إعداد : سامي اليوسف
السلطة الرابعة.. زاوية أسبوعية نستضيف فيها أحد الزملاء الإعلاميين ونطرح عليه عددا من الأسئلة حول الأحداث والشخصيات والأندية والمواقف.. قد نتفق أو نختلف معه ولكن تبقى آراؤه تمثله شخصياً..
الضيف الزميل ميشيل الحاج مسؤول القسم الرياضي لوكالة الأنباء الفرنسية في منطقة الخليج العربي.
* سجلت حضوراً لافتاً خلال تغطيتك الصحافية لنهائيات كأس أمم آسيا الأخيرة، بدليل اعتماد بعض الصحف المحلية على أخبار وتقارير الفرنسية .. هذا التفوُّق يجعلني أسأل عن سر تميُّز الفرنسية في المناسبات الرياضية الآسيوية، وغيابها أو حضورها على استحياء في المنافسات العربية تحديداً في دوري أبطال العرب وبعض الدوريات العربية؟
- أجل، لقد سمعت هذا الانطباع من العديد من الزملاء الذين أشادوا بتغطيتنا لكأس آسيا، كما أنني كنت أتابع انتشار أخبارنا في معظم الصحف العربية على شبكة الإنترنت وكنت سعيداً جداً بحجم تجاوب الزملاء في الصحف والمحطات التلفزيونة وشبكات الإنترنت مع جهودنا. بالطبع نحن في الوكالة نولي اهتماماً كبيراً بالأحداث القارية والبطولات العالمية التي تقام مرة كل عام أو عامين أو أربعة أعوام، ونسلِّط الضوء على ماضي هذه الدورات وحاضرها وأبرز المتوقع منها، لكي يكون القارئ العربي على بيِّنة ومعرفة شبه تامة تمكنه من مواكبة ما يراه على شاشات التلفزة، ولذلك نعد تقارير خاصة بهذه الأحداث ونجتهد أحياناً في مواضيع مختلفة تتطلّب منا وقتاً مهماً.
إنّ كأس آسيا هي بطولة قارية وتهم كثيراً المنتخبات العربية، وخصوصاً الخليجية منها التي دأبت على تسجيل حضور مميز فيها وفي سجلاتها، كما أنّ بطولة دوري أبطال آسيا هي أفضل بطولة قارية للأندية باتت مؤهلة إلى بطولة العالم للأندية وتشارك فيها نخبة الفرق العربية وتحقق فيها أيضاً نتائج لافتة، ومن الطبيعي أن نواكب هذه المنتخبات والفرق والمشاركات طالما أنّها ترتبط بأهم الأحداث في القارة الآسيوية التي نقع فيها.
أما بالنسبة إلى دوري أبطال العرب، فإننا نسعى إلى مواكبته أيضاً رغم صعوبة المهمة، لأنّ الاتحاد العربي لكرة القدم يحرص على إشراك فرق من جميع الدول العربية التي نجد صعوبة أحياناً في متابعة فرقها، فضلاً عن أنّ الفرق التي تشارك في البطولة تكون أحياناً أقل شأناً من تلك التي تشارك في دوري أبطال آسيا، وتجدر الإشارة أيضاً إلى أن تغييرات عدة تطرأ على برنامج مباريات المسابقة العربية.
وفي ما يتعلق بالدوريات العربية، فإنّ وكالتنا تواكبها بشكل جيد وخصوصاً الدوري السعودي الذي يعد من الأفضل عربياً.
* هل اهتمام الفرنسية بأنشطة وبطولات الاتحاد الآسيوي لكرة القدم ازدادت عقب توليها مسألة التغطية الإخبارية للاتحاد القاري عبر موقعه الإلكتروني؟
- إنّ اهتمام الوكالة ليس بنشاط الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، إنما بالبطولات التي يشرف عليها وهي لا تعني الاتحاد الآسيوي وحده، بل تهم كل الدول المنضوية تحت لواء هذا الاتحاد، وتغطيتنا لهذه البطولات كان قبل إطلاق الموقع الإلكتروني للاتحاد (باللغة العربية)، وتستمر بوتيرة عالية بعده أيضاً.
* كيف تقيِّم تغطية الفرنسية لمنافسات وبطولات المملكة العربية السعودية بوجه خاص وللدوريات الخليجية بوجه عام؟
- تقدم وكالة (فرانس برس) تقارير وافية عن دوريات كرة القدم في المنطقة الخليجية، كونها تحظى بجماهيرية كبيرة وبمواكبة إعلامية مكتوبة ومقروءة لافتة، وتأتي البطولات السعودية أيضاً من أولوياتنا كون الملاعب السعودية باتت منبعاً للنجوم الذين يمثلون لاحقاً المنتخب السعودي في المحافل الخارجية، وما يجعل الاهتمام بالدوري السعودي كبيراً، أن الكرة السعودية باتت حاضرة بقوة في كأس آسيا وفي نهائيات كأس العالم.
* بعض الصحف السعودية تجاهر بكتابة أسماء محرريها على تحليل وأخبار الفرنسية، مارأيك؟ وأين أنتم من حفظ حقوقكم؟
- لن أدخل في الأمور القانونية المذكورة في العقود الموقعة بين الوكالة والصحف أو سائر المشتركين معنا، لكنني لاحظت هذا (الخلل) المهني كثيراً في الفترة الماضية، إذ لا يكتفي بعض الزملاء بشطب اسم وكالة (فرانس برس) من الموضوع أو الخبر الذي يبث، بل ينشره بعضهم باسمه.
إنه أمر مؤسف طبعاً لكنني شخصياً أسعى إلى المحافظة على علاقتي الجيدة بجميع الصحافيين، وأحاول أن اشرح لهم بحكم هذه العلاقة الطيبة التي باتت تربطني بالعديد منهم، كوني أعمل في المنطقة الخيليجية منذ نحو عشر سنوات بأنّ كل جهد هو مقدّر، ويمكن أن يضاف إلى جهودنا، لأنّ عملنا يكمل بعضه، لكن الأصول المهنية تقضي باحترام الجهد الذي نبذله أحياناً لأننا نحاول إبراز الفرق أو المنتخبات أو اللاعبين العرب ونقدمه إلى الجمهور العربي بشكل احترافي وهو عمل يجب أن يكون موضع إشادة ودعم من جميع الزملاء.
* أي المدارس الصحافية العربية التي تعتمد عليها الفرنسية في صياغة فنونها وأشكالها الصحافية؟
- في الحقيقة إنّ وكالة الصحافة الفرنسية أسست لنفسها عبر عشرات السنين مدرسة خاصة بها في التعامل مع الأخبار، وأنا شخصياً اعتمد أسلوباً سهلاً وأعمل كثيراً على أن تتوافر في أي خبر أو موضوع أقدمه العناصر التي يجد فيها القارئ مادة دسمة تساعده على متابعة جميع النشاطات الرياضية التي تقام في المنطقة.
* لماذا تنشط وتنفرد الفرنسية بعديد التقارير المطولة المميزة خلال البطولات والمناسبات الرياضية، وتختفي عقبها أو تتفاوت خلال التغطية للدوريات العربية والمحلية؟ هل يعشق القسم الرياضي بالفرنسية التألق فقط في المناسبات؟!
- إنّه أمر طبيعي أن نكون جاهزين لتقديم خدمة مميزة إلى مشتركينا قبيل انطلاق البطولات والأحداث القارية والعالمية الكبيرة التي تقام مرة كل عام أو مرة كل أربعة أعوام، وفي الواقع إننا نتلقى الكثير من عبارات الإعجاب والثناء من الزملاء الصحافيين الذين نلتقي بهم على العمل الذي نقوم به في القسم الرياضي للوكالة ما يشجعنا على الاستمرار على المنوال ذاته وحتى السعي إلى تقديم الأفضل دائماً.
أما بخصوص التقارير الخاصة بالدوريات العربية، فإنها تحظى باهتمامنا أيضاً خصوصاً لدى انطلاق الموسم في كل دولة، ولا شك أنكم تتابعون نشرتنا وتعرفون تماماً ماذا أقول، فبطولات الدوري تستمر بضعة أشهر وأخبارها مستمرة طوال الموسم، ونحن نسلِّط الضوء دائما على أحداث مميزة تطرأ خلال الموسم يمكن أن تشكل لنا مادة مهمة نقدمها إلى مشتركينا ومن خلالهم إلى القراء الأعزاء. أوافقك الرأي، أن فريق العمل في القسم الرياضي يعمل بعيداً عن الأضواء، وإن أردت خلف الكواليس، وأفراده يعشقون التألق ويبذلون الكثير في سبيل تقديم الأفضل إلى المشتركين، لكنهم يتقبلون أي نقد أو ملاحظة يمكنها أن تغني النشرة.
* تحظى البطولات السعودية تحديداً باهتمام الفرنسية، بينما يتراجع هذا الاهتمام للدوريات العربية؟
- كما قلت سابقاً، فإن الدوري السعودي يعتبر من الأفضل عربياً وآسيوياً أيضاً، فمستوى الكرة السعودية متطور تجعل الإثارة عنواناً طوال الموسم، كما أن الحضور الجماهيري لبعض المباريات يعطيها نكهة خاصة، وكل ذلك ينعكس على المنتخب السعودي الذي بات ممثل عرب آسيا الوحيد في الأعوام الماضية في نهائيات كأس العالم بدءاً من عام 1994 وحتى الآن، كما انه بات تحت أنظار الصحافة العالمية.
* لكرة القدم العربية نصيب الأسد من اهتمام القسم الرياضي بالفرنسية على حساب الألعاب المختلفة الأخرى كأم الألعاب (ألعاب القوى) وكرة اليد بالرغم من تفوق العرب فيهما .. لماذا؟ وهل يوجد صحافيون متخصصون في الألعاب المختلفة لديكم؟
- إنّ الاهتمام الأكبر بكرة القدم لا يقتصر على وكالة الصحافة الفرنسية فقط، فكرة القدم هي اللعبة الأكثر شعبية في العالم ومن البديهي أن تكون موضع الاهتمام الأول على الصعيد الرياضي في العديد من الدول، ومواكبة لأهمية هذه اللعبة فإنّ وكالتنا تسعى إلى تقديم أفضل تغطية ممكنة فيها عربياً وآسيوياً وأوروبياً وعالمياً.
كما أننا لا نغفل الرياضات الأخرى أبداً، فألعاب القوى تأخذ منا وقتاً مهماً، والبطولات الدولية والعالمية في كرة السلة واليد والمضرب فضلاً عن رياضات السيارات والدراجات النارية تغني نشرتنا.
أجل إنّ صحافيينا ملمون بمعظم أنواع الرياضات المهمة.
* مع تميُّز الفرنسية في الأخبار والتقارير إلاّ أنّ الحوار أو اللقاء الصحافي المطول غائب تقريباً .. هل يعود السبب لكم أم لرغبة مسؤولي الرياضة والاتحادات العربية في الحوارات الإنشائية التي تفتقر للمعلوماتية؟
- لسنا بعيدين تماماً عن الحوارات خصوصاً مع بعض الشخصيات المميزة في الوطن العربي كالأمير سلطان بن فهد والشيخ أحمد الفهد والشيخ فواز بن محمد آل خليفة والشيخ سعود بن عبد الرحمن آل ثاني وغيرهم الكثير من المسؤولين الرياضيين، لكن ندرة الحوارات تعود بالدرجة الأولى إلى أننا نركز على الأحداث وليس على الأشخاص، مع أننا نواكب بقوة المسؤولين واللاعبين حسب الإنجازات والمناسبات التي تحصل، كما أن سياسة وكالتنا تختلف عن سياسة الصحف المحلية التي يهمها أن تفرد مساحات واسعة للحوارات.
* باتت الفرنسية مصدراً هاماً لغالبية الصحف العربية في المشهد الرياضي، ما سر أو عوامل هذا التفوُّق؟
- أشكر لكم استعمال كلمة التفوُّق للدلالة على نجاحنا، إنها كلمة مهمة جداً يمكن الوصول إليها، لكن الصعوبة تكمن في الحفاظ عليها طوال فترات الموسم، وهو ما يعمل أفراد القسم الرياضي في الوكالة على الالتزام والوفاء به للمشتركين ومن خلالهم القراء لأنها مسؤولية كبيرة ألقيت على عاتقهم ويمكن أن تشكل في الوقت ذاته حافزاً وفخراً لهم.
* يؤخذ على وكالة الأنباء الفرنسية (لبننة ) قسمها الرياضي بدءاً بالزميل محمد حمادة مؤسس القسم، ووقوفاً عند ميشيل الحاج .. ما تعليقك؟
- إن التفوُّق أو الخبر الجيد ليس محصوراً بجنسية معيّنة، فالنجاح متاح للجميع ولكن بما أن الانطباع السائد في الدول العربية هو الإشادة بما يقدمه القسم الرياضي في وكالة الصحافة الفرنسية والثناء على جهوده، فإن رسالتنا تكون قد نجحت وهذا هو الأهم بغض النظر عن (لبننة) القسم ام لا، فالعلاقة التي تربطنا بمعظم الزملاء العرب وطيدة جداً، والسمعة التي اكتسبناها ساعدتنا كثيراً على توطيد هذه العلاقات التي استثمرناها جيداً في خدمة النشرة وتوفير الأفضل للمشتركين.
* على الرغم من عديد العروض التي تفوق ما تتقاضاه من الفرنسية إلاّ أنك رفضتها وفضلت البقاء في منصبك الحالي، هل تشعر بالندم الآن على رفضك السابق لها؟ ولماذا؟
- أعمل في المنطقة الخليجية منذ أعوام، وبات اسمي معروفاً في كل مؤسسة تتعاطى الناحية الإعلامية إن كانت مقروءة أو مكتوبة أو مسموعة، وما حققته في مسيرتي حتى الآن أعتز وأفخر به، لكنه ناتج أولاً عن حبي للعطاء بكل احترافية وتجرد، وعن تصميمي على خدمة الصحافة العربية والرياضة العربية ولو من خلف الكواليس، وايضا على دعم الزملاء الصحافيين في هذه المؤسسات الذين لمست منهم تعاملهم بإيجابية تامة مع الجهود التي بذلتها أنا وزملائي في القسم. لا أنكر إنني تلقيت حتى الآن عشرات العروض، منها العادي ومنها المغري من الناحية المادية، أحرجت مراراً ولكنني بقيت وفياً للوكالة التي بنيت معها أجمل قصص النجاح والإبداع في الكثير من المواضيع والتقارير التي كتبتها، فوصلت إلى مرحلة كنت اندمج فيها تماماً مع ما إكتب، خصوصاً أن بعض المنتخبات كانت تمنحني فرصة مثالية لا جود بأفضل ما لدي وخصوصا المنتخب السعودي، لأنني اعتدت أن أقدم الأفضل مع الأفضل وفي اللحظات الصعبة أيضاً.
* عاد الدوري السعودي لكرة القدم إلى نظامه القديم (بالنقاط)، بعد تجربة المربع الذهبي .. كيف ترى هذه العودة؟
- إن تغيير نظام الدوري يعود إلى اتحاد الكرة طبعاً، لكن دولة كالسعودية أصبحت فيها كرة القدم متطورة إلى هذا الحد لا بد أن تعتمد الأنظمة المتبعة في الدول الأخرى المتطورة أيضاً خصوصاً على صعيد الدوري وعلى صعيد مواعيد بدايته ونهايته، واعتقد أن نظام النقاط هو الأفضل رغم الفارق بين مستوى الفرق اذ إن المنافسة الفعلية في السعودية تقتصر على ثلاثة أو أربعة فرق.
* ما رأيك في المنتخب السعودي الحالي بقيادة المدرب البرازيلي المغمور أنجوس؟
- في الواقع كتبت الكثير عن المنتخب السعودي في كأس آسيا وعن مدربه البرازيلي هيليو سيزار دوس انجوس، لقد تابعت بإعجاب أداء المنتخب السعودي باستثناء المباراة النهائية ضد العراق، ولمست أن هذا المدرب نجح في استخراج المواهب الموجودة لدى اللاعبين الذين شاركوا في البطولة. أعتقد أن مستوى المنتخب السعودي سيشهد تطوراً فنياً وتنظيماً لافتاً في الفترة المقبلة رغم الانتقادات التي يتعرض لها المنتخب والمدرب في عمله، ولكنه يجب أن يحصل على الفرصة الكاملة خصوصاً أنه أظهر خلال كأس آسيا تفاعلاً كبيراً مع اللاعبين الذين تجاوبوا معه تماماً.
كلمة أخيرة
- أتمنى أن تقرأ كلماتي الأخيرة بإيجابية، لأنني من موقعي كنت دائماً الجندي المجهول في خدمة الفرق والمنتخبات العربية وأهمهما السعودية. خلال كأس آسيا الماضية، سجلت ملاحظات كثيرة على أداء عدد من الزملاء الصحافيين الذين كانوا برفقة المنتخب السعودي، وكنت أسأل نفسي أحياناً عن سبب عدم ارتقاء مستوى البعض إلى الدرجة المطلوبة ليواكب بالتالي تطور اللاعبين والمنتخب من الناحية الفنية، وأعددت لائحة بهذه الملاحظات كنت أرغب في مناقشتها مع بعض المسؤولين في السعودية، في الرعاية العامة للشباب أو في وزارة الإعلام لست أدري، لكنني ذهبت عقب ذلك في إجازة طويلة وجمّدت هذا الموضوع، وأتمنى أن تتاح لي الفرصة لعرضها بشكل موضوعي مع المعنيين في المستقبل.