في طريق عودتي إلى الوطن مرافقاً الوفد السعودي الذي حضر المصادقة على انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية رسمياً قال لي أحد أعضاء الوفد الفني التفاوضي: إن التحدي القادم هو إيجاد جيل من الخبراء في الشؤون القانونية؛ لأن المنظمة إطار شامل للتفاوض ومظلة لحسم المنازعات والإشكالات القانونية في المستقبل، والمملكة تعاني من نقص كبير من الكفاءات المؤهلة في هذه المجالات... تذكرت تلك الدردشة على الطائرة حين قرأت الخبر الذي نشر في هذه الصحيفة حول (سيطرة الأجانب على 98% من سوق الاستشارات القانونية في المملكة)!! ولم أعجب من ذلك حين استذكرت زيارة شاب لي في المكتب ذات يوم بيده قصاصة إعلان لأحد المكاتب الاستشارية القانونية تطلب فيه محامياً سعودياً (متخرجاً حديثاً)، وهنا مربط الفرس.. يملك خبرة واسعة ومهارات مميزة في مجال المحاماة والمرافعة!! وشروطاً أخرى أهونها حسن المظهر واللباقة...
والسؤال: مضى عامان أو تزيد على انضمامنا إلى المنظمة، وتزايد الاهتمام بالشؤون القانونية ومع ذلك لا توجد معاهد متخصصة متقدمة تسعى إلى تطوير خريجي كليات القانون لتمنحهم الخبرة وتصقل مهاراتهم بدل أن يشحذوها من تلك المكاتب التي تشترط مطالب معقدة لتمنحهم الفرصة؟
وأخيراً: أذكر أن صاحبنا المفاوض ابتسم بمرارة بين السماء والأرض قائلاً: كثيرة من حقوقنا ستهدر إذا لم يكن هناك خبراء يكتشفون تجاوزات الدول الأخرى تجاهنا.. لمقاضاتهم واسترجاع حقوقنا وهنا مربط فرس آخر!! وأقول إن سيطرة الأجانب على 98% قد يكون منطقياً لفترة محدودة، لكن بعد سنوات سنرى كم من هذه الحصة سيغدو للمستشارين السعوديين الذين ستكون قلوبهم حتماً على مصالحنا؟
Eco-manager@al-jazirah.com