Al Jazirah NewsPaper Friday  28/09/2007 G Issue 12783
الاقتصادية
الجمعة 16 رمضان 1428   العدد  12783
بعد انحدار مستوى السيولة إلى 20.1 مليار ريال
المؤشر يرفض التجاوب مع المحفزات الاقتصادية والبنوك تجني ثمار قرار مساواة الخليجيين

د. حسن الشقطي

أغلق سوق الأسهم هذا الأسبوع عند 7930 نقطة رابحاً أقل من 1% ورغم هذه الربحية إلا أن معدلات السيولة المتداولة لا تزال تسجل مستويات متدنية لدرجة بلوغها مستوى 20.1 مليار ريال هذا الأسبوع، وهو مستوى لم ينحدر إليه السوق في أحلك ظروفه، كما تم هذا الأسبوع تفعيل القرار الجديد بالمساواة التامة بين المواطنين السعوديين والمواطنين الخليجيين في التعامل في سوق الأسهم، ورغم ذلك فإن السوق لم يربح منذ لحظة تفعيل هذا القرار سوى 68 نقطة فقط؛ وهو الأمر الذي يثير التساؤل حول مدى استهلاك السوق لتأثير القرار الجديد خلال يومي تداول.

من جانب آخر أعلنت مؤسسة النقد العربي السعودي أن الميزانية العامة للدولة سجلت للعام الرابع على التوالي فائضاً بلغ نحو 290 مليار ريال خلال عام 2006 كما أن الاقتصاد الوطني واصل نموه للعام الرابع على التوالي بنحو 4.3% وسجل القطاع الخاص أعلى معدل نمو حقيقي له منذ نحو 25 عاماً؛ حيث ارتفع بنسبة 6.4% وهو الأمر الذي يثير الدهشة: لماذا لا يستجيب سوق الأسهم لهذه المحفزات الإيجابية؟ وأخيراً أعلن معالي رئيس هيئة السوق المالية الدكتور عبدالرحمن التويجري أن تشغيل نظام تداول الجديد سيبدأ في 20-10- 2007 وهو ما يستدعي الانتباه إلى ماهية التغيرات المحتملة من جراء هذا النظام وتأثيراتها على حركة التداول في السوق.

أرباح طفيفة للمؤشر

استمر مؤشر السوق هذا الأسبوع في مساره التذبذبي الضيق ما بين صعود وهبوط؛ حيث أحرز هبوطاً خلال يومي السبت والاثنين بمعدلات طفيفة، تلاها صعود يومي الثلاثاء والأربعاء بمعدلات ليست كبيرة. ورغم أن المؤشر يسير في هذا النطاق الضيق منذ عدة أسابيع، إلا أنه ازداد ضيقاً هذا الأسبوع ليصل إلى نطاق 50 نقطة. وقد أغلق المؤشر على 7929.71 نقطة ليربح نحو 44.19 نقطة أو ما يعادل 0.56%.

تأثير قرار مساواة الخليجيين

إن التفسير الطبيعي لصعود المؤشر خلال يومي الثلاثاء والأربعاء يأتي من خلال صدور لائحة تنفيذ قرار مساواة الخليجيين بالمواطنين السعوديين في التعامل في السوق، حيث ظهرت استجابة إيجابية في قطاع البنوك، والذي تشير كل التوقعات إلى احتمال ظهور طلب كبير عليه من جانب الخليجيين، إلا أنه مع ذلك فإن حجم الزيادة في المؤشر العام للسوق لم يتجاوز 68 نقطة، وهو مستوى طفيف جداً كما لو لم يحدث به تغيير؛ فهل يمكن القول إن السوق قد استهلك القرار الجديد، أم أنه لا تزال في الأفق تأثيرات آتية، وبخاصة أن القرار لا يزال حديث الصدور؟ إننا نعتقد أن القرار الجديد سيحسن وسيضيف للسوق إيجابيات جديدة، ولكن ليس كل الإيجابيات المطلوبة، بل إن البعض يتحدث عنه كأنه سينهي كل مشكلات السوق، وهذا خطأ؛ وذلك للتالي:

1 - أن المستثمرين الخليجيين هم فعلاً بطريق أو بآخر كانوا موجودين تقريباً بالسوق المحلي.

2 - أن المستثمرين الخليجيين (المهاجرة أموالهم) مثلهم مثل السعوديين ليس من السهولة جذب سيولتهم.

