«الجزيرة» - الرياض
توقع تقرير صادر عن البنك الأهلي التجاري أن يتواصل تصاعد الإنفاق الاستثماري في المملكة خلال عامي 2007م و2008م نتيجة لعوامل عديدة من أهمها توسع طاقات مُصدّري السلع والإنفاق الحكومي على البنى التحتية والمرافق العامة وأيضاً إنشاء المُدن الاقتصادية إضافة إلى تحرير الأسواق خصوصاً في قطاع الخدمات، كما توقع التقرير تدني حدة معوقات التمويل مرجعاً ذلك إلى تُخمة السيولة لدى البنوك وما صاحبها من انخفاض أسعار الفائدة الحقيقية وسهولة الوصول إلى تمويل الأسهم وتمويل المديونية وكذلك تيسر الوصول إلى التمويل الدولي نتيجة للتحسن المطرد في التصنيف الائتماني للدولة وللشركات السعودية.
وذكر تقرير البنك الأهلي أن المخاطر التصنيفية للاقتصاديات الكلية وللقطاع المصرفي شهدت تدنياً وصف بالتاريخي، ولم يستبعد أن يكون للأزمة الإيرانية الأمريكية أثرها في الوضع الاقتصادي لكونه سيدفع إيرادات النفط الخام إلى مستويات قياسية، وأشار إلى أن إمكانية قيام القطاع الخاص بإعادة النظر في تقديرات المخاطر مع احتمال تخفيض كبير ومؤقت في خطط الاستهلاك - الاستثمار قد يشكلان عامل تثبيط للطلب المحلي الذي يمثل المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي كما سبق ذكره.
وتوقع تقرير البنك الأهلي الذي أعده كبير الاقتصاديين بالبنك الدكتور سعيد الشيخ أن يبقى سعر النفط الخام (العربي الخفيف) عند 57 دولاراً أمريكياً للبرميل ومتوسط إنتاج يومي من النفط عند مستوى 8.8 مليون برميل يومياً (يتم تصدير 75% منها) في عام 2007. أما النمو في القطاعات غير النفطية، وعلى نحو خاص في قطاعات الإنشاء والخدمات المالية والخدمات الحكومية فتوقع التقرير بقاءه قوياًَ خلال عام 2007، ويعزى ذلك إلى قوة الإنفاق الاستثماري والاستهلاكي الخاص والحكومي.
وبحسب التقرير فإنه ورغم انعدام مقتضيات الاقتراض الحكومي والتباطؤ في ائتمان القطاع الخاص، إلا أن نمو السيولة ظل متسماً بالحيوية والنشاط. وبنهاية عام 2006، بلغ معدل النمو على أساس سنوي في الائتمان المقدم للحكومة والقطاع الخاص 0.0% و9.2% على التوالي، مقارنة بمستوى -12.9% و38.9% قبل عام من ذلك.. ولفت إلى أنه ورغم الانهيار الأول لسوق الأسهم في فبراير من عام 2006م فإن المضاربين باقون وتحولوا إلى انتهاج سياسة التداول السريع مستهدفين أسهم الشركات ذات الرسملة الصغيرة في قطاعي الخدمات والزراعة.
البنك الأهلي التجاري توقع أن يسهم الطلب الخارجي في أن يكون نمو الطلب الكلي سالباً في عام 2007م، بيد أن هذا لن يؤثر في نمو القطاع غير النفطي. كما راهن على أن الإنفاق الاستثماري عريض القاعدة سيمثل الدافع الرئيسي للنمو في عام 2007؛ فقد نما الإنفاق الرأسمالي بالأسعار الجارية في عام 2006 بمعدل 13.9%، وذلك نتيجة للنمو في الإنفاق الاستثماري الحكومي.
وتضم قائمة أقوى دوافع الطلب على الاستثمار في المملكة بحسب التقرير شركتي (أرامكو السعودية) و(سابك)، حيث تنكب الشركتان على تنفيذ مشاريع توسعة ضخمة سيتم تكملة جزء كبير منها في عامي 2008 و2009. وقد شرعت شركة أرامكو السعودية في المرحلة الأولى من توسيع طاقتها الإنتاجية من نحو 10.5 مليون برميل يومياً حالياً إلى 12.5 مليون برميل يومياً بحلول عام 2009 من خلال سلسلة من المشاريع. ومن ضمن هذه المشاريع مشروع خُريص الذي يعد الأكبر على الإطلاق.
واختتم تقرير البنك الأهلي التجاري بقوله:( ورغم ما سبق، إلا أننا قلقون من المخاطر الجيوسياسية المرتبطة بالموقف الإيراني, وفي تقديرنا أن عدم التوصل إلى حل حاسم وواضح للأزمة النووية الإيرانية لا يمكن التقليل من شأنه كمصدر خطر جيوسياسي في منطقة الخليج. ورغم أن اندلاع صراع عسكري محتمل من شأنه أن يرفع عائدات النفط الخام، إلا أن تدنياً معادلاً في ثقة المستهلكين - المستثمرين قد يكون له تأثير سلبي في النمو في الانفاق الاستهلاكي - الاستثماري، ويؤدي إلى هروب رؤوس الأموال وتقلص السيولة وحدوث حركة تصحيح في سوق الأسهم. على سبيل المقارنة، تقلص نمو الائتمان المقدم للقطاع الخاص بدرجة حادة قبيل حرب شهر مارس 2003 على العراق؛ فبعد أن نما بمعدل 10% إلى 15% على أساس سنوي خلال عام 2002، تباطأ فجأة النمو في الائتمان المقدم للقطاع الخاص إلى 4.4% على أساس سنوي في شهر فبراير من عام 2003، أي قبل شهر من الحرب، ولم يعد إلى مستواه في عام 2002 إلا في الربع الثاني من عام 2003. وعلى كلٍ، نود أن نؤكد أن حجم ومضاعفات صراع عسكري أمريكي - إيراني سوف يتجاوز بقدر كبير تلك التي نتجت عن حرب أمريكا - العراق، ومن هنا فإن التقييم السليم للمخاطر له مبرراته الملحة).