ملامح االسلام الشامل في السودان ربما بدأت تأخذ شكلها الأخير، لكن العملية تبدو عسيرة التقدم، فمع إنجاز بضع خطوات إلى الأمام يحدث بعض التراجع، ومع ذلك فإن الجهود تتواصل مع مصاعب هنا وهناك، وكان آخر اللاحقين بقطار السلام مقاتلو جبهة الشرق التي تبوأ زعيمها منصب مساعد للرئيس السوداني..
وفيما يتصل بدارفور فإن المراقبين ينظرون إلى الاتفاق الذي تم إبرامه مطلع أغسطس المنصرم بين عدة فصائل مسلحة على أنه خطوة مهمة لتوحيد تلك الفصائل من حول رؤية تفاوضية موحدة مع الحكومة، وهي المفاوضات التي يتوقع انعقادها في غضون شهرين من الآن برعاية الاتحاد الإفريقي، لكن يبدو أن توقعات الكثيرين بأن هذه الخطوة محفوفة بالكثير من المخاطر هي توقعات تسندها التطورات على أرض الواقع..
فالهجوم الذي شنته إحدى تلك الفصائل على موقع حكومي في ولاية كردفان المجاورة لدارفور الأسبوع الماضي الذي أسفر عن مصرع 60 شخصاً معظمهم من قوات الشرطة ربما أعاد الأوضاع إلى مربعها الأول، وذلك على الرغم من تصريحات حكومية ومن قبل الفصائل أنها مصممة على التوجه إلى المفاوضات القادمة..
وكانت المخاوف تدور حول إمكانية حدوث تطورات تقضي على الخطط الخاصة بالمفاوضات، ويقول المسلحون: إن هجومهم الأخير يأتي رداً على قصف حكومي لمواقعهم، وفي كل الأحوال يبقى من المهم توافر إرادة المضي قدماً نحو المفاوضات طالما أن الجميع يعرف أن المخاطر محسوبة ومتوقعة، ومع ذلك فإن السماح بالانزلاق إلى معارك أخرى كبرى قد يقضي على أي أمل للسلام في المستقبل المنظور..
وتبدو دارفور الآن هي النقطة العصية على الحل، فلم يبق إلا هي بعد انضمام مقاتلي الشرق لمسيرة السلام، وفي الجنوب تسري اتفاقية السلام رغم المصاعب التي تبرز في بعض مفاصلها، وبصفة خاصة حول ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب، إلى جانب تبادل التصريحات التي قد تبدو حادة أحيانا بين الساسة في الشمال والجنوب، لكن وبصفة عامة تظل الاتفاقية صامدة حتى الآن بعد حرب العشرين عاماً التي قد تشكل في حد ذاتها الضمانة الأكبر للتمسك بالسلام بالنظر إلى الهدر الإنساني والاقتصادي خلال عقدين من القتال، وأهوال لا تزال ذكرياتها المريرة في الأذهان بالدرجة التي تجعل السودانيين بمختلف مشاربهم يمقتون تكرار التجربة، ويفضلون حتى الانفصال بدلاً من العودة للقتال، إذ إن اتفاقية السلام الموقعة عام 2005م تنص على إجراء استفتاء في نهاية الفترة الانتقالية حول بقاء السودان موحداً أو انفصال الجنوب.
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم
أرسلها إلى الكود 82244