3 - أن كبار المستثمرين الخليجيين المؤثرين في أسواق المال الدولية لا يهتمون كثيراً ببورصات الدول التي تنطوي على قيود أو أسقف معينة، ونحن نعلم أن بورصات الخليج ومعظم الدول العربية تنطوي على بعض من هذه القيود.

أي أن القرار هو مجرد قرار إيجابي في مصلحة السوق، ولكنه لن يحل كل مشكلاته، بدليل أن مستوى السيولة اليومية خلال يومي الثلاثاء والأربعاء لم يتغير بالشكل الذي أفاضت كثير من التحليلات في توقعه، وذلك رغم توقعاتهم بأن السوق يقبع حالياً عند مستويات دنيا ذات جاذبية خاصة.

المؤشر في رمضان خارج نطاق القياس

لا تزال أحاديث اختبار المؤشر لمستويات معينة سارية حتى الآن، آخرها أن السوق بنى دعماً قوياً عند 7800 نقطة، وأنه اختبره ونجح فيه وأن المؤشر مهيأ للانطلاق إلى 9300 هذا القول لا يمتلك أي دليل. ببساطة؛ لأن الفترة الحالية هي فترة ركود كلي وغياب للزخم أو بالأصح للتعاملات الطبيعية في السوق، ولا يمكن البناء عليها أو اتخاذها كمعيار للمستقبل أو لفترة ما بعد رمضان. ويمكن التأكيد على صحة ذلك بما يلي:

1 - أن كثيراً من كبار المستثمرين غائبون بالفعل عن التداول نظراً للصيام.

2 - أن هذه الفترة تخلو من المتغيرات المؤثرة المرتبطة بالشركات.

3 - أن أي محفز تمكن من رفع المؤشر لم يتمكن من دعم السيولة المتداولة.

4 - وجود دعم مجهول المصدر من بعض القياديات في السوق، من أهمها سامبا.

تذبذب المؤشر طبيعي

تذبذب المؤشر يعتبر عملية طبيعية إلا أن الأمر غير الطبيعي هو السعي لتفسير كل تذبذب؛ ففي أي سوق يندر حدوث حالة عدم تغيير قيمة المؤشر، فأي تعاملات مهما كانت متزنة ومهما كانت درجة استقرار السوق لابد أن تحدث تذبذباً، فما بالنا وأن هذا التذبذب لم يتجاوز نطاق الـ50 نقطة هذا الأسبوع؟ بالطبع يدلل ذلك على استقرار تام أو جمود كبير.

محفزات إيجابية

أعلنت مؤسسة النقد العربي السعودي أن الميزانية العامة للدولة سجلت للعام الرابع على التوالي فائضاً بلغ نحو 290 مليار ريال خلال عام 2006 كما أن الاقتصاد الوطني واصل في عام 2006 نموه للعام الرابع على التوالي بنحو 4.3% وسجل القطاع الخاص أعلى معدل نمو حقيقي له منذ نحو 25 عاماً، حيث ارتفع بنسبة 6.4% وهذه الإعلانات تدخل في سياق المحفزات المستمرة في الاقتصاد الوطني منذ بداية 2006 تقريباً؛ فالاقتصاد - باستثناء ما مرّ به سوق الأسهم - يبدو نامياً بقوة وفي طريقه لتحقيق طفرته الثالثة، إلا أنه مع ذلك فإن سوق الأسهم يأبى أن يستجيب لمثل هذه المحفزات. ومن السهل إدراك أن قفزات أسعار النفط تلعب الدور الأكبر وراء هذا النمو والفائض، تلك الأسعار (للنفط) القادرة على تدفيع أو تثبيط سوق المال لأي دولة بحسب إذا ما كانت مصدرة أو مستوردة للنفط، باستثناء السوق المحلي الذي حدث فيه الانفصال الكبير بين المسار الصعودي لأسعار النفط وبين المسار الهبوطي لسوق الأسهم.

