ترتبط العلوم الإنسانية المتمثلة في (علم النفس الرياضي.. والاجتماع الرياضي) ارتباطاً وثيقاً بالمنظومة الرياضية وذات صلة مباشرة.. باعتبار أن الرياضة.. ما هي إلا عملية تربوية متكاملة الجوانب قبل كل شيء حيث لا تخلو - كميدان للتنافس - من الضغوط النفسية والتوترات العصبية إلى جانب علاقة المشكلات الاجتماعية بارتفاع أو انخفاض الأداء العام للاعب (فنياً وسلوكياً).
* ففي الدول المتطورة والمتقدمة كروياً تُعطى لهذه العلوم الحيوية أهمية قصوى وتدرجها ضمن الكادر الإشرافي.. وتحديداً لفريق القدم وذلك لإيمانها التام بالنتائج الإيجابية التي تتمخض من رحم هذه العلوم المثمرة.. خصوصاً أن النواحي النفسية (الإعداد النفسي والتهيئة الذهنية).. تُشكِّل ما نسبته 70% من عوامل التفوق والكسب لأي فريق.. وهنا مربط الفرس!!
* إن العمل الذي يُبنى على أرضية علمية ويُؤسس على فكر معرفي حينما تكون النجاحات هي عنوان ذلك النهج السليم.. وهذا ما ينقص كثيراً من الأندية التي أضحت تدير المنظومة الاحترافية للأسف بالفكر العاطفي والأسلوب الاجتهادي الذي لا يمكن أن يجلب الفلاح وينشد النجاح (احترافياً) إذا ما تكاملت العلوم التخصصية في العمل الرياضي..
* ومن هذا المنطلق أضحى من الأهمية بمكان وجود علم النفس الرياضي والاجتماع الرياضي ضمن الأجهزة الإشرافية العاملة بالأندية.. بل مطلب ملح تفرضه متطلبات ومعطيات هذه المرحلة التي أصبح فيها (العِلم) يشكِّل حجر الزاوية في نجاح العملية الرياضية (احترافياً).
ديوانية.. (الزير)
قلة من الرجال الذين يحملون في حقيبتهم الحياتية صفة الكرم والشهامة والنبل.. التي جُبلوا عليها منذ نعومة أظافرهم فهذه الفصائل النادرة لا شك أنها تغمر الآخرين بطيف هذا السلوك الرفيع المتجسد في وجدانهم وجوانحهم.. ومن هذه النماذج الحية مؤسس نادي الرياض وباني أركانه الشيخ عبد الله الزير - أطال الله عمره وكساه ثوب الصحة والعافية - الذي جُبل على قيم الشهامة والأصالة فعلاوة على تبرعه بمنزله ليصبح أول مقر لمدرسة الوسطى عام 1373هـ في حي الشميسي.. هذا الحي العتيق الذي شهد ولادة (أهلي الرياض) - الرياض حالياً - على يدي هذا الرمز الكبير.. كان وما زال يشرع أبواب منزله.. يستقبل الرياضيين القدامى يومياً وإزاء ذلك أطلق على مجلسه العامر (ديوانية الزير) فمنذ أكثر من أربعة عقود زمنية دأب (أبو محمد) على هذا السلوك الفطري يستقبل أبناءه - لاعبين وإداريين - وغيرهم وما زال بابه مفتوحاً ورائحة الكرم تفوح من بيته.. في صورة تجسد شهامة وأصالة هذا الرمز الكبير.. الذي فتح لمرتادي مجلسه.. قبل بابه..!!
الزير الذي سقط اسمه (سهواً) في حفل تكريم رواد الحركة الرياضية الذي أقامته (رعاية الشباب) في صيف العام الماضي وتمَّ تجاهله.. نتمنى أن يحظى هذا الرمز العملاق بتكريم من المسؤولين بما يتناسب مع حجم الدور والجهد والعطاء الذي قدمه خدمة لرياضة وشباب هذا الوطن الغالي.
سيرة تعيد (عصام الدين..)
أتابع باهتمام كبير ما يكتبه الناقد الرياضي المخضرم الزميل (عادل عصام الدين) عبر ملحق عالم الرياضة بالزميلة (الشرق الأوسط) وتحديداً ما يتناوله عن سير النجوم السابقين خصوصاً لمن قضى نحبه.. ففي الأسبوع الماضي كتب زميلنا المخضرم عن أبناء الفصمة - إبراهيم ومحمد وسعود.. نجوم فريق الاتفاق في حقبة الثمانينيات الهجرية الذين صنعوا إنجازات فارس الدهناء في تلك الأيام الخوالي وكان الحديث عن شقيقهم الأكبر (إبراهيم) الذي وافته المنية قبل أيام قلائل عن عمر يناهز الـ60 عاماً إثر مرض عانى منه الفقيد طويلاً تغمده الله بواسع رحمته.. والحقيقة أن ما تناوله (عادل عصام الدين) عن سيرة (فقيد رياضة الشرقية).. يجسد وفاءه المطلق تجاه هؤلاء النجوم الذين خدموا الحركة الرياضية بكل جهد وعطاء وإخلاص في حقبة لم تكن الرياضة مقبولة اجتماعياً.. من جهة ويكشف من جهة أخرى الحصيلة المعلوماتية التاريخية الرياضية التي يختزنها في ذاكرته كمعاصر لكثير من الأحداث الرياضية.. ولأن من معايير العمل الإعلامي الناجح في الجانب التاريخي يرتكز على توفر الثقافة الرياضية.. الرصينة علاوة على وجود التخصص والمهنية العالية في هذا المضمار.. ويكون من يتحدث عن ذلك عايش تلك الأجواء بطريقة أو أخرى.. فمن هذا المنطلق يبقى الإعلامي المخضرم والمتمرس (عادل عصام الدين) الذي يتولى إدارة القناة الرياضية خير من يقود (برنامج سيرة) التاريخي الذي يطل علينا أسبوعياً عبر القناة الذهبية..!!! فالنجوم السابقون والشخصيات الرياضية المعاصرة يملكون حصيلة من الأحداث والذكريات الرياضية التي تحتاج لمن يفك شفرة هذه البوابة ويفتح نافذة الماضي التليد ليطل الجيل الحالي على رياضة الأمس.. وقد يكون الأنسب لمن يتصدى لهذه المهمة الشاقة رجل خبير ومتمرس مهنياً واحترافياً في هذا الحقل مثل الإعلامي المخضرم (عادل عصام الدين) فالمهنيون مهما يتبؤون المواقع القيادية لا يمكن أن يتنازلوا عن موهبتهم التي عشقوها منذ الصغر.. ولازمتهم في الكبر مهما كان الوضع السائد.. فالمناصب الإدارية لا يمكن أن تمحو عشق السنين.. فالمنصب يزول والعشق يبقى..!!
سقراط ودمج النصر!!
لمن طالب بدمج النصر مع الرياض - في حالة إخفاقه هذا العام - تناسى أن (الشباب) قد غاب عن ساحة الذهب (40 عاماً) وعاد بشكل أقوى مما كان عليه و(الهلال) كذلك غاب عن البطولات (13 عاماً) وعاد (مهرولاً) بصورة أفضل في مضمار الذهب فأصبح وبجدارة يتزعم الأندية المحلية بلا منافسة من الآخرين.. و(الاتحاد) أيضاً توارى عن منصات التتويج أكثر من (14 عاماً) وأضحى حالياً يتربع في ميدان الذهب.. فغياب أي نادٍ عن البطولات لا يمكن أن يلغي تاريخه وتطمر إنجازاته تحت بند (الدمج)!!! بمجرد ابتعاده عن ساحة الذهب.. فالإخفاق ما هو إلا محطة من محطات النجاح المطلق كما قال الفيلسوف (سقراط)!! علماً أن وضعية الأندية ليس الهدف منها أن يحقق ذاك الكأس أو هذا الدوري.. فهناك (مفهوم) أكبر وأشمل لمعنى النادي ومتى ما حققه فإنه بذلك قد جسد أعظم البطولات.. وفريقا النصر والرياض من الأندية التي دعمت جميع المنتخبات السنية بالنجوم المتوقدة على مدى سنوات مختلفة.. إلى جانب أن هذين الناديين العريقين.. يشبعان طاقات العديد من الشباب.. فإذاً البطولات والإنجازات ما هي إلا ومضة في تاريخ النادي متى ما تحققت فإنها تزرع الابتسامة، لكن ثمة ما هو أهم.. لا يدركه سوى أصحاب العقول المتفتحة ومن ينظرون إلى بُعد أشمل وأرحب..!
* * *
* رحم الله نجم (اتفاق الثمانينيات الهجرية) إبراهيم الفصمة.. الذي وافته المنية قبل أيام قلائل.. كان يُعد من خيرة نجوم رياضة الشرقية (فناً وخلقاً).. وممن صنعوا إنجازات فارس الدهناء في تلك الأيام الخوالي.. والعزاء لأشقاء وأبناء الفقيد تغمده الله بواسع رحمته.
* بالأرقام والحقائق والمواصفات والمقاييس الفنية (سامي الجابر) رقم صعب في التاريخ الرياضي شئنا أم أبينا!!
* الأستاذ المخضرم (عبد الله الضويحي) علم بارز في بلاطة الصحافة يملك في حقيبته المهنية ما يخوله لتقديم دورات قصيرة في الشأن الإعلامي وذلك في معهد إعداد القادة.. ليتنا نستفيد من هذه القدرات الإعلامية المتعطلة (مهنياً)..!
* إذا أراد النصراويون العودة لساحة البطولات واستعادة مجدهم الغابر فعليهم التزام الصمت.. واسألوا الأهلاويين عن ثمار الصمت.. فالصمت من ذهب..!!!
* الزميل عبد الرحمن الحسين.. المذيع في القناة الرياضية السعودية قدرة إعلامية تتميز بخاصية فريدة قد يفتقدها الكثير.. وتتمثل في شمولية هذا المذيع المتألق لثقافته العالية الرياضية والاجتماعية والشبابية..!!
* لمتابعي صفحة (أوراق من تاريخنا الرياضي) ستعود هذه الصفحة - إن شاء الله - بعد نهاية شهر رمضان المبارك وكل عام والجميع بخير.
kaldose@gdwrr.gov.sa