في حياة الشعوب أيام خالدة تحتويها الذاكرة الوطنية للأفراد، وتلازمهم في حياتهم كمحطات مهمة في عمر الإنسان تعبر عن انتمائه وتشبع حاجته الفطرية إلى الانتماء. واليوم ونحن نعايش ذكرى اليوم الوطني للمملكة العربية السعودية, تستوقفنا الذكرى الوطنية عند عدة ثوابت ومبادئ رسخت ودوّنت بأحرف من ذهب منذ اليوم الأول لتوحيد المملكة العربية السعودية على يد المؤسس الملك عبدالعزيز (رحمه الله).
فمنذ فجر مسيرة التوحيد انطلقت ورش العمل التنموية لتشيّد بناء الحضارة والعمران, والتي كان هدفها الأول الرقي بمستوى المعيشة للمواطن السعودي إلى أعلى المستويات؛ وهو الأمر الذي تحقق بشكل واضح وجليّ للعيان؛ حتى أصبح المواطن ينعم في رغد من العيش، وتتوافر له كل المستلزمات الضرورية التي تكفل الحياة الكريمة للإنسان، وذلك ما يندرج على مستويات التعليم والصحة وخدمات البنى التحتية وغيرها من الخطط التنموية الطموحة التي بين حين وآخر تترجمها المشاريع الاقتصادية الجبارة في شتى أنحاء البلاد, والجميل أيضاً أن كل ما سبق قد تم ربطه بخطوات الإصلاح التدريجي الذي جعلته القيادة هدفاً استراتيجياً لها مع ربطه بفلسفة التدرج وقناعات التروي في صنع القرار، والتي لعبت دوراً ملحوظاً في تثبيت ديمومة الاستقرار الاجتماعي في البلاد.
وفي الخارج، ونعني به السياسة الخارجية السعودية، في مجالاتها الثلاثة العربي والإسلامي والعالمي، أضحت المملكة العربية السعودية أحد أركان صناعة القرار الدولي وقبلة الوساطات والمساعي الحميدة التي جعلت لها ثقلاً إنسانياً ومفاهيمياً، إضافة إلى ثقلها السياسي والاستراتيجي بالنسبة للعالم وتداخلاته الدولية؛ فما من ملمة عربية أو إسلامية إلا يمّمت السياسة الخارجية السعودية وجهها شطرها، وبذلت الغالي والنفيس لحلها؛ موظفة قدراتها المالية والاقتصادية والدبلوماسية لخدمة الإسلام والمسلمين، ومؤكدة التزامها بأخوتها القومية مع الأشقاء العرب، من خلال اتباع أسلوب الأخ الأكبر الذي يعلم أن تحمله للمسؤولية التاريخية تجاه أشقائه وقضاياهم يحتم عليه الابتعاد عن المزايدات والمهاترات الأيديولوجية أو القطرية الضيقة، مهما حاولت النيل من إنجازاته والتزامه المبدئي؛ فلذلك، ومن أجل ذلك تبقى المملكة العربية السعودية بمثابة صمام الأمان للفضاءين العربي والإسلامي، ويظل يومها الوطني عرساً داخلياً لأبناء الشعب السعودي، وذكرى وبارقة تآخ وتفان وبذل والتزام للأشقاء العرب والمسلمين.
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244