الوسطاء الغائبون

كثيراً ما انتقد المحللون الوساطة البنكية في السابق، وكثيراً ما اعتبرها البعض أنها سبب آلام السوق، إلا أن الوسيط الآن يبدو غائباً وغير متاح، ويتطلب بحثاً عميقاً للعمل في سياق رسمي وقانوني؛ فالكثير من المتداولين يبحثون عنهم ولا يتمكنون من الوصول إليهم، بل حتى إن وصلوا إليهم فهم لا يعرفون أو بالأحرى لا يثقون بهم؛ نظراً لغياب المعرفة أو المعلومات عن هؤلاء الوسطاء، بل غياب الوعي بهم وبدورهم وبمدى الضمانات التي تتيحها التشريعات حول الثقة ومأمونية التعامل معهم. إن قدراً كبيراً من المسؤولية يقع على هؤلاء الوسطاء الذي تقوقعوا داخل مكاتبهم ولم يسعوا إلا إلى أصحاب المحافظ الاستثمارية الكبيرة. إن كثيراً من هؤلاء الوسطاء إن اتصلت عليهم وتحدثت معهم بأنك ترغب في وسيط لمحفظتك ذات الخمسمائة ألف ريال ربما يعزف عن الاهتمام بك أو في الغالب ما يطلب منك تصفيتها وإيداع هذا المبلغ في الصندوق الاستثماري الخاص بشركتهم (وهذا من تجربة واقعية لأحد المستثمرين)؛ فماذا يفعل هؤلاء الصغار؟ ولماذا هم يفكرون في الوسطاء الآن؟

حجم الخسائر الحقيقية بالسوق

جميعنا يعلم قدر الخسائر التي مر بها السوق على مدى الـ575 يوماً الأخيرة، ويعلم أنه رغم المسار الهابط إلا أنه يوجد هناك رابح وخاسر، حتى وإن كنا نعلم بأن الخاسرين هم الأكثر، إلا أن الواقع العملي لا يؤيد ذلك كثيراً؛ حيث إنه رغم الاكتتابات ورغم المسارات الصاعدة الفرعية المؤقتة للمؤشر، ورغم الطفرات التي حدثت للكثير من القطاعات والأسهم خلال هذه الفترة (مثل بعض أسهم القطاع الزراعي والخدمي سابقاً وبعض أسهم القطاع التأميني حالياً)، ورغم معرفتنا أن نسبة ليست قليلة من المتداولين الآن تمتلك مقدرات مضاربية فائقة، ورغم معرفتنا أن هذه المقدرة تتعزز كثيراً عندما يسير هؤلاء المضاربون في مجموعات منسقة، إلا أن كلَّ مَن تقابله بالشارع تجده من الخاسرين؛ لا يوجد متداول يتكلم عن ربح على المدى المتوسط، حتى أولئك المتداولون الذين يقرون بأرباحهم على المدى الشهري أو المدى القصير لا يلبثون أن يؤكدوا أن صافي تعاملاتهم على مدى الأشهر الستة هو خسارة صافية... فكيف يحدث ذلك؟ وما التفسير المنطقي له؟ وإذا كان الجميع خاسرين، فمن هم الرابحون؟ أم أنه لا يوجد رابحون أصلاً، أم أن الرابح الوحيد في السوق هو المؤشر؟ لذلك فإن الأمر يتطلب استبياناً موسعاً لمعرفة مدى وحدود الخسائر الفعلية للمتداولين؛ ومن ثم تقرير الأدوات والأساليب المناسبة لمساعدتهم على تجاوز هذه الأزمة.

النظام الجديد لتداول

أعلن معالي رئيس هيئة السوق المالية الدكتور عبدالرحمن التويجري أن تشغيل نظام تداول الجديد سيبدأ من 20-10- 2007 بعد أن أنهت السوق المالية السعودية (تداول) كل الاختبارات والتجارب الفنية بحسب الخطة المعدة للمشروع، والتي أعطت نتائج إيجابية وناجحة بحسب معايير التقييم الفنية والتشغيلية الخاصة بمطابقة النظام. البعض يعتقد أن ذلك لا يعني سوى مجرد تغييرات في شكل موقع تداول وإمكاناته وسرعاته وبعض الأمور التقنية لا غيرها، إلا أن تلك تبدو نظرة قاصرة؛ لأن مفهوم النظام الجديد قد يمثل نقلة وتغييرات شاملة في التعامل في السوق المحلي، سواء من حيث نشر وشكل وطبيعة المعلومات أو سرعتها أو إمكانات النفاذ أو غيرها من الأمور التي تلعب دوراً حاسماً في عملية التداول، وأكثر من ذلك فإن النظام الجديد من المتوقع أن يشهد تغييرات ترتبط بقياس المؤشر أو بتقسيم القطاعات وإعادة ترتيب الأسهم التي تنتمي إليها أو بسدّ الكثير من الثغرات التي ستحسن أداء السوق.

محلل اقتصادي


Hassan14369@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد