التزام إسرائيل الصمت حيال ما قامت به من تحليق فوق الأجواء السورية, واتصاف هذا الصمت بالصفة الرسمية يطلق على الواقع عدة تساؤلات وعلامات استفهام, ففي الوقت الذي كانت إسرائيل تردد دائماً وعلى لسان جنرالاتها أنها ليست في صدد المواجهة مع سوريا ومع إقبال الخريف وما سيحمله سقوط أوراقه معه من مؤتمر دولي للسلام, وفي خضم الجهود المحمومة لتحريك عملية السلام في المنطقة، في ظل كل هذه المتغيرات والعوامل حركت إسرائيل ركود ماء النهر برمي حجر انتهاك الأجواء السورية في خطوة على ما يبدو جاءت للتأكيد على قدرة جيش الدفاع الإسرائيلي على الردع وإفهام الخصوم أن إسرائيل لم تفقد قدرات الضربات الوقائية حتى بعد أن مرغ أنفها بالتراب في حرب لبنان الأخيرة.
تفاوت التحليلات في هذا الشأن والذي قالت بعضها إن الأمر لا يتعدى كونه مجرد اختبار روتيني إسرائيلي للدفاعات الجوية السورية وعملية مراقبة روتينية أو أنه مجرد رغبة متوحشة للترهيب وتأكيد الردع أو غيرها من التكهنات والتحليلات التي وصلت حد القول أن هذا ليس بجديد على إسرائيل وليس بمستغرب, كل ما سبق لا يلغي خطورة الخطوة الرعناء التي أقدمت عليها تل أبيب خصوصاً إذا ما ربطت هذه الخطوة بما هي مقبلة عليه المنطقة من حراك سياسي دولي من أجل السلام وتسوية القضايا الشائكة بين إسرائيل وجيرانها، وهذا ما يجلعنا نقول إن على الإسرائيليين ومن الآن وقبل أن يتوجهوا إلى مساعي السلام أن يحددو من هم؟ ونعني بذلك هل هم أولئك المقاتلين الذين يعيشون بقناعات 1948م وعقلية بن غوريون التي أسست إسرائيل على القتل وسفك الدماء؟ أم أنهم يريدون الجنوح للسلام والتخلي عن قناعات الردع والترهيب التي لم يجنوا منها وباعتراف قادتهم ومحلليهم إلا الخسائر الفادحة على الأمد الطويل.