لا أعتقد بأني أملك جديداً لا أحدث الناس به حول الأمير سلمان والرياض.. ذلك أن أي محاولة مني بذلك لن تكون إلا كمن يحدث المرء عن نفسه... لكنها وقفات حول الاجتماع المشترك للهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض ومجلس المنطقة والمجلس البلدي ومجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية والذي عقد بقصر الثقافة يوم الثلاثاء الماضي وتشرفت بأن أكون مدعواً إليه.. ذلك الاجتماع حظي بتغطية إعلامية تناولت.....
الجوانب الأساسية منه.. لكن ثمة أبعاد إنسانية استوقفتني كثيراً ولم أبرح حتى أجريت قلمي بتسجيلها ليقيني أننا بحاجة إليها كثيراً في مسيرتنا المباركة للبناء الاقتصادي والاجتماعي الفعال بقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين.
في ذلك الاجتماع خاطب صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض - ورئيس الهيئة العليا لتطويرها - الحضور قائلاً: يجب أن لا نغضب من النقد.. حتى ولو لم يستند إلى أسس صحيحة لأن النقد البناء يمنحنا الفرصة لتصحيح الأخطاء والنقد الخاطئ قد يساعدنا على توضيح الصورة الحقيقية للناس وإجلاء الواقع.
حين تصدر هذه الكلمات الصريحة والمباشرة من رجل كالأمير سلمان فإنها رسالة ونموذج قدوة للجميع وخصوصاً لأولئك المحبوسين في أبراجهم العاجية والرخامية والمحيطين إداراتهم بأسوار عالية لا يصل إليها سوى التبجيل والمباركة.. رسالة إليهم بأن العمل يضع صاحبه في محك التقييم وصاحب العطاء فقط هو من يستطيع المراجعة.
لم يتجاوز سموه ذلك حتى قال بصفاء النفس وشجاعة القائد (تحدثوا إلى المواطنين وافتحوا قلوبكم إليهم فإني كثيراً ما أستفيد من لقاءاتي بالمواطنين والاستماع إلى آرائهم وأفكارهم..).
من الصعب على أحدنا أن يتنازل عن قمة الأنا ليستريح في سهل التواضع لأن عبارة كهذه لا تستطيع نحتها النفوس التي جبلت على احتكار الإنجازات وتجاهل الآخرين وتضخيم المكتسبات.. هي درس ورسالة لأولئك الذين يحاصرون الذات بطاقاتها المحدودة ويقطعون عنها جسور التواصل مع الآخرين لأن الإداري الناجح والقائد الحقيقي ليس من يملك الطاقات الخارقة وإنما هو الإنسان الذي يحسن التواصل مع من حوله ويدفعهم إلى العطاء والعمل وذلك هو سلمان الأمير الإنسان حين يكون اللقاء بالمواطنين والمسؤولين عادته.
في ذلك الاجتماع الرمضاني أيضا قال الأمير سلمان: (لدينا في المملكة ثوابت وقيم تحكم تعاملاتنا أسمى من المال ولا يمكن أن نتجاوزها صحيح أن جميع مجالات الاستثمارات مفتوحة في بلادنا لكن الأهم أن لا تتعارض مع ثوابتنا) وأكد سموه قائلاً في معرض آخر (لا يمكن أن يكون الهدف هو تعقيد الأنظمة بالروتين لأن المصلحة الأسمى هي مصلحة الوطن ) هاتان بارتان تمثلان الصرامة والمرونة.. صرامة التمسك بالثوابت ومرونة التعاطي مع المتغيرات وتقديم المصلحة العامة وهما الطريق الذي انتهجته المملكة في عالم يموج بالمنافسة والتحول وأصبحت فيه مثالاً ورمزاً يحتذى قبل أن يختتم اللقاء داعب سموه الإعلاميين قائلاً إن عادتهم المشاغبة في مثل هذه اللقاءات والحوارات فلماذا قام رجال الأعمال بدورهم هذه الليلة واحتكروا الأسئلة!!
ومن وجهة نظري أعتقد أن لقاء صراحة ومكاشفة كذلك اللقاء لم يجد الإعلاميون فيه بدا من الإنصات والاستماع إلى أطراف التطوير في مدينة الرياض تتحاور في مناخ من الشفافية والوضوح في ميدان سلمان الرحب.