Al Jazirah NewsPaper Saturday  29/09/2007 G Issue 12784
الاقتصادية
السبت 17 رمضان 1428   العدد  12784
رؤوس الأموال تفتح شهيتها لتتذوق كعكتها المربحة
الوساطة في السوق... منافسة قادمة المتداول أكبر الرابحين فيها

«الجزيرة» - عبدالله البديوي

تتجه سوق الأسهم المحلية في الفترة القريبة المقبلة للدخول في تغير جذري في أحد العناصر الرئيسية لصناعتها ألا وهو عنصر (الوساطة المالية)، فإنه ووفقاً لنظام هيئة السوق المالية، فإن جميع وحدات الوساطة المالية الحالية التابعة للبنوك ستتوقف عن مزاولة هذا النشاط خلال العام المقبل، حيث منحت البنوك مهلة عامين لتأسيس شركات وساطة منفصلة ومستقلة عنها إداريا وتنظيمياً ومالياً للراغبة في استمرار مزاولة نشاط الوساطة المالية وبالتالي فإن السوق المالية السعودية ستدخل منعطفاً جديداً في عالم الوساطة حيث لم يكن للمتداولين خيار سوى البنوك التي كانت المحتكر الوحيد لأعمال الوساطة في السوق سواء كان ذلك عن طريق التعامل أو الإدارة.

ويبدو أن البنوك قد عاشت أجمل سنواتها في ظل هذا الاحتكار، وحققت في فترة الطفرة التي شهدها السوق أرباحاً خرافية تجاوزت جميع التخيلات، وتقدر أرباح البنوك الناتجة عن أعمال الوساطة في سوق الأسهم خلال عامي 2005م و2006 م بأكثر من 16 مليار ريال! وهو رقم كبير تجاوز صافي أرباح البنوك السعودية مجتمعة خلال السنتين الأولى من القرن الجديد! وأكبر دليل على اعتماد البنوك بشكل قوي في أرباحها على العمل في الأوراق المالية هو انخفاض أرباحها هذا العام بنسب تجاوزت في بعضها الـ60% بسبب انخفاض التداولات في سوق الأسهم وبالتالي تأثر العمولات.

نتائج البنوك وقرار هيئة السوق المالية بإلغاء احتكارها فتحا شهية أصحاب رؤوس الأموال والمؤسسات المالية داخل المملكة وخارجها إلى تذوق (كعكة الوساطة المربحة) وتقدم عدد كبير من الشركات والمؤسسات المحلية والخارجية لطلب هيئة السوق السماح لها بمزاولة نشاط الوساطة والتعامل في الأوراق المالية، حتى وصل عدد التراخيص الممنوحة لممارسة أعمال الأوراق المالية من الهيئة إلى يومنا هذا إلى (78) ترخيص سواء ببعض الأصناف أو جميعها وتشمل أصناف التراخيص الإدارة أو الحفظ أو الترتيب أو التعامل أو الاستشارة مع توقعات بأن يتجاوز عدد هذه الشركات الـ150 شركة قبل نهاية العام المقبل.

إلغاء احتكار البنوك لأعمال الوساطة في الأوراق المالية لم يكن قراراً ينهي علاقة هذه البنوك بالسوق، فلا يمكن أن تتنازل البنوك عن حقها في هذا الكنز المربح ، ومن أجل ذلك قامت البنوك بإنشاء شركات منفصلة عنها تختص بأعمال الأوراق المالية، وهو انفصال اسمي فقط وإلا فإنها في الواقع تابعة بشكل كلي لها.

منح هذا العدد الكبير من التراخيص وتوجه عدد آخر من الشركات للدخول في أعمال الوساطة وبقاء البنوك في عملها بمسمى آخر تمهيداً لحرب تنافسية قادمة ستدور رحاها في السوق طرفاها هما البنوك وشركات الوساطة حديثة التأسيس وسيكون هدفها الأول جذب أموال المستثمرين والمتعاملين في السوق والظفر بعمولاتهم.

البنوك هي الطرف الأول في هذه المنافسة تبدو بحال أفضل في الوقت الحالي على الأقل فهي تمتلك مميزات تنافسية تكمن في طول تقديمها للخدمة مما يعطيها ميزة الخبرة إضافة إلى تحقيقها أرباحاً مما يعطيها القدرة على تطوير الخدمات واستقطاب الكفاءات البشرية، بالإضافة إلى وجود تقنيات الوساطة مسبقاً لديها من خلال سنوات العمل في هذا المجال مما يقلل من التكاليف والمصروفات التشغيلية فهي تمتلك صالات التداول وتقنيات الأوامر الهاتفية والتداول الالكتروني، كما أنها تمتلك أهم ميزة في هذه المنافسة وهي الأسبقية ووجود محافظ المتداولين الذين كان تعاملهم في سوق الأسهم عن طريقها منذ العام 1987 أي قبل عشرين سنة.

شركات الوساطة هي الطرف الثاني في هذه المنافسة تبدو بحالة ليست ممتازة في الوقت الحالي، ولكن هذا الأمر متوقع وغير مستغرب، فهي شركات حديثة ودخلت سوقاً محتكراً مدة طويلة من الزمن، والمنافس ليس بالهين، فهو مدجج بالخبرة وبرؤوس الأموال والمراكز المالية القوية ولذلك لم نر نشاطاً ملموساً لها رغم كثرة التراخيص الممنوحة، ويبدو أن الصعوبات ألقت بظلالها على البعض منها وذلك أمر نلحظه من إلغاء الهيئة المالية لتراخيص البعض منها وربما نرى انسحابات مستقبلية لبعضها واندماجات للبعض الآخر.

وعلى الرغم من أن عدد شركات الوساطة التي بدأت تعمل بشكل رسمي في السوق قليلة حتى الآن مقارنة بعدد التراخيص الممنوحة، إلا أن كثيراً من الشركات قد تمكنت من اجتياز عدة اختبارات لبدء أعمالها والتعامل مع مستجدات السوق بقدر عالٍ من الدقة.

ورغم هذه الصعوبات إلا أن هناك بعض المميزات قد تكون في خدمة هذه الشركات متى ما تم استغلالها، فالكثير من المتداولين لهم ماضٍ أسود مع الوسيط السابق (البنوك) سواء من ناحية كثرة الأعطال أو سوء الخدمة في بعض الأحيان، بالإضافة إلى أن البنوك لم تركز إلا على بندين من بنود الوساطة وهما التعامل والإدارة كونهما الأكثر ربحية، وتجاهلت بند الاستشارة، وهذه أمور قد تصب في مصلحة مكاتب الوساطة متى ما استغلتها في صالحها واستفادت من أخطاء الوسيط السابق.

وعلى العموم فإن السوق السعودي مقبل في الأيام القادمة على تحول كبير وحرب تنافسية على الوساطة في السوق وسيكون المتداول هو الرابح الأكبر فيها من نواحٍ عدة، منها: تحسن أداء الوسطاء بسبب تعدد الخيارات أمام العميل، فالكل يحاول تحسين أدائه ليجذب العملاء ويحافظ عليهم كونهم مصدر الربحية الأول، الثانية: تحسن الأسعار وتخفيض العمولات وتكاليف الوساطة وهو أمر متوازٍ مع أي سوق تنافسي، ولعل بوادر هذه الايجابيات قد بدأت في الظهور فقيام بعض البنوك بتخفيض العمولات للمتداولين وإتاحة التداول الالكتروني بشكل مجاني دليل على أن المستقبل مبشر بالخير للمتداولين.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد