حين هبطت كارثة الأسهم في شهر فبراير من عام 2006 على الاقتصاد السعودي قال أحد البسطاء ممن لم تمزق سهام السوق جيوبهم وبلهجة شعبية عفوية: (جعلهم ما يعقبون السوق!!)، أي لا يتجاوزنه إلى غيره من مناحي الاقتصاد. وكان يقصد ظاهرة الهوامير، أولئك الذين استدرجوا صغار المساهمين واستخدموا أساليب الخداع والعبث والحيل لتحقيق الأرباح الفلكية!! واليوم وبعد أن أصبحت الأسعار تواصل ارتفاعاتها الجنونية دون ضوابط ما دفع البعض لأن يشتري حاجته من بعض السلع خشية أن ترتفع أسعارها في الغد, نستعيد مفهوم الهوامير والتلاعب الذي لم يكتفِ - وللأسف- بسوق الأسهم وفراش أحلام الثراء السريع، فتجاوز ذلك إلى أقوات الناس وموائدهم وقوت عيالهم. والعجيب أن أسباب انهيار سوق الأسهم وقعت على البسطاء بتحميلهم مسؤولية ضعف الثقافة الاستثمارية والطمع والجشع والجهل وأشياء كثيرة أخرى، ولم يقدم أحد تفسيراً واضحاً لما حدث، ولا مسؤولية يتحملها أي طرف... وها هي القصة تتكرر مع مواصلة الأسعار الصعود ليتجدد الطرح فينصب على البسطاء بأنهم لا يجيدون التسوق وإدارة دخولهم ومصروفاتهم! وبين الأزمتين يظل الشيء الثابت أن المواطن ملام في الحالتين وعليه أن يدفع الثمن وحده!! والسؤال الأكثر إلحاحاً: بعد عجز المحللين عن تفسير ما حدث لسوق الأسهم ومن المتسبب في ظاهرة الارتفاعات المتكررة في الأسعار التي تزداد كل صباح، هل يعقل أن لا نجد أيضاً تفسيراً لما يحدث للأسعار ليسقط الاقتصاديون في فخ التحليل الاقتصادي كما سقط محللو الأسهم سابقاً في معرفة حال السوق..؟! وإن كان لانخفاض الدولار دور في ارتفاع كلفة الواردات فكيف تفسر ارتفاعات الأسعار التي تطول السلع المصنعة محلياً خصوصاً أن الرقم القياسي لتكلفة المنتج (producer price index) يمكن أن يكشف عن مبررات الارتفاع المفروضة على المنتج بسبب التكلفة!!
والسؤال، هل يمكن قبول استمرار أن تظل مشكلاتنا وأزماتنا الاقتصادية التي يتضرر منها السواد الأعظم من المواطنين دون تفسير مقنع على الأقل؟!
Eco-manager@al-jazirah.com