ألغيت أمسية شعرية للدكتور غازي القصيبي كانت ستُقام في أحد الأندية الرياضية، وذلك لعدم توضيح النادي في طلب إقامة الأمسية لسيرة الشاعر، ولم يرسل القصائد التي سيلقيها في تلك الأمسية..!!
لا زال الوسط الثقافي السعودي يبتسم عندما يتذكر هذه الحالة الروتينية التقليدية المتخلفة التي حدثت دراميتها قبل سنوات كتدليل على ما آلت إليه أحوال الأجهزة المعنية بالشأن الثقافي في كثير من الجهات الحكومية.
يذكر هذه الحادثة تحقيق صحفي شيِّق أجرته إحدى المطبوعات عن أحوال النشاطات الرياضية والشبابية في الأندية الرياضية، ذكر التحقيق (أن رعاية الشباب منذ 29 سنة تمارس تقليصاً كبيراً لدور الأندية.. الثقافية متخلِّيةً عن ركيزة مهمة من الركائز التي من أجلها قامت رعاية الشباب والأندية).
يتابع التحقيق في رصد أحوال الدور الثقافي للأندية الذي شارك فيه مسؤولو النشاط الثقافي في بعض الأندية ومهتمون بالحركة الثقافية والرياضية في المملكة فيقول: (كانت الأندية ومن ورائها رعاية الشباب تقوم بأدوار ثقافية كبيرة وكثيرة في شتى المجالات بدءاً من الفنون المسرحية والغنائية والأنشودة والفن الشعبي والمسابقات الأدبية من شعر ومقال وقصة ومسرحية وفنون تشكيلية وصحف الحائط والعرضة والسامري والمتاحف في الأندية والمسابقات الثقافية ومسابقات حفظ القرآن الكريم وتلاوته وتجويده).
يتابع التحقيق الصحفي ويقول: (لكن هذا الدور للأسف تقلَّص تدريجياً بدءاً من إلغاء الحفلات المسرحية والفنية في الأندية، وكأن رعاية الشباب اكتشفت أنها تمارس خلال الثمانينيات والتسعينيات وبدايات القرن الرابع عشر الهجري أمراً ونشاطاً لا ينبغي لها أن تمارسه.. ولم تعُدْ تدرجها ضمن برنامجها الثقافي للأندية حتى الآن. وهكذا تدريجياً تقلَّص برنامج رعاية الشباب الثقافي ليقتصر في العشرينيات من هذا القرن الهجري على ثلاث مسابقات فقط، هي: حفظ القرآن الكريم وتلاوته وتجويده، والمسابقة الثقافية، والمسابقة الأدبية في الشعر والمقال والقصة، وأحياناً الفنون التشكيلية، حتى جاء القرار في 1-3- 1424هـ بنقل الأنشطة الثقافية للأندية إلى وزارة الثقافة والإعلام لتموت الأنشطة الثقافية في الأندية موتاً مؤكداً!!).
يقول أحد المشاركين في هذا التحقيق الصحفي الذي يتناول وضع النشاط الثقافي في الأندية الرياضية: (حاولوا أن يعالجوا الأمر فأنشأوا إدارة النشاطات الثقافية الشبابية، لكن هذه الإدارة وُلدت ولادة غير طبيعية أشبه بالقيصرية، فمات هذا الجنين لحظة ولادته، حيث لم نَرَ لهذه الإدارة أي دور في إعادة إحياء الأنشطة الثقافية في الأندية).
يقول التحقيق الصحفي النادر وجوده في صفحات الكرة المختطفة للشأن الرياضي: (ليس كل الشباب يحبُّون الرياضة؛ لذلك رأينا بعض الشباب المحبين للجانب الثقافي يبحثون عمن يحتضنهم بعد أن تخلَّت عنهم رعاية الشباب المعنيّ الأولى بهم، فلجأوا إلى المخيمات والجماعات والتنظيمات التي استغلت بعضهم من صغار السن فجنَّدتهم في شبكات إرهابية كلنا يعرف ماذا تريد بالوطن والمواطنين).
من أهم ما جاء في هذا التحقيق: (إن أهم رسالة للأندية الرياضية هي الاهتمام بالشباب واحتواؤهم وتقديم ما يخدم أفكارهم، وتنقية الأجواء العامة لتشجيعهم على المشاركات في الحوارات والندوات التي يفترض أن تُقام في الأندية، وتعميق التنمية الفكرية والتعليمية والاجتماعية؛ لأن الأندية بدورها تكمل ما يتعلمه الطالب من دروس ومحاضرات في المدارس والجامعات، ناهيك عن وقت فراغ الشباب الذي تتحمل الأندية مسؤولية عدم الاستفادة منه).
وأنا أختلف مع بعض آراء المشاركين في هذا التحقيق في جوانب أرجو أن أتطرق إليها في مقالات قادمة. المهم من تناول هذا التحقيق تأكيد حقيقة أن للمجتمع صوتاً ورأياً وموقفاً يجب الإنصات إليه، والترحيب بالتعرف عليه والتفاعل معه دون صدّ أو تجاهل أو رفض، وأن لا نتعامل معه بالرفض ومواجهته بالتبرير وبطريقة (كله تمام).
إن الطريقة الناجعة والصحيحة التي تحتِّمها نضوجية التنمية السعودية العولمية الراهنة فتح قاعة وإضاءة الحوار والنقاش، وآن الأوان لتأسيس حوار وطني رياضي شبابي يتداول فيه المجتمع أفكاره وآراءه وهمومه وطموحاته ويواجه فيه سلبياته وإيجابياته؛ مما يمكن المسؤول من التعرف على أكبر قدر ومساحة من رأي ورؤية المجتمع تجاه قضايا الشباب وهموم الرياضيين. إن الإصلاح والبنائية الصائبة والراشدة والنافعة والمتطورة تبدأ من الحوار وتواجد وعاء حواري يحتوي كافة الأطياف والأصوات والآراء سواءً بسواء وقدراً بقدر؛ ينضح محبةً وولاءً للوطن الطاهر الطهور.
من الفوزان.. لمن يهمه الأمر
التخصيص سيحلّ وضع الأندية متى تمت دراسته بعقلية التاجر وليس بالعقلية الحكومية البطيئة المتأخرة في القرار وانتخابات لاختيار أعضاء مجلس الإدارة.. صدِّقني سينصلح حال الكرة السعودية. الأندية تنجح حالياً حين يكون هناك عمل مؤسساتي شامل وكامل ومتخصِّص.
هذا الرأي للدكتور راشد الفوزان الاقتصادي السعودي المعروف. ولا بد أن نفطن إلى أن الشأن الرياضي لم يعُدْ يشغل حدوده ومساحته الضيقة تلك التي تستميت التقليدية الجامدة باستمرار احتكارها له، لقد بات الشأن الرياضي يهمّ ويعني كل المجتمع، وهذا يحتم أن تفيق المؤسسة الرياضية من عزلتها واعتزالها وتنفتح على كامل المجتمع؛ تتعرف على أفكاره وهمومه وشجونه الرياضية والشبابية.
يقول الدكتور الفوزان: الخصخصة من المفترض أن تكون بدأت منذ سنوات، السؤال لماذا تأخرت؟ حتى تتحرَّر الأندية من الرؤساء المسيطرين، وتوفر مصادر دخل حقيقية دائمة، وتحكُّمهم بالأندية لأنهم يملكون المال.. لكن المستقبل لا ينبئ عن إيجابية، العوائد كبيرة ومميزة، وأهمها تنويع مصادر الدخل وعدم (احتكار القلة) لرئاسة الأندية الكبيرة.
> في أمريكا حديث جاد وحوار مستمر عن (تخصيص القوات المسلحة الأمريكية)!!.
تساؤلات وتخمينات منها السلبي والمندهش!.
> نشرت جريدة الشرق الأوسط صورة لرئيس الهلال أثناء مباراة الهلال والوحدة الإماراتي تكفي للتدليل على أن الهلال أحوج ما يكون إلى تصحيح عاجل لأحواله.. مدرّج الهلال حزين على ما آلت إليه أمور ناديه الشعبي الكبير المتَّجه إلى التحوُّل إلى نادٍ نخبوي فقط!.