Al Jazirah NewsPaper Sunday  16/09/2007 G Issue 12771
الاقتصادية
الأحد 04 رمضان 1428   العدد  12771
أغلب المنتجات العضوية مستوردة ونسبة الإقبال عليها لا تتجاوز 15%
زراعيون يدعون لتشديد الرقابة على المنتجات الزراعية والحيوانية قبل طرحها بالأسواق

«الجزيرة» - فيصل الحميد

حذر زراعيون ومستهلكون عبر (الجزيرة) من خطورة المنتجات الزراعية والحيوانية التي يقوم المنتجون بإدخالها للأسواق المحلية دون خضوعها إلى كشف أو رقابة من الجهات المعنية وبرروا ذلك بأن بعض المنتجات الزراعية يتم حصادها في وقت تكون فيه مشبعة بالمواد والأسمدة الكيمائية، كما أن بعض الأغنام تغذى بمواد هرمونية بغرض تسمينها في فترة وجيزة مما يشكل خطورة بالغة على المستهلكين، وأشارت مصادر طبية ل(الجزيرة) بأن هذه المواد تعرض المستهلك إلى مخاطر صحية من خلال العديد من الأمراض الفتاكة كالسرطانات والفشل الكلوي وضعف جهاز المناعة وغيرها مما يرفع بالمقابل فاتورة تكلفة الرعاية الصحية.

وبينت تلك المصادر بأنه يمكن معرفة مصدر تلك الأمراض بشكل تلقائي إذا ما وضعنا دائما في أذهاننا المقولة الشهيرة (المعدة بيت الداء).

وأضافت: مثلاً تجد بعض المرضى يحجب عن طعام ما لسبب تأثيره المباشر على الصحة فمرضى القلب عادة مايحجبون عن الأكل الذي يغلب عليه الدهون ومرضى السكر يمنعون من أكل السكر والغذاء الذي يتركز فيه, وبلا شك أن كل عاقل يتوقع ماذا سيصيبه إذا أكل سماً!.

واعترف أحد مربي الماشية ل(الجزيرة) وهو يغذي عدداً من المطاعم بالتيوس والتي بدورها تبيعها مطبوخة لزبائنها أنه يعمد لكي يفي بالطلب الكبير إلى إطعام التيوس بمواد هرمونية تسمنها في غضون شهر أو أقل من ذلك!.

وتأكيداً لذلك أفاد ل(الجزيرة) أحد المستثمرين في تربية النعام - فضل عدم ذكر اسمه - أن شخصاً سأله عن حجم إنتاج النعامة من اللحم وحين أخبره بالكمية، قال لدي مواد غذائية إذا أنت أطعمت النعامة فإنها ستنتج ما لا يقل عن 80% زيادة في كمية اللحم وفي فترة أقل من المعتاد!.

ويضيف موظف في إحدى شركات إنتاج الدواجن قائلاً: أن الفترة الزمنية التي تفصل بين خروج (الصوص) من البيضة إلى أن تعبأ بكيس كدجاجة زنة 900 جرام جاهزة للأكل لا تتعدي 21 يوما، وأضاف أن الدجاج الذي يباع في المحلات على أساس أنه صغير هو في الواقع مريض وليس صغيرا!.

ولا يتوقف الأمر عند اللحوم فالخضروات والفواكه يستخدم أيضا للتعجيل بحصادها استخدام المزيد من المواد الكيماوية والمبيدات الحشرية فلا تكاد تجد مزرعة إلا ورشت بمبيد أو مادة كيميائية لتحسين الإنتاج ورفع خصوبة الأرض وتقوم وزارة الزراعة بتقديمها كمعونات إلى المزارعين رغم أنها ليست ذات ضرر مباشر على صحة الإنسان إذا أحسن التعامل معها حيث إن المزروعات التي قد رشت بمبيد أو خلافه تحتاج إلى فترة معينة قبل قطاف ثمرها لكن بعض المزارعين عمداً أو جهلاً لا يتقيد بالمدة الزمنية المفروضة، وهنا سألت (الجزيرة) أحد المزارعين لماذا لا تتقيدون بذلك؟ فأجاب: أن المزارع يجلب ماجناه من المزرعة إلى السوق دون رقيب أو حسيب.

ويقول محمد الرشيد أحد مزارعي الخرج: إن بعض المزارعين ينظر إلى سعر السوق فإن كان مرتفعا قطف ما أثمرت المزرعة وذهب به إلى السوق دون النظر إلى الفترة الزمنية التي تفصله عن استخدام أي مواد كيميائية.

وبمفهوم علمي أن الاستخدام الجائر للمبيدات والأسمدة الكيميائية يؤدي إلى أضرار صحية واقتصادية على الكائنات الحية والوسط البيئي، فعند إضافة المبيد إلى التربة تحدث تحولات بيئية وبيولوجية بواسطة الكائنات الدقيقة في التربة وبدورها تؤدي إلى تغيير تركيبة وخصائص المنتج مما يضر بصحة الإنسان، وقد ثبت إسهام ذلك بانتشار كثير من الأمراض مثل السرطان، الفشل الكلوي، الحساسية، ونقض الأوكسيجين في الدم نسبة لزيادة النترات في مياه الشرب جراء تأثير الأسمدة، كذلك تدمر تلك المواد جهاز المناعة وتساهم بقلة الخصوبة حيث ثبت أن مادة الديوكسين (Dioxin) وهي شائعة الاستخدام تدمر جهاز المناعة وتقلل من الخصوبة في الرجال والنساء. وثبت أيضا أن المبيدات العشبية والحشرية ذات علاقة مباشرة بمرض الرعاش.

تحول وخيار أمام المستهلك

وإذا ما تصاعدت وتيرة الوعي بالغذاء الصحي ربما يتحول المستهلك إلى ما يسمى بالمنتجات العضوية وهي منتجات لم يتم فيها استخدام المركبات المصنعة مثل المبيدات الحشرية والأسمدة الكيميائية والهرمونات والمواد الحافظة. ويضمن مطابقتها للمواصفات هيئات ومراكز منتشرة في أوروبا وأمريكا واليابان يتجاوز عددها خمسا وعشرين جهة تمنح شهادة للمزارع أو المنتج بأن المواد خالية من المواد الكيميائية المضرة بصحة الإنسان.

وبطبيعة الحال لا يوجد أي من هذه المراكز في وطننا العربي عدا واحد في مصر وهي أول العرب اهتماما بالزراعة العضوية منذ السبعينيات الميلادية وتصدر منتجاتها إلى أوروبا.

وتتميز هذه المنتجات بخلوها من المواد الضارة بالصحة العامة وعدم تأثيرها في تلوث مصادر المياه السطحية والجوفية.

يقول علي الصيخان مدير عام مؤسسة الغذاء العضوي: إن المنتجات العضوية هي البديل الغذائي لمن تهمهم صحتهم وصحة أبنائهم لعدم استخدام المبيدات والأسمدة في إنتاجها، وهي معتمدة بشهادة مطابقة لمواصفات واشتراطات صحية وبيئية تضمن خلوها من أي مركب أو مادة كيميائية من شأنها أن تضر بصحة الإنسان.

ويوجد بالمملكة عدد من المحلات التي تبيع المنتجات العضوية ولكن الغالب هي مستوردة فلا يوجد تقريبا منتجات عضوية محلية عدا منتجات قليل من المزارع، ويقول الصيخان إننا نعمد على المنتجات المستوردة من أوربا لقلة المنتج المحلي أو انعدامه ولقلة المزارعين الذين يعتمدون الزراعة العضوية كونها تؤثر في كمية الإنتاج فالمزرعة العضوية أقل إنتاجا من المزرعة التقليدية التي تستخدم الأسمدة الكيميائية.

وعن الإقبال على تلك المنتجات قال: يمكن أن يوصف بالمتواضع فنسبة تزايد المهتمين بهذه الأنواع لا يتجاوز 15% منذ أربع سنوات، وأرجع ذلك إلى قلة الوعي من جهة وإلى ارتفاع الأسعار نسبيا من جهة أخرى لكنه قال إن الأسعار يجب أن لا تكون سبباً في عدم استخدام تلك المنتجات لأن كثيراً من الناس قد يشتري وجبة واحدة من مطاعم الوجبات السريعة المضرة ما يفوق قيمة وجبات عضوية صحية.

من جهته قال إبراهيم الجمعان مشرف أحد معارض الشركة الوطنية: إن الشركة تستخدم منتجات محلية مزروعة في المزارع التابعة للشركة في القصيم والجوف، وتتوفر لديها منتجات عضوية كثيرة من الخضروات والفواكه واللحوم وزيت الزيتون والعسل والحليب ومشتقاته، إضافة إلى منتج جديد بدأنا بتصنيعه وهو صابون مستخلص من زيت الزيتون العضوي.

وفي جولة بدأتها (الجزيرة) من مركز الغذاء العضوي وهو أحد المراكز التي تبيع منتجات عضوية التقت خلالها أحد المتسوقين وهو عبدالمجيد الزايد، وسألناه عن سبب استخدامه للمنتجات العضوية وسر التحول فقال: إن التحول للمنتجات العضوية بدأ بعد وفاة أحد أقاربي بمرض السرطان وبعدها بدأت أفكر في نوعية الغذاء وتعرفت حينها على المنتجات العضوية، ويضيف أن الرجيم سبب آخر للتحول إلى المنتجات العضوية.

وهنا يقول الصيخان صاحب المركز: إن مستهلكي المنتجات العضوية يختلفون بأسباب التوجه فمنهم المريض وآخر تحول لحرصه على الغذاء الصحي.

والتقينا في مركز آخر بحسن أبو ذياب فقال: إنه لا يعتمد على المنتج العضوي بشكل كامل لأن الوقت لا يساعده فيعمد إلى الشراء من الأماكن القريبة حتى لو كان منتجاً غير عضوي. من جهتها أبرمت وزارة الزراعة في أغسطس 2005 مع المؤسسة الألمانية للتعاون الفني عقداً لإيجاد (مشروع تطوير الزراعة العضوية). وانطلق المشروع على الفور تحت مظلة وزارة الزراعة.

من ناحية أخرى، ونتيجة لتلك التطورات وافق مجلس الوزراء في 22- 8-1428هـ على تأسيس الجمعية السعودية للزراعة العضوية لإنتاج منتجات زراعية عضوية تسهم في الحفاظ على البيئة ووضع خيارات أمام المستهلك.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد