الإحصائيات التي ترد عن حوادث المرور في المملكة مفزعة للغاية؛ فقد تجاوزت الخطوط الحمراء بمراحل. وعلى الرغم من كل الجهود لمحاولة الحدّ منها، وكل المبالغ التي صرفت في الدراسات حولها، والحملات المرورية التوعوية، إلا أنها تزايدت في السنوات الأخيرة، متسببة في خسائر بشرية كبيرة، واقتصادية هائلة؛ فهي - بحق - وباء، كما أطلقت عليها منظمة الصحة العالمية.
فمنذ 1415هـ خسرنا قرابة خمسين ألف إنسان و400 ألف مصاب بسبب الحوادث المرورية، هذا عدا الخسائر المادية الناتجة عنها، والتي تكلف المملكة سنوياً بـ 21 مليار ريال.
وإذا ما قيست إحصائيات الحوادث في المملكة بغيرها من دول العالم لاتضحت المأساة بشكل أكبر؛ فمشاكل المرور في المملكة أسوأ منها في أوروبا بخمس عشرة مرة، كما أن معدلات فاقد الناتج الوطني بسببها تصل عندنا إلى 4.7 في المئة، بينما لم تتجاوز نسبة 1.7 في المئة في كل من أستراليا وإنجلترا وأمريكا. وتقول بعض الإحصائيات الرسمية إن هناك 6 إصابات لكل 8 حوادث في المملكة، بينما النسبة العالمية هي إصابة واحدة فقط لكل 8 حوادث.
ولا شك أن الخسارة البشرية تزداد في فئة الشباب؛ فهم الدعامة الاقتصادية الكبرى في بلادنا، وهو ما يمثل عبئاً كبيراً على المملكة. وللأسف أن معظم الحوادث تعود إلى أسباب توعوية؛ فكثير من شبابنا يقود سيارته بسرعات جنونية؛ الأمر الذي جعل السرعة سبباً لـ34 في المئة من مجمع الحوادث المرورية، وإذا ما أضيفت إليها مخالفات قطع الإشارة في النسبة تصل إلى 40 في المئة.
لا بدّ من تغيير الخطط أو تعديلها ما دام أنه لم ينتج عنها في السابق علاج ناجع للمشكلات المرورية، التي هي في تزايد، وإلا فإن هذا يعني أن المصروفات التي تنفق عليها هي من قبيل زيادة العبء الاقتصادي دون مردود نافع، فضلاً عن أنها مضيعة للوقت. وهذا التغيير يجب أن يستند إلى دراسة نواحي القصور في هذه الخطط وتقويم جوانب النقص فيها؛ حتى لا تكون الخطط القادمة تكراراً لأخطاء الماضي؛ لأن ذلك يعني مزيداً من القتلى والمصابين.