي القطاع العام بنسبة 15%. كما أن قرار الحكومة في بدايات العام الحالي بالسماح للوافدين بتغيير أرباب عملهم ساهم في ارتفاع نسبة انتقال الموظفين من مؤسسة إلى أخرى مما أجبر الشركات على زيادة الرواتب للاحتفاظ بموظفيها.
الإمارات وقطر
وتبقى الإمارات وقطر - اللتان تعانيان من نسبة تضخم عالية هذا العام ? بالقرب من قمة القائمة. فقد بلغت نسبة الزيادة في رواتب المهنيين بالإمارات 10.7% مقارنةً بـ 10.3% العام الماضي، بينما ارتفعت النسبة في قطر إلى 10.6%، وهي أقل هامشياً من النسبة المسجلة العام الماضي والبالغة 11.1%.
البحرين
وارتفعت نسبة الزيادة في الرواتب في البحرين إلى 8.1% من 6.4% العام الفائت، ويعود السبب في الزيادة إلى ارتفاع رواتب موظفي القطاع الحكومي بنسبة 15%.
الكويت
وفي الكويت، لم يطرأ تعديل كبير على نسبة الزيادة في رواتب موظفي القطاع الخاص، حيث سجلت نسبة 7.9% مقارنةً بـ 8.0% العام الماضي، بينما ارتفعت الرواتب في السعودية إلى 7.7% مقارنةً بـ 6.5% عام 2006م.
وفي جميع دول المجلس، شملت القطاعات التي شهدت أعلى زيادة في الرواتب قطاع البناء والقطاع المصرفي والنفط، كما كان عليه الحال في نتائج العامين الماضيين مما يعكس استمرار النمو القوي لتلك القطاعات في اقتصاديات دول المنطقة. وسجل قطاع الرعاية الصحية والتعليم أدنى معدلات الزيادة في الرواتب.
وفي الفئات الوظيفية المختلفة، حصل المهندسون والعاملون المهنيون في القطاع المالي على أكبر زيادة في الرواتب، وجاء في المركز الثالث بعد هاتين الفئتين فئة المتخصصين في إدارة الموارد البشرية.
ولم تكن مهنة إدارة الموارد البشرية في المنطقة من المهن البارزة، لكنها صعدت سلم الأهمية في الآونة الأخيرة بسبب توجه أصحاب الأعمال في الخليج نحو مواجهة التحدي الكبير والمتمثل في اجتذاب الموظفين الأكفاء وتطوير قدراتهم والعمل على الاحتفاظ بهم.
أشارت الدراسة إلى النمو الاقتصادي المستمر والمنافسة الشديدة للحصول على الكوادر والمواهب كسببين رئيسين وراء الزيادة في الرواتب، هذا بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف المعيشة في بعض أرجاء المنطقة وخاصة في قطر والإمارات، والزيادة الكبيرة التي حصل عليها موظفو القطاع الحكومي في عدد من دول الخليج.
كما وجدت الدراسة أن الانخفاض في سعر صرف العملات المحلية المرتبطة بالدولار الأمريكي يقلل من قيمة رواتب وبدلات الوافدين الأوروبيين ويضع ضغوطاً إضافية لرفع معدلات الزيادة في الرواتب. وقد ساهم قرار الكويت قبل عدة أشهر بفك الارتباط بالدولار الأمريكي الضعيف ثم الارتفاع الذي حصل في سعر صرف الدينار الكويتي بنسبة 3% في تعزيز تنافسية الرواتب في الكويت مقارنةً بجيرانها الخليجيين. وقالت الدراسة إن هذا التوجه قد يزيد الضغوط على دول الخليج الأخرى لاتخاذ خطوة مماثلة.
ومن الأسباب الأخرى لزيادة الرواتب التي ذكرتها دراسة جلف تالنت دوت كوم النمو الاقتصادي المتواصل وارتفاع معدلات الرواتب في الهند التي تعتبر تقليدياً المورد الرئيس للعمالة الوافدة في دول الخليج، هذا بالإضافة إلى القوانين الحكومية الجديدة في بعض دول الخليج التي سهّلت انتقال الموظفين الوافدين من مؤسسة إلى أخرى.
وفي ضوء اضمحلال الإجراءات الحكومية التي كانت تحمي أرباب الأعمال في الماضي من انتقال الموظفين إلى وظائف ومؤسسات أخرى، يجد الكثير من أصحاب الأعمال أنفسهم مجبرين على رفع معدلات الرواتب للاحتفاظ بموظفيهم.
النتائج الاقتصادية
لنقص الكوادر
اشتكى عدد من المسؤولين التنفيذيين في لقاءات مع جلف تالنت دوت كوم أنه بالرغم من أن الطلب السوقي جيد للغاية، لا يزال هناك نقص في الكفاءات؛ مما يحد من قدرة شركاتهم على النمو ويجبرهم على رفض أعمال جديدة أو، في بعض الأحيان، عدم تحقيق الأهداف المرسومة في مشاريعهم الحالية. وحذرت الدراسة من أن استمرار هذه الحالة سيؤدي إلى تقليص آفاق النمو العام في القطاعات غير النفطية للاقتصاد وإعاقة خطط التنويع الاقتصادي في دول المنطقة.
كما وجدت الدراسة البحثية أن الشركات الصغيرة ذات الأرضية المؤسساتية الأقل صلابة واجهت أكبر الضغوطات ولم تستطع في معظم الأحيان منافسة الشركات الأكبر حجماً في تقديم عروض الرواتب. وقد يكون التأثير طويل الأمد على الأسواق متمثلاً في عرقلة نمو الشركات الجديدة وإجبار الشركات الصغيرة على الاندماج مع الشركات الأكبر حجماً وإعاقة تأسيس مشاريع الأعمال الجديدة.
وقالت الدراسة أيضاً إنه مع تقلص حجم تدفق العمالة الماهرة من الأسواق التقليدية مثل الهند ومصر، يبحث الكثير من أرباب الأعمال عن مصادر جديدة مثل الصين وأوروبا الشرقية وأمريكا اللاتينية. كما يجبر النقص في الكوادر المهنية، في نفس الوقت، الشركات على التوجه لشركات أخرى لتنفيذ عملياتها أو التحوّل إلى عمليات وتقنيات جديدة تساهم في تخفيض الاعتماد على العنصر البشري. الجدير بالذكر أن دراسة جلف تالنت دوت كوم اعتمدت على آراء 18000 مهنياً في دول مجلس التعاون الخليجي الست، إضافة إلى لقاءات مع رواد الأعمال الإقليميين وموظفي إدارات الموارد البشرية.