كان الهدف من إنشاء الأمم المتحدة وقبلها عصبة الأمم إرساء السلام العالمي، وتوفير موجباته والتي بدونها لا يمكن منع الحروب والصراعات الدولية. إلا أن السلام لم يتحقق، ووقعت الدول في حروب متواصلة ولاسيما منطقة الشرق الأوسط، وراح ضحيتها ملايين المدنيين الأبرياء. فأين المشكلة، ولماذا تستمر الحروب، وكلما انطفأت فتنة ووضعت حرب أوزارها اندلعت أخرى في مكان ما من المعمورة؟.
هذا التساؤل أشغل بال الخبراء والمفكرين، والسياسيين، بل وحتى الأدباء وعامة الناس، وظهرت نظريات جديدة، وتجددت أخرى قديمة من أجل الوصول إلى حلم إرساء السلام العالمي، هذا الحلم الذي تحول بسبب المصالح المتضاربة بين الدول إلى كابوس جاثم على الشعوب.
في أوروبا سعت الدول إلى تحقيق السلام النسبي من خلال ما كان يسمى بتوازن القوى بين الدول الأوروبية الكبرى، فلم يكن يسمح لدولة أن تعتدي على أخرى، دون أن تجابهها الدول الأخرى وتردعها، لإعادة الأمور إلى ما كانت عليه. ومع ذلك شهدت أوروبا حربين تحولتا إلى حربين عالميتين أهلكت الملايين.
ومن رحمهما أنشئت عصبة الأمم والتي تطورت بعد الحرب العالمية الثانية إلى الأمم المتحدة.
واستبشر الناس خيرا بتلك المؤسسة الدولية التي اعتقدوا بأنها ستكون الأداة السلمية لحل الخلافات الدولية.
ومع ذلك تورط العالم في حرب سميت بالباردة بين الاتحاد السوفييتي السابق والولايات المتحدة الأمريكية، إلا أنها تسببت في اندلاع حروب ساخنة هنا وهناك، وقد حبس العالم أنفاسه أكثر من مرة بعد أن كاد أن ينزلق إلى حرب كونية ثالثة في أكثر من مواجهة.
وبعد تفكك الاتحاد السوفييتي، وانتهاء الحرب الباردة ظن بعض المفكرين بأن التاريخ انتهى بهيمنة الولايات المتحدة على العالم وسيطرة المبدأ الرأسمالي والديمقراطية على الطريقة الأمريكية، وهو ما سماه الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الأب النظام العالمي الجديد الذي ستكون للمصالح الاقتصادية فيه الأولوية على كل ما عداه، وقد رأى بعض الخبراء أن الاقتصاد سيكون مفتاح السلام، فالدول عندما تتوثق علاقاتها الاقتصادية أكثر فأكثر تميل إلى السلام حفاظا على هذه المصالح.
ولكن من الواضح أن هذا الاعتقاد أبعد ما يكون عن الصحة. فعلى سبيل المثال شهد الخليج العربي وحده حربين دوليتين، والثالثة تنذر بما هو أسوأ، فيما لو اندلعت مواجهة عسكرية بين أمريكا وإيران.
وينتقل العالم من عصر إلى آخر، ويظل التساؤل مطروحا ومشروعا، وهو كيف يتحقق السلام في ظل تصارع المصالح، وتضارب المبادئ، وهيمنة مبدأ القوة في التعامل بين الدول، وخاصة من قبل الدول الكبرى التي تمسك بغصن السلام بيد، بينما اليد الأخرى تلوح بعصا الحرب؟
****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244