الخروج من حالة الانقسام الحالية هي المسألة الأهم على الساحة الفلسطينية، ففي ظل هذه الحالة السلبية تزداد معاناة الشعب الفلسطيني القابع بين سندان حماس ومطرقة فتح، ويعرب الفلسطيني العادي عن المرارة الشديدة تجاه ما يحدث من قيادات كان يفترض فيها تغذية أسباب اللحمة والتضامن بدلا من الانغماس في التآمر على بعضها البعض.
وسط هذه الحالة السلبية يتعاظم الحديث عن المؤتمر الدولي المتوقع انعقاده الخريف المقبل، ويبدو أن البعض يحاول توجيه المؤتمر لتكريس الانقسام القائم من خلال الحديث عن توفير مكاسب لطرف دون الآخر، وهؤلاء الذين يدفعون إلى ذلك يراهنون بالتالي على استمرار التشتت الفلسطيني ويسعون فقط إلى نتائج تقصر دون تلبية المطالب الفلسطينية.
ولهذا فإن العودة إلى الوضع الطبيعي في الأراضي الفلسطينية ينبغي أن يحظى بأولوية تبعد عن الشعب الفلسطيني التداعيات الكارثية للانقسام، خصوصا وأن الإستراتيجية الإسرائيلية تركز وباستمرار على اختراق الصف الفلسطيني واستمالة طرف دون آخر من أجل الانفراد بكل منها على حدة.
وتستوجب حساسية القضية الفلسطينية أن تتحلى القيادات بإرادة صادقة من أجل وقف التدهور الحادث الآن في العلاقات الفلسطينية الفلسطينية وإبعاد مظاهر الفرقة، وإخماد جزئيات الفتنة التي تتنامى بشكل مطرد على عدة مستويات، مع عدم اللجوء إلى القوة عند أي بادرة للتعبير عن الرأي، فالإفراط في استخدام القوة ينجح فقط في تراكم الأحقاد والرغبة في الانتقام.
ولهذا فإن الحكمة تقتضي إفساح المجال أمام المبادرات الرامية إلى إعادة اللحمة وتشجيعها، وفي هذا المقام ينبغي القيام بتحرك نشط ومتواصل من قبل المحيط العربي الذي يحتوي الهموم الفلسطينية الذي طالما نجح في استكمال مقومات الوحدة والتلاقي بين أبناء الشعب الفلسطيني.
وتظل هناك دائما محطات عربية مهمة في مسيرة لم الشمل وتحقيق الوحدة الفلسطينية، فالإنجاز الذي تم في مكة المكرمة قبل عدة أشهر نجح في تهدئة الأوضاع وأرسى محددات مهمة من أجل صف فلسطيني متضامن، وهو اتفاق لا يزال مرجعا مهما للخروج من هذه الحالة السلبية وبإقرار مختلف القوى الفلسطينية.
ولا شك أن النظرة العابرة إلى حصاد هذه الفترة الممتدة منذ سيطرة حماس على الوضع في غزة قبل منتصف يوليو الماضي، تفيد بأن دمارا كبيرا قد حدث في أسس التلاقي والعمل المشترك بين الفلسطينيين، ومع ذلك فإن هذه الخسائر ينبغي أن تنبه إلى فداحة ما يحدث وما يمكن أن يحدث مستقبلا خصوصاً من جهة التأثيرات غير المرغوبة على مجمل القضية الفلسطينية.
****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244