توقعات خبراء عسكريين أمريكيين بأن قواتهم قد تبقى في العراق لثماني سنوات أخرى، قد تعني ضمن أشياء عديدة ترحيل الأزمة التي يعاني منها الرئيس الأمريكي حالياً وإلى حين مغادرته البيت الأبيض إلى الرئيس المقبل، وهذا يعني أيضاً أن علينا أن نشهد حرباً في العراق بأسلوب جديد بسبب تغير القيادات التي تديرها بدءاً بالرئيس الجديد ونزولاً إلى قياداته العسكرية في البنتاغون وعلى أرض المعارك.
لكن الشيء المؤكد أن المعاناة العراقية ستتواصل وأن جميع السلبيات ربما ستتفاقم، وهكذا نرى أن خبرة أكثر من أربع سنوات هي عمر حرب العراق لم تسعف بوش في وضع حدٍ لهذه المأساة التي زرعت الأحزان في كل بيت عراقي لتمتد إلى ما وراء البحار ناثرة المزيد من الأحزان على الأرض الأمريكية.
ويوجد إجماع على أن فترة بوش المتبقية والمقدرة بعام ونصف العام لن تفلح في وضع حدٍ لهذه الحرب، وأن الحديث يدور حالياً بعد تقديم التقارير الميدانية حول انسحاب جزئي قد ينشط ابتداءً من منتصف العام المقبل، لكن ستبقى هناك قوات في نهاية الأمر لن تقل عن مائة ألف جندي يتم استخدامها في العمليات الخاصة ولمهام التدريب وغيرها.
بالطبع هناك احتمالات المستقبل التي قد تأتي بالديموقراطيين إلى البيت الأبيض، وهم يعارضون بشدة هذه الحرب في العراق، ولا يُعرف المدى الذي سيذهبون إليه في التعامل معها وهم على رأس الحكومة، أو مدى تطابق آرائهم مع الوضع على أرض الواقع، وما إذا كان وصول الديموقراطيين إلى البيت الأبيض يعني نهاية الحرب في العراق، أي هل نحن نعايش حالياً الفصول الأخيرة للحرب؟
هناك إلى جانب الواقع السياسي في واشنطن واقع عسكري وسياسي خلقته هذه الحرب في العراق وفي المنطقة بشكلٍ عام، ومن الصعب تجاوز هذا الواقع لمجرد ذهاب بوش ووصول رئيس ديموقراطي إلى البيت الأبيض، فالتغيرات السياسية الجديدة للحرب في العراق والمنطقة قد تجبر الرئاسة الأمريكية الجديدة كما القديمة على التعاطي مع حقائقها وموجباتها بما يعني ثباتاً في كل ما يتعلق بهذه الحقائق، ومن ذلك الجوانب المرتبطة بوجود القوات الأمريكية في العراق بما في ذلك استمرار الوجود الأمريكي.
ومن الحقائق المرتبطة بالحرب هناك بالطبع الوضع الإيراني الذي يستأثر بجانب كبير من الاهتمام الأمريكي، ومن الصعب أن تتخلى واشنطن عن الميزة النسبية الاستراتيجية المتمثلة في وجودها في العراق في إطار إدارتها لأزمتها مع إيران، إذ إن وجودها العسكري في الجوار يعزز من مواقفها ومن التطورات المحتملة في ذلك الصراع.
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244