Al Jazirah NewsPaper Tuesday  25/09/2007 G Issue 12780
الاقتصادية
الثلاثاء 13 رمضان 1428   العدد  12780
حق الوطن وإستراتيجية البقاء
فضل بن سعد البوعينين

يوم الوطن الخالد، هو اليوم الذي أسس فيه الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، طيب الله ثراه، كيان الدولة، ووحد أطرافها، وألف، بأمر الله، وتوفيقه، بين قبائلها المتناحرة، فأصبحت كالروضة الغناء المحفوفة بالخيرات تظللها الأشجار الباسقة وتجري في أراضيها أنهار الخير والعطاء. أرسى فيها قواعد الأمن والعدالة، وأتخذ من كتاب الله وسنة رسوله الكريم منهاجاً وشرعاً....

....فأصبحت الدولة الإسلامية الوحيدة التي تتخذ من القرآن الكريم دستورا تستقي منه تعاليم الهدى، وتباشير الحياة. تلتزم بتعاليمه الربانية، وتحتكم إلى قوانينه الشرعية في ثبات وشموخ، وتقرب إلى المولى عز وجل الذي أنعم على هذه البلاد وأهلها بنعمه التي لا تعد ولا تحصى.

يوم الوطن الخالد، هو اليوم الذي أرسى فيه القائد الموحد قواعد الأمن، وإستراتيجية البناء التي أضحت منهجا ثابتا أُوكلت مهمة إتمامها إلى الأبناء. منذ ذلك اليوم تمكن الأبناء الملوك، من إكمال المسيرة وتحويل هذه الأرض الطيبة إلى واحة مثمرة تنعم بالأمن والأمان، والاستقرار، والرقي والتقدم في فترة زمنية قياسية من عمر تقدم الشعوب والأمم، إنجازات حضارية كبرى تناوب على تنفيذها أبناء الملك عبدالعزيز، بكل تفان وإخلاص. و بانتهاء دورهم الريادي، بدأت مرحلة جديدة من البناء والعطاء، لإكمال المسيرة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز، خدمة للبلاد والعباد والإسلام والمسلمين.

بدأ الملك عبدالله بن عبدالعزيز حكمه الميمون بإصلاحات مالية وإدارية واسعة متواكبة مع تطورات العصر وحاجة المواطنين. وجعل من المواطن محوراً رئيساً لإستراتيجيته الخاصة في إدارة الحكم، فهو صاحب المقولة المشهورة (من نحن من دون المواطن)، حيث أثبتت الأيام إيمانه التام بهذه المقولة، وإصراره على تنفيذها. زيارات الملك التفقدية لمناطق المملكة أثبتت حرصة التام على المواطنين وإصراره على إيصال قطار التنمية إلى جميع المناطق دون استثناء.

المنجزات السياسية والتنموية التي شرع في تنفيذها الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين، والتي جاءت لتكمل مسيرة المؤسس وأبنائه البررة رحمهم الله جميعاً، أكبر من أن تختصر في مقالة واحدة، أو أن تختزل في كلمات متناثرة، أما حب الوطن، والتغني بإنجازاته فهو أعظم بكثير من أن يحتفى به لمجرد الاحتفاء دون التبصر في حقوقه الواجبة علينا، ونصرته المستحقة.

من حقوق الوطن علينا أن نعمل يد واحدة من أجل نهضته ورفعته، ونهضة شعبة، ومد يد العون للفقراء والمحتاجين، والعمل على سد حاجاتهم الأساسية وإشعارهم بأنهم جزء من هذا الوطن المعطاء، وأن لهم حقاً في خيرات هذه البلاد كفلها الله ورسوله لهم. من حق الوطن على جمعياته الخيرية أن تعمل بجد لإيصال لقمة العيش لمحتاجيها في كل شبر من هذه الأرض الطيبة، وأن تكرس عملها على فقراء الداخل فهم الأحق بخيرات البلاد وأعطياتها.

من حق الوطن على وزرائه، ومسؤوليه العمل بجد لتحقيق طموح القائد، وتطلعات المواطنين، خاصة الوزارات الخدمية التي لم تستطع حتى الآن مجارات خطط التنمية الطموحة التي أرسى قواعدها خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين.

من حق الوطن على رجال المال والأعمال أن ينخرطوا بجد في أعمال خدمة المجتمع، وأن ينظروا بعين الرحمة للمواطنين الذين أنهكتهم موجة الغلاء فحرمتهم من كثير من حاجاتهم الضرورية، فيجتهدوا في تقديم مصلحة الوطن والمواطن على مصلحتهم الخاصة.

من حق الوطن على مجلس الشورى أن يتعامل بجد مع قضايا المواطنين الحساسة، وأن ينزل إلى الشارع ليخاطب الفقير المحتاج، والعامل والطالب، المرأة والرجل ويسمع منهم همومه بدلا من أن يتلقفها من سواهم ممن لا يعانون معاناتهم المباشرة، وأن يعمل بحزم مع كل من يتهاون في أداء حقوق المواطنين التي شدد على أدائها الله سبحانه وتعالى، ثم ولي الأمر.

من حق الوطن علينا جميعاً حمايته من الأعداء والمحافظة على مكتسباته الدينية والدنيوية. السعودية هي معقل الإسلام الأخير، لذا لم يكن مستغرباً أن تكون هدفا رئيسا لمخططات الحركات المسيحية واليهودية المتشددة التي ما برحت تطعن في دين الإسلام وتحاول أن تلبسه عباءة الإرهاب ومعاداة الإنسانية، من أجل النيل من استقراره، وزعزعة أمنه طمعا في كسر شوكة الإسلام والمسلمين. الأمر لا يقف عند هذا الحد بل يتعداه إلى زعزعة أمن المنطقة من خلال اختلاق النزاعات العسكرية التي ستلقي بسلبياتها العسكرية والاقتصادية على دولة الإسلام.

يمكن القول بأن السعودية، قبلة الإسلام والمسلمين، بما حباها الله من خيرات كثيرة، أصبحت هدفاً للحاقدين والحاسدين والمخربين، الذين لا يتوانون عن توجيه سهامهم لها في السر والعلن، تنفيذاً لمخططاتهم المشبوهة ومخططات الحاقدين.

السعودية هي معقل أهل السنة والجماعة، تسير على نهج القرآن الكريم، وتهتدي بهدي رسولها الأمين، وهو أمر يثير حفيظة بعض حكومات دول المنطقة التي اكتسبت شرعيتها اعتماداً على أسس طائفية، ما يجعلها أكثر حرصاً على تأجيج المشاعر الطائفية، وتحريك الشعوب الآمنة المستقرة الهانئة، من أجل تحقيق المكاسب السياسية.

السعودية هي الداعم الحقيقي للدول الإسلامية والعربية، وعلى الرغم من المنغصات، إلا أنها لم تتوان يوماً من الأيام عن نصرة الدول الإسلامية والعربية، أو عن إغاثة المحتاجين والمنكوبين في جميع الأقطار. هذا الدور القيادي قطعاً لا يرضي أعداء الأمة، ما يجعلها هدفا للحملات الإعلامية المسمومة، وخطابات التخوين والتشكيك من بعض المحسوبين على الدول العربية والإسلامية ممن ينفذون خطط الغرب الإستراتيجية الهادفة إلى زرع بذور الفرقة والتشرذم، و ضرب الإسلام والمسلمين.

استقرار المملكة السياسي واستتباب الأمن فيها، أثار عليها حقد الدول الأجنبية التي ما برحت تخطط لضرب الوحدة الوطنية من الداخل بأيدي أبنائها. سلحت الجماعات الإرهابية، وهيأت لها الدعم اللوجستي والتغطية الإعلامية من أجل ضرب مقومات الدولة، وزعزعة أمنها وإستقرارها بغية إستغلال ذلك كغطاء دولي مستقبلي لأي تحرك مشؤوم، والعياذ بالله.

كل هذه المخاطر المحيطة بدولة الإسلام تحتاج منا جميعاً الوقوف أمامها بحزم، وقوة، من أجل إفشال مخططاتها التدميرية التي وضعها الغرب بكل دقة وإتقان من أجل الوصول إلى هدفهم الرئيس، وهو ضرب الإسلام والمسلمين.

هذه الأخطار المحدقة، تفرض علينا رسم (استراتيجية البقاء) في الداخل والخارج للتعامل بحزم مع تلك الأخطار، وما يستجد منها، و بما يضمن سلامة كيان الدولة، واستمراريتها، ونموها كما أراد لها مؤسسها الباني الملك عبدالعزيز، طيب الله ثراه.



f.albuainain@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد