جدة - واس
تسلَّم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله - في مكتبه بالديوان الملكي بقصر السلام أمس التقرير السنوي الثالث والأربعين لمؤسسة النقد العربي السعودي الذي استعرض أبرز التطورات الاقتصادية المحلية للعام المالي 1426 - 1427هـ الموافق للعام 2006م وأحدث تطورات العام المالي الحالي 2007م.
وقام بتسليم التقرير لخادم الحرمين الشريفين - أيده الله - معالي محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي الأستاذ حمد السياري بحضور معالي وزير المالية الدكتور إبراهيم العساف. وقد ألقى معالي محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي الكلمة التالية:
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين:
يسعدني تجدد اللقاء بكم يا خادم الحرمين الشريفين لتقديم التقرير السنوي الثالث والأربعين لمؤسسة النقد العربي السعودي الذي يستعرض أحدث التطورات الاقتصادية بالمملكة.
خادم الحرمين الشريفين..
واصل الاقتصاد الوطني في عام 2006م نموه المتميز للعام الرابع على التوالي، حيث سجل معدل النمو الحقيقي 4.3 في المائة، وسجل القطاع الخاص أعلى معدل نمو حقيقي له منذ نحو خمسة وعشرين عاماً، حيث ارتفع بنسبة 6.4 في المائة، وكذلك القطاع الحكومي منذ نحو تسع سنوات، حيث زاد بنسبة 6.1 في المائة.
وتعزى هذه النتائج المتميزة إلى عوامل عدةٍ منها تعزيز دور القطاع الخاص وضخامة حجم الاستثمارات المباشرة المحلية والأجنبية لمختلف القطاعات والأنشطة الاقتصادية، إضافة إلى الوضع الإيجابي لسوق النفط العالمية الذي انعكس إيجاباً على المالية العامة للدولة، فقد سجلت الميزانية العامة للدولة للعام الرابع على التوالي فائضاً بلغ حوالي 290 مليار ريال خلال عام 2006م على الرغم من التوسع المدروس في الإنفاق العام ليبلغ أعلى مستوى له في تاريخه بنحو 393 مليار ريال، وقد تركز الإنفاق فيها على المشاريع التنموية التي تعزز نمو إنتاجية وتنوع الاقتصاد الوطني إضافة إلى ما خصص لإطفاء جزء من الدين العام.
كما سجل ميزان المدفوعات في عام 2006م فائضاً للعام الثامن على التوالي، بلغ 371 مليار ريال. وساهم القطاع النقدي والمصرفي بدور فاعل في تعزيز هذه النتائج المتميزة من خلال توفيره للسيولة الملائمة لتمويل الأنشطة الاقتصادية، إضافة إلى ما تقدمه المصارف التجارية من خدمات مصرفية حديثة ومتنوعة.
لقد شهد عام 2006م والفترة المنصرمة من هذا العام إقرار عدد كبير من المشاريع التنموية الضخمة التي ستنفذ في مجالات عدة منها النفط والبتروكيماويات والغاز والمعادن والتحلية والمدن الاقتصادية المتكاملة والتعليم والصحة وتوسيع وتحديث البنية التحتية كالطرق والاتصالات والسكك الحديدية والخدمات البلدية والقروية وغير ذلك من المجالات التي تساهم في رفع مستوى معيشة ورفاهية المواطن السعودي وتعزز النمو المستدام للاقتصاد المحلي. ويقدر حجم الاستثمارات في تلك المشروعات بمئات المليارات من الريالات، وتشمل كافة مناطق بلادنا الغالية. كما أنها تتركز في المشروعات المنتجة، مما لا يتنافى مع سياسة الانضباط المالي التي ما زالت تنهجها الدولة لتعزيز الاستقرار الاقتصادي. لذا فمن المتوقع أن يستمر النمو القوي - إن شاء الله - في القطاعات غير النفطية مثل الصناعة التحويلية، والنقل والاتصالات، والبناء والتشييد، والخدمات المالية وسيساهم القطاع الخاص بدور بارز فيه. وهذا من شأنه تعزيز توقعات النمو القوي والمتوازن للاقتصاد السعودي في السنوات القادمة، واستمرارية تنويع وتوسيع القاعدة الإنتاجية ورفع مستوى المعيشة وإيجاد فرص عمل للقوى العاملة الوطنية المتزايدة.
خادم الحرمين الشريفين..
لقد شهد الاقتصاد العالمي خلال العامين الماضيين نمواً قوياً وشاملاً خاصة في الاقتصادات الناشئة في آسيا. وصاحب ذلك نمو واضح في الطلب مما أدى إلى ارتفاع في أسعار السلع والخدمات على المستوى العالمي. وتقدر أحد مؤشرات المصادر المتخصصة ارتفاع أسعار السلع الغذائية بحوالي 42 في المائة خلال الاثني عشر شهراً الماضية. وكان للسياسات التي اتبعتها بعض الدول الصناعية من منح حوافز لإنتاج بدائل للطاقة باستخدام بعض السلع الغذائية دور في ذلك. ولم يكن الاقتصاد السعودي بمنأى عن هذه التطورات العالمية حيث حقق معدلات نمو مرتفعة في الطلب المحلي صاحبه بطبيعة الحال ارتفاع في الرقم القياسي العام لتكاليف المعيشة حسب بيانات مصلحة الإحصاءات العامة في عام 2006م بنسبة 2.2 في المائة، وفي شهر يوليه من العام الحالي سجل زيادة سنوية بنسبة 3.8 في المائة. ومع أن هذه النسب ضمن الحدود المتوقعة بالنظر لزخم النشاط الاقتصادي المحلي القوي بل وتمثل نسباً معقولة بالمقارنة بالمستويات التي شهدها كثير من دول المنطقة ودول الاقتصادات الناشئة. إلا أن تزايد مؤشر الأسعار يستوجب الحذر ويثير القلق وإن المتتبع لتاريخ التضخم في المملكة خلال العقود الماضية، يلاحظ الاستقرار الكبير في معدل التضخم، فقد بلغ متوسط النمو السنوي للرقم القياسي العام لتكاليف المعيشة بالمملكة في عقد الثمانينات نحو 0.1 في المائة، وفي التسعينات حوالي 1.2 في المائة، وخلال السنوات المنصرمة من هذا العقد نحو 0.3 في المائة. ونتيجة لهذا الاستقرار الكبير، فقد كانت الزيادة في عام 2006م والفترة المنصرمة من هذا العام واضحةً وذات أثر ملموس لخروجها عما ألفه المستهلكون من استقرار كبير في العقدين الماضيين. ويكمن التحدي في إدارة السياسة الاقتصادية المحلية في هذه الفترة في موازنة الطموحات التنموية للحكومة مع متطلبات الحد من الضغوط التضخمية عن طريق الموازنة بين التوسع في جانب الإنفاق للأهداف التنموية ورفاهية المواطن وبين السياسات الموجهة لاحتواء التضخم المتزايد.
خادم الحرمين الشريفين..
إن مما ينعم به اقتصادنا المحلي من مميزات هو الانفتاح الكبير على العالم الخارجي، ومرونة المعروض من السلع والخدمات، وحرية تدفق رؤوس الأموال في مناخ يتسم باستقرار سعر صرف العملة الوطنية. ولقد عملت مؤسسة النقد على المحافظة على استقرار سعر الصرف بما يشجع الاستثمار ويعزز القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني. وقد ساعدت هذه السياسة - وبشهادة مؤسسات دولية لها ثقلها العالمي - على تعزيز الاستقرار المالي للبلاد ودعم التنمية الاقتصادية فيها.
خادم الحرمين الشريفين..
وبالنظر إلى معدل النمو الحالي للسكان وإلى التركيبة السكانية للمملكة تبقى أهداف إيجاد فرص عمل كافية والمواءمة بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل من أبرز التحديات التي تواجه الاقتصاد الوطني وخطط التنمية مع التنويه بالإنجازات الجيدة التي تحققت في الفترة الماضية، وتوجيهاتكم الحكيمة بالمحافظة على النمو الاقتصادي المتوازن الهادف إلى تنويع القاعدة الاقتصادية، ورفع مستوى المعيشة، وإيجاد فرص عمل للقوى العاملة المحلية المتزايدة، ومواصلة الجهود الحالية المتمثلة في زيادة الاستثمار في تطوير رأس المال البشري وبمشاركة فاعلة من القطاعين الخاص والعام.
حفظكم الله يا خادم الحرمين الشريفين وسدد على دروب الخير خطاكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وقد أشاد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله - بالتقرير ومحتوياته. كما أثنى على الدور المهم الذي تقوم به المؤسسة في رسم وتنفيذ السياسة النقدية في إطار السياسة الاقتصادية العامة للدولة. وتمنى - أيده الله - للجميع التوفيق والنجاح.
حضر تسليم التقرير صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبد العزيز رئيس الاستخبارات العامة وصاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن عبد الله بن عبد العزيز مستشار خادم الحرمين الشريفين وصاحب السمو الملكي الأمير منصور بن ناصر بن عبد العزيز مستشار خادم الحرمين الشريفين وصاحب السمو الأمير الدكتور بندر بن سلمان بن محمد آل سعود مستشار خادم الحرمين الشريفين وصاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن فهد بن عبد العزيز وزير الدولة عضو مجلس الوزراء رئيس ديوان رئاسة مجلس الوزراء.