الانتصار اللبناني في نهر البارد أثبت حقيقة أن اللبنانيين موحدون في دواخلهم، وإن تفرقت بهم السبل في مجاهل السياسة وطرقها الوعرة، فقد كانت لحظة الانتصار هي أيضا لحظة لتجديد التلاقي الوطني حول الثوابت في أن يظل لبنان بعيداً عن مخاطر الحروب والإرهاب..
وهكذا أجمعت الكلمات المفعمة بالأمل من قبل رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية، بعد طي ملف نهر البارد، مشيدة بدور الجيش الذي أثبت أنه أهل للمهمة الكبرى التي أسندت إليه بإبعاد أخطار الإرهاب عن لبنان، كما شكل الالتفاف الوطني الطاغي حول الجيش نقطة أخرى لصالح التوحد من أجل إنجاز المهام على الصعيد السياسي والتي يبدو أنها أيضا تستقطب التأييد من كافة القوى على الساحة اللبنانية وبالخصوص المبادرة الجديدة لرئيس مجلس النواب حول إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها..
لقد كانت الأيام الـ 106 لمعركة نهار البارد مريرة لكنها أيضا كانت مفعمة بمعاني البطولة والفداء والصبر ونكران الذات، مع مساندة شعبية للجيش اللبناني كان لها أثر كبير في مواصلته مهمته، وفي حصر القتال في النطاق الضيق على مساحة نهر البارد، وذلك على الرغم من محاولات المحاصرين من جماعة فتح الإسلام لنقل المعركة إلى أماكن أخرى من أجل إغراق لبنان في دوامة جديدة من العنف.. وكل ذلك يعكس وعيا كبيراً من قبل كافة القوى اللبنانية بضرورة استئصال هذه الجماعة وعدم السماح باستشراء أخطارها خارج نطاق المخيم، وفي ذلك نجاح وأيما نجاح للبنان بكامل تشكيلته السياسية والطائفية المتعددة الألوان والمشارب، حتى وإن كانت الأزمة السياسية بين المعارضة في ذروة تعقيداتها..
وسيكون من المهم استيعاب دروس نهر البارد لتقوية اللحمة، وذلك من خلال السماح باستمرار ذات الروح الوطنية الموحدة من أجل إنجاز استحقاقات المستقبل القريب والتلاقي حول أسس أشد متانة، تضع نصب عينيها أن الذين أرادوا سوءا بلبنان قد يكررون فعلتهم، وإن الضمانة تبقى دائما في لبنان الموحد في وجه كل المؤامرات..
وكان جديرا أيضا بالملاحظة التأمين على سلامة العلاقة الفلسطينية اللبنانية، وذلك على الرغم من أن ميدان المعركة هو مخيم فلسطيني في أرض لبنانية، فقد كان للوعي أيضا هنا دور محوري وهام في الفصل بين ما يجري من قبل الجماعة الإرهابية التي استثمرت وجودها في المخيم لتبني قوتها العسكرية والحربية، وبين قاطني هذا المخيم، وذلك على الرغم مما يكتنف الوجود الفلسطيني من تعقيدات ومن أحداث سابقة كان يمكن استعادتها من باب التصعيد.
****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244