إلى سنوات ما قبل الاحتراف.. كانت الأندية الكبيرة بطولياً وإنجازياً.. تولي اهتماماً بالغاً بقطاع الناشئين والشباب بفرقها المتعددة.. الأمر الذي جاء من أجله حضور بارز في إنجازاتهم.. فضلاً عن إسهامهم في رقي وتطور الكرة السعودية في شتى المحافل والمناسبات.. لدرجة أنهم توجوا هذا كله بتنافس مثير من حيث الإثارة والندية في المسابقات الكروية المحلية.. ومن أجلهم أيضاً رشح الشارع الرياضي (الخارجي) الدوري السعودي لأن يكون الأقوى عربياً.
هذا من جانب الإنجازات والإمكانات الفنية التي تمتلكها الأندية الكبيرة هنا.
أما على المستوى النجومي فإن تلك الأندية أيضاً كان لها إسهام مؤثر في تحسين أوضاع أندية أخرى من حيث حركة تنسيق لاعبي الفرق الكبيرة، بل إن البعض منهم يتحين (فضلة) الأندية الكبيرة لخطفها لفرقهم!!
أقول وإلى سنوات ما بعد الاحتراف وعلى طريقة (دوام الحال من المحال) أصبحت فرقنا الكبيرة تفتقر لعناصر عدة وبمختلف درجاتها.. ولعل لنظام الاحتراف دوراً بارزاً، وبدأت بالبحث عن (الكسب السريع).. وأعني بأنها تجري خلف عناصر جاهزة عبر بوابة أندية صغيرة بعيدة عن الأضواء والبطولات وبطريقة أشبه ما تكون (عشوائية) من حيث الحاجة الفعلية التي تحتاجها خطوط هذا الفريق أو ذاك!!
وحتى لا أكون متسرعاً بالحكم هناك العديد من اللاعبين (الوافدين) من أنديتنا الصغيرة للكبيرة أثبتوا نجاحهم وأسهموا بشكل كبير ومباشر بعودة هذا الفريق أو ذاك لمنصات التتويج ولكن وفي المقابل نكاد نجزم جميعاً بأن هناك منهم من بقي على دكة الاحتياط على اعتبار أن الاستفادة منهم شبه معدومة.
وهذا بالطبع (عقاب) آخر سيواجه الكرة السعودية مستقبلاً وهو عدم وجود (النجم) أو البديل الجاهز!!
هنا أيضاً أسرع وأسجل بأن هناك عدداً من اللاعبين الذين استعانت بهم الأندية الكبيرة ظل يواجه ضغوطاً نفسية من أنصار فريقه الجديد على اعتبار أنه (صفقة خاسرة) لمجرد الظهور الأول، وفي المقابل تزداد خسارة هذا الفريق المادية إلى ما هو (أكثر خسارة) وهذا بيت القصيد حرمان وجه واعد ظل يتحين فرصة إثبات وجوده مع الفريق ويلقي نفسه بدون مقدمات على الرصيف!!
بالتأكيد أنا لست ضد (الاحتراف) والذي ظلت تتعامل معه بعض أنديتنا ب(انحراف) وإنما الطريقة التي من أجلها افتقدت كرتنا السعودية المواهب والتي تنبع عادة من القاعدة الأساسية بالنادي أو من حيث ملاعب الحواري، ولا أزيد.
***
المدربون وغياهب النجوم
قد نتفق جميعاً على أن لكل مدرب فلسفته الفنية في عالم التدريب.. من حيث اختيار العناصر المؤثرة التي يجد فيها -كمدير فني- القدرة على توظيف مهاراتهم وإمكاناتهم النجومية لخدمة الفريق خصوصاً حينما تترجمها في الملعب أداءً ونتيجة.
ولكن وفي المقابل نجد أن هناك مدربين (غير مقتنعين بتلك النظرية) ربما لأمور نفسية أو إدارية!! لدرجة أن بعض النجوم الواعدة تجد معاناة من تجاهل المدرب لها رغم قدرتها الفنية والنجومية.. وذلك بتعذر إشراكهم في المباريات كعناصر أساسية.. بيد أن هناك إجماعاً رياضياً بأحقيتهم بتمثيل الفريق!!
كل ما أخشاه أن تكون مقولة (لكل مدرب ضحاياه) تفقدنا نجوماً لانزال نعلق عليها آمالاً نحو تفوق كرتنا السعودية.
***
آخر المطاف
لعل أهم ما يميز مجتمعنا الرياضي العريق.. هو أخذه بمبدأ التكامل والتعاون والتكاتف بين أفراده.. ولعل أهم ما يميز أنديتنا أيضا أن بيئتها الاجتماعية.. وتركيبتها الإنسانية.. وشخصيتها الوطنية تمتزج بتناغم مع المشاعر.
ونحن في هذه الأيام المباركة وفي الشهر الفضيل (رمضان الخير) أذكر بعض المواقف الإنسانية التي تأبى أنديتنا إلا وأن تبادر بها.. تعكس من خلالها مدى وقوفنا كمجتمع سعودي -قبل أن يكون رياضياً- مع أخوان وأصحاب وأصدقاء وزملاء حدث لهم كثير من الظروف العصيبة منها مرضية، وأخرى تعجيزية أدت جميعها لاختفاء الكثير منهم عن أنظارنا نتيجة لحوادث مرورية أو أسرية.. وقد كانت تلك المواقف النبيلة التي يمتعنا أصحابها من ذكرها وقفات صادقة ووفاء ترمز لمشاعر الوفاء لهذا الوطن المعطاء عبر التواصل الذي يجسد صلة الرياضي بناديه ومجتمعه وهناك من الرياضيين من يعيش ظروفاً قاسية وقاهرة بل إنها ستظل خالدة في أذهانهم لو كان السباق نحو دعمهم والوقوف معهم بمناسبة هذا الشهر الفضيل.