Al Jazirah NewsPaper Friday  31/08/2007 G Issue 12755
الاقتصادية
الجمعة 18 شعبان 1428   العدد  12755
شركات التأمين هل هي قادرة على تحقيق نتائج مالية تبرر ارتفاعات أسعارها المبالغ فيها؟
السماح للخليجيين بالتملك الحر... يشكل الاختبار الأول لاستثمارية السوق بعد التصحيح

د. حسن الشقطي

أسبوع أخضر جديد يمر به سوق الأسهم الذي تمكن مؤشره لأول مرة منذ أكثر من خمسة أشهر من اختراق مستوى 8200 نقطة. وقد كثرت العوامل المحفزة للسوق هذا الأسبوع في ضوء صدور قرار مجلس الوزراء بالسماح للخليجيين المقيمين وغير المقيمين بتداول وتملك الأسهم في السوق، فضلا عن السماح للشركات والشخصيات الاعتبارية بالتداول وتملك الأسهم أيضاً. وهو الأمر الذي يثير التفاؤل الشديد بتزايد ضخ سيولة استثمارية حقيقية خلال الأيام والأسابيع المقبلة... وقد تفاعل قطاعا البنوك والتأمين تفاعلاً إيجابياً واستباقياً (من المستثمرين المحليين) ملحوظاً منذ اليوم الأول لصدور القرار... وإذا كانت حركة قطاع البنوك تبدو منطقية في التفاعل مع القرار الجديد نظرا لتباطؤ حجم السيولة فيها وأيضا نظراً لغياب الزخم المناسب في هذا القطاع منذ فترة طويلة، إلا إن تفاعل قطاع التأمين هو الذي يبدو غير منطقي، وبخاصة في ظل تضخم المستويات السعرية لمعظم أسهمه، بل ووصولها إلى مستويات مخيفة... فهل أصبح قطاع التأمين متحفزاً للاستجابة لأي محفز في السوق؟ وإلى متى ستستمر حلقات صعود أسعار أسهمه التي حلقت في السماء؟ ومن جانب ثالث، فإن القرار الجديد للتملك والتداول الحر للخليجيين يضع السوق في محك الاختبار الأول لجاذبيته الاستثمارية بعد فترة طويلة من التصحيح... فهل ينجح فيه بالفعل؟

السوق يربح 137 نقطة بسهولة هذا الأسبوع:

أحرز المؤشر ارتفاعات متتالية على مدى كافة أيام هذا الأسبوع باستثناء يوم الاثنين الذي تراجع بنسبة طفيفة لم تتجاوز 0.2%... فقد ربح المؤشر 8 نقاط يوم السبت، ثم ربح 36 نقطة يوم الأحد، ورغم خسارته لحوالي 17 نقطة يوم الاثنين، إلا إنه ارتد مرة ثانية يوم الثلاثاء ليربح 47 نقطة، واستكمل مساره الصاعد يوم الأربعاء بريح 64 نقطة. أي أن المؤشر بإغلاقه في هذا اليوم عند 8226.97 نقطة يكون قد ربح خلال كامل هذا الأسبوع حوالي 138 نقطة بنسبة 1.7%.

محفز إضافي في سياق مسار صاعد...

البعض ينتقد المسار الأفقي أو الصعود المتباطئ، ولكنه في حقيقة الأمر يعتبر الضمان ربما الوحيد ضد الهبوط القوي سواء لجني الأرباح أو لأي ضغوط أخرى. وتعتبر الـ 138 نقطة التي أحرزها المؤشر هذا الأسبوع من أسهل النقاط التي كسبها منذ بداية مساره الصاعد، وذلك رغم معرفتنا بأنه لا يكاد يخترق بصعوبة شديدة مستوى الـ 8100 نقطة. كما أنه خلال مساره الصاعد لم يجنِ أرباحاً بقوة حتى هذه اللحظة... إن هذا الارتفاع ليبدو ملفتاً للنظر عندما يربط بالسماح للخليجيين بالتملك والتداول في كافة أسهم السوق ومن ثم توقع ضخ سيولة قوية في السوق... فالجميع يعلمون أن المحفزات القوية تأتي في أوقات الأزمات أكثر منها في أوقات الرخاء... والسوق يعيش رخاء وسيُعزز هذا الرخاء بسيولة قوية وبخاصة في القطاعات الاستثمارية مثل البنوك .. فماذا وراء هذا المحفز الجديد؟

قرار السماح للخليجيين بالتملك والتداول الحر:

إن القرار الجديد يكاد يكون إيجابياً بشكل كبير في مضمونه المباشر نتيجة مساهمته في ضخ قدر كبير من السيولة الاستثمارية الجديدة، والتي قد تزيد من توجيه السوق ناحية المسار الاستثماري الحقيقي بدون الاحتياج للعمليات المضاربية لإنعاش السوق... ولكن بجانب ذلك، فإن هذا القرار هو نفسه قد يساعد على ازدياد حدة المضاربات... ولا يخفى الآن أن المستثمرين الخليجيين أصبحوا من أبرع المستثمرين في المنطقة العربية والآسيوية، ويسعون بجد نحو تحريك (بل وسرعة تحريك) رؤوس أموالهم بشكل ساخن يدر أعلى عائد ممكن... لذلك فإن هذا القرار سيزيد من المهام الرقابية وقدر المسئولية التي تلقى على عاتق هيئة السوق.

السعي نحو جذب سيولة استثمارية

حقيقية للسوق... هو الهدف:

إن هذا التملك والتداول الحر للخليجيين يمكن تقصي أسبابه ودوافعه فيما يلي:

1- التفاعل مع قرارات مجلس التعاون الخليجي بمزيد من الاندماج الاقتصادي.

2- أن السياسة الرئيسة التي ظهرت منذ بداية المسار الإصلاحي للسوق في فبراير 2006 هي إصلاح وانفتاح، بدأت بالسماح بالتداول للخليجيين ثم للمقيمين، والآن التملك والتداول الحر للخليجيين..

3- لا يخفى على أحد أن اقتراب بعض الاكتتابات الأخيرة من الفشل أو ضعف معدلات التغطية في بعضها الآخر كان مؤشراً قوياً للبحث عن مصادر جديدة للسيولة.

4- أن لدى هيئة السوق عدد نتوقع أن يفوق الـ 100 شركة تنتظر الركوب في قطار الاكتتابات الجديدة، يقدر الحد الأدنى لحجم الإصدار فيها بحوالي مليوني سهم في حين يصل الحد الأقصى ربما إلى أكثر من الـ 1000 مليون سهم، على سبيل المثال مصرف الإنماء.

5- إن السوق بمتداوليه الحاليين أصبح لديه هاجس حقيقي بتوجه المؤشر إلى الهبوط التصحيحي من جديد، وبالتالي فإن أي جني أرباح قد يقود المؤشر إلى الهبوط وربما يصبح بسهولة هذا الهبوط ركوداً جديداً، الأمر الذي يتطلب سيولة ومتداولين جدد لإنعاش السوق وازدياد حمية حركته الطبيعية.

التداول الحر للخليجيين... سيولة تعزيزيه وضمان لنجاح الاكتتابات المقبلة:

هناك أمور متتالية حدثت بالسوق خلال الشهرين الماضيين ينبغي الربط بينها لتفهم ماذا سيحدث في المستقبل القريب... ومن أهمها: اضطراب معدلات التغطية في بعض الاكتتابات على الأقل خلال الأيام الأولى ومن أبرزها المملكة القابضة وجبل عمر... أيضاً الانخفاض المثير في عدد المكتبيين في الأطروحات الجديدة من فترة لأخرى على مدى العام الماضي، ففي حين بلغ عدد المكتتبين في اعمار المدينة الاقتصادية حوالي 10.2 مليون مكتتب، فإن هذا العدد لم يتجاوز 3.8 مليون في كيان و4.8 مليون في جبل عمر... ثم الضعف التدريجي في السيولة المتداولة في السوق على مدى فترة طرح أسهم التأمين والمملكة القابضة، حتى وصل حجم السيولة اليومية المتداولة إلى مستوى 4.2 مليار ريال في بداية شهر يوليو، وهو مستوى متدنٍ ويوحي بتدهور حال السوق ككل، تلا ذلك وربما اضطرت هيئة السوق لإيقاف قطار الاكتتابات تماماً حتى تجد حلاً لهذه المشكلة... هنا بدأ المسار الصاعد غير المتوقع... ثم الآن صدر قرار السماح للخليجيين بالتملك والتداول.. وخطوة قريبة ومتوقعة هي السماح للخليجين بالاكتتاب... وحتى وإن لم يُسمح لهم بالاكتتاب، فإنه سيُعول عليهم كقوة رئيسة في ضخ السيولة وتحريك التداول أثناء أية اكتتابات تطرح بالسوق وتنشغل فيها سيولة المواطنين.

هل سينجح السوق في الاختبار الأول لجاذبيته الاستثمارية ؟

إن القرار الجديد بالسماح للخليجيين بالتداول والتملك الحر إنما يمثل الاختبار الأول للجاذبية الاستثمارية للسوق في ثوبه الجديد بعد التصحيح... إن كل ما حدث من تصحيح للمسار الانحرافي الذي تسبب في خسائر مهولة للمتداولين... إنما تتجلى نتائجه في مدى ما سيحققه من نجاح في جذب المستثمرين الخليجيين مع السماح لهم بالتملك والتداول الحر في كافة أسهم السوق... إن الأمر ليس مجرد قرار لجذب هذه الشريحة من المستثمرين ولكنه في حقيقته مرحلة نحو الانفتاح على الاستثمار الأجنبي... بالطبع إن نجاحه في هذه المرحلة تؤكد أنه أصبح مهيأ وربما في أي لحظة ليخطو ناحية مزيد من الانفتاح. ولكن أي تباطؤ أو تقاعس من قبل شريحة المستثمرين الخليجيين قد يعزز فرضية أن السوق في حاجة لمزيد من التصحيح الجديد... بل أن التصحيح في مرحلة ما بعد الدخول الحر للمستثمرين الخليجيين قد تقل حدة الخسائر فيه عنه بدونهم ....

هل سوق التأمين سيتسع أم سينقسم على نفسه؟

إن تساؤلاً هاماً بات يطرح نفسه مؤخراً حول السوق التأميني الحالي، وهو: هل سوق التأمين سيتوسع أم أنه معرض للانقسام على نفسه بين الشركات الجديدة والشركة القديمة؟ إن شركة التعاونية للتأمين تكاد تحتكر السوق حتى فترة ما قبل طرح الشركات الجديدة منذ بداية هذا العام... فالتعاونية تكاد تكون الشركة الوحيدة التي تعمل بشكل نظامي بالسوق منذ 1987 تقريباً... وبالتالي فإنها تسيطر على الحصة الرئيسة في السوق... مثلها في ذلك مثل شركة الاتصالات التي كانت تحتكر سوق الاتصالات حتى جاءت موبايلي وبدأ السوق ينقسم على نفسه لقسمين... قسم للاتصالات وقسم لموبايلي... وهنا حدث أمرين:

الأول : حدوث توسع في إقبال شرائح جديدة من العملاء نتيجة المنافسة وانخفاض الأسعار.

الثاني: حدوث انتقال لشريحة من عملاء الاتصالات إلى موبايلي نتيجة الحرب الشرسة في الأسعار.

وينبغي معرفة أن سوق التأمين ليس هو الاثنى عشرة شركة المدرجة حالياً في السوق فقط، وإنما سيضم قريباً حوالي 22 شركة جديدة يتوقع أن تطرح لاحقاً. وعليه، فإننا نتوقع سيناريوهاً شبيهاً لسوق الاتصالات في حرب التأمين التي أوشكت على البدء... فشركات التأمين جميعها ستتصارع على الحصول على أكبر شريحة سوقية ممكنة من الحصة الرئيسة التي تمتلكها التعاونية، ومن جانب آخر... فإن الجميع بما فيهم التعاونية سيتصارعون أيضاً للحصول على نصيب من الحصص السوقية الجديدة غير المستغلة، وبخاصة في تأمينات الحياة... فكيف ولمن ستكون الغلبة؟

ما حدود التوسع في قطاع التأمين؟

في ظل الارتفاعات المهولة لأسعار أسهم شركات التأمين والتي كان أبرزها ارتفاع السعر السوقي للأهلي تكافل بحوالي 2360% على مدى أسبوعين.. يثار التساؤل حول: هل فعلاً شركات التأمين قادرة على النمو السريع ومن ثم تحقيق نتائج مالية ممتازة تبرر الزيادة القوية في أسعار أسهمها السوقية؟ هل العملاء المحليون سيستجيبون بسرعة وبقوة لنداءات شركات التأمين للإقدام على شراء منتجاتها الجديدة؟ نعم هناك سوق غائب في التأمين المحلي وهو سوق التأمين على الحياة وهناك تأمينات أخرى غيرها غير مدركة بالسوق تماماً... وتتغنى شركات التأمين بأنها مقبلة على سوق به طاقات هائلة لم تكن مستغلة في الماضي ولم تستغل حتى في الحاضر... ولكنها هل ستتمكن فعلاً من استغلالها في المستقبل القريب؟ ومتى سيكون ذلك؟ إن تأمينات الحياة التي تعول عليها شركات التأمين يتوقع أن تتحرك ببطء شديد نظراً لوجود أفكار ومعتقدات تتعارض مع انتشار مثل هذه التأمينات... بل حتى مع قبول فرضية قدرة شركات التأمين الجديدة على استغلال الفجوات السوقية غير المستغلة... فهل هذه الفجوات يمكن أن تصل معها هذه الشركات إلى تحقيق أرباح ونتائج مالية توازي تلك الارتفاعات الباهظة في أسعارها السوقية؟

المحك القادم للمؤشر:

البعض يعتقد أن المؤشر باختراقه لمستويات مقاومته الصعبة عند 8100 و8200 نقطة، فإنه يكون قد اجتاز كافة الصعوبات التي كانت تواجهه في الماضي، وأنه قد اخترق حاجز التصحيح بلا عودة... إلا إن الحكمة تستدعي التروي قليلاً في الأخذ بهذه المعتقدات... فالاختبار الحقيقي للمؤشر ليس فقط اختراق هذه المقاومات، ولكن في المقدرة على العودة إليها حال حدوث جني أرباح حقيقي وقوي بنقاط تزيد عن 200 نقطة... أي أن الاختبار الحقيقي للمؤشر إنما يتمثل في قدرته على تجاوز الجني الحقيقي لأرباحه خلال هذا الشهر، فكافة المرات التي جني فيها المؤشر أرباحه كانت طفيفة حتى الآن... بالتحديد، يتوقع أن يأخذ الجني الطبيعي للأرباح المؤشر إلى مستوى 7800 إلى 7900 نقطة... هنا يكون الاختبار الحقيقي .. فإذا تمكن المؤشر من العودة مرة ثانية لمستويات ما فوق 8100 نقطة فإنه يكون قد تعافى نهائيا من كبوته... وأن حركته أصبحت طبيعية في الصعود والهبوط وجني الأرباح.

محلل اقتصادي ومالي

محلل اقتصادي ومالي








Hassan14369@